تأتي هذه المحاضرات تزامنا مع التحولات الاقتصادية وسياسات الإصلاح التي تشهدها الدول اليوم تحديدا الجزائر، التي تتجه إلى الأخذ باقتصاد السوق ع، أين تظهر معالم الربح السريع الذي تقابله الوسائل غير المشروعة هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فان الجرائم الاقتصادية وان لم تكن وليدة التكنولوجيا وأن جذورها ضاربة في التاريخ ، فإنها أصبحت اليوم شاغلا مقلقا، لكون أساليب عمل الجماعات الإجرامية أضحت أكثر تطورا وتسارعا باستخدام الانترنت كأداة لاقتراف الجريمة  بالمقارنة مع النصوص التي تحاول احتواءها.  إذ مع الوتيرة المتسارعة للتطورات التكنولوجية من الصعب إعداد التنبؤات للأشكال الجديدة للجرائم الاقتصادية . فمن المتوقع أن يزداد نشاط الجرائم الاقتصادية في ظل العولمة باستخدام أنماط جديدة منها ،نظرا لأن من أهم مظاهر العولمة زوال الحواجز الاقتصادية بين الدول و شيوع النشاط الإجرامي العابر للحدود ،مما يجعل الجريمة عامة متعولمة خاصة منها الاقتصادية التي تنتعش في بيئة التطورات .


وبناء على ما سبق تقسم المحاضرة الى فصلين أساسيين  :

يتضمن الفصل الأول منها الإطار النظري للجرائم الاقتصادية ; والذي نوضحه من خلال مفهومها وذلك بالتعريف بها وتبيان تطورها التاريخي خصائصها،  أسبابها و آثارها ، هذا من جهة . ومن جهة أخرى نبرز ما تنفرد به من طبيعة قانونية من خلال دراسة أنواعها والمناهج التشريعية المعتمدة لمواجهتها ونطاق سريان النصوص المنظمة لها .

فيما نخصص الفصل الثاني لتطبيق عناصر النموذج القانوني للجريمة عموما  على الجرائم الاقتصادية ; من خلال مبحثي المسؤولية الجزائية بما في ذلك من أركان للجريمة ومدى خصوصيتها في نطاق الجرائم الاقتصادية ، والسياسة العقابية التي تتضح من خلال أنماط العقوبات المطبقة عليها وكيفية إعمالها حتى تحقق الردع الكافي .