كان لكبر حجم الشركات، وتوسع نشاطاتها، وانفصال الملكية عن التسيير الذي يبرره الإطار المفاهيمي لنظرية الوكالة، وما انجر عن هذه التغيرات في بيئة الأعمال المحلية والدولية من فضائح، وأزمات مالية، وانهيارات لشركات لها سمعة قوية   في النشاط الاقتصادي، و التوجه إلى محاولة إعادة الثقة في القائمين على تسيير هاته  الشركات. وعليه وفي ظل هذه الظروف المحيطة بالمؤسسات ،فإنه لابد لهذه الأخيرة أن تكرس مفهوم الحوكمة  في نشاطاتها للمحافظة على حصتها السوقية وتطويرها، فكان الدافع لبروز مفهوم حوكمة الشركات بقوة وفرض نفسه كضامن حقيقي لتجنب تعارض المصالح وحماية حقوق مختلف الأطراف أصحاب المصلحة.

 ومنه بعد سلسلة الانهيارات والفضائح المالية والاقتصادية ، أصبح الاهتمام الكبير بموضوع حوكمة الشركات ضرورة حتمية في كل الاقتصاديات والقطاعات، حيث  تعاظم الاهتمام بمفهوم حوكمة الشركات في العديد من الاقتصاديات المتقدمة والنامية خلال السنوات الماضية. كما أن مفهوم حوكمة الشركات قفز الى صدارة الاهتمامات وأصبح قضية رئيسية بالنسبة الى مجتمعات الأعمال في ضوء الأزمات المالية الاقتصادية العالمية . فحوكمة المؤسسات ليست غاية في حد ذاتها بل هي وسيلة من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف تتمثل بشكل أساسي في إدارة المؤسسات و مراقبتها بما يضمن حقوق أصحاب المصالح فهي تسعى لتعظيم المصلحة العامة على عكس المنفعة الشخصية ،و تعمل على الحد من استخدام السلطة الادارية من غير مصالح مساهمين وتعمل على تفعيل أداء مجالس الادارة في تلك الشركات وتعزيز الرقابة الداخلية ومتابعة تنفيذ استراتيجيات المؤسسة، بالإضافة الى استعادة ثقة مستخدمي المعلومات المالية في القوائم المالية المفصح عنها من قبل الشركات.

  كما أصبح موضوع حوكمة الشركات من الموضوعات التي تستأثر باهتمام رجال الفكر والباحثين والمساهمين وغيرهم من أصحاب المصالح، حيث أقيمت لذلك العديد من الملتقيات الوطنية والدولية للإلمام هذا المفهوم وإرسا الإطار المرجعي له، وفي هذا الصدد قامت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بإصدار مجموعة من المبادئ والإرشادات بخصوص حوكمة الشركات لأجل مساعدة الحكومات في تقييم وتطوير الإطار القانوني والتشريعي والتنظيمي للحوكمة، وإمدادهم بدليل عمل يستعمل اليوم كمرجع أساسي في أغلب التشريعات والقانونين الوطنية الخاصة بحوكمة  الشركات

انطلقا مما سبق ارتأينا إلى تقديم هذه المحاضرات التي عالجت موضوع حوكمة الشركات، إلى الباحثين في هذا الموضوع والطلبة  ككل ،ليكون أساس يمكن الاستناد عليه لتكوين فكرة عامة وأساس نظري حول حوكمة الشركات،وذلك من خلال  تطرقنا للمحاور الرئيسية التالية:

-       المحور الأول :المقاربات النظرية في حوكمة الشركات

-       المحور الثاني:الاطار النظري لحوكمة الشركات

-       المحور الثالث: النماذج الدولية في مجال حوكمة الشركات .

-       المحور الرابع: واقع حوكمة الشركات في الجزائر.

-       المحور الخامس: المحاسبة كمدخل لتحقيق حوكمة الشركات.

-       المحور السادس: المسؤولية الاجتماعية للشركات