مؤشرات مجتمع المعرفة:
هناك تنوع على مستوى المؤشرات التي يمكن من خلالها قياس مجتمعات المعرفة، ومدى بلوغ أي مجتمع لهذه المرحلة، وهذه المؤشرات تتراوح بين ما هو علمي واجتماعي ثقافي وسياسي واقتصادي وحتى تكنولوجي ويمكن الوقوف عند هذه المؤشرات كالتالي:
• مؤشرات علمية:
هذا النوع من المؤشرات يرتبط بحجم الإنتاجية العلمية والتفوق العلمي الذي يحوزه المجتمع، ويمكن أن ترتبط به المؤشرات التي يمكن من خلال قياس هذا المتغير وهي:
- عدد الأبحاث الأولية وعدد الأبحاث المتقدمة.
- عدد العلماء والمهندسين العاملين في الأبحاث التي تستهدف تطوير المجتمع.
- حجم الإنفاق على البحث العلمي مقارنة بالناتج الإجمالي.
- عدد براءات الاختراع المسجلة في المجتمع والتي يحصل عليها العلماء.
- حجم التواصل الفعلي والمتوقع بين الأبحاث والتنمية المجتمعية ومدى دعم السلطات والحكومات للبحث العلمي وتبني نتائجه.
- عدد الكتب العلمية المترجمة من لغات مختلفة إلى لغة المجتمع الأصلية.
- تنوع التخصصات العلمية والتكنولوجية.
• مؤشرات تكنولوجية:
ترتبط هذه المؤشرات بالتكنولوجيا الحديثة لا سيما ما تعلق بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات سواء تعلق الأمر بناحية إنتاجها أو استخدامها ومن أبرز المؤشرات في هذا الصدد ما يلي:
- وجود نسبة أرباح إنتاجية عالية وبالأخص في مجال المعالجة والتخزين وتبادل المعلومات.
- ظهور وازدهار صناعات جديدة مرتكزة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على غرار وسائل الإعلام المتعددة التجارة الإلكترونية الصناعة القائمة على الشبكات وغيرها.
- مؤشر عدد الهواتف الثابتة والنقالة المستخدمة من قبل أفراد المجتمع واتساع شبكات الاتصالات من حيث معدل تدفق البيانات من خلالها.
- مؤشر عدد الحواسيب ومستخدمي الانترنت وحيازة الأجهزة الإلكترونية مثل الفاكس والهواتف وغيرها المستعملة من طرف الأفراد والمؤسسات والجماعات.
- عدد تراخيص استخدام التكنولوجيا المستوردة منها أو المصدرة وحجم صادرات منتجات التكنولوجيا. مدى توفر البنية التحتية لمجتمع المعلومات، ومدى تأهل الأفراد والأسواق مع النقلة النوعية لمجتمع المعلومات.
- مؤشر عدد وسائل الإعلام الجماهيري المستخدمة من أجهزة راديو وتلفزيونات وصحف ومجالات محلية بالإضافة إلى وسائل الإعلام العالمية كوكالات الأنباء العالمية والبرامج التلفزيونية المستوردة.
- مؤشر تصفح المواقع الإخبارية أو الطبعات الإلكترونية للصحف عبر الانترنت.
• مؤشرات اجتماعية ثقافية:
وهذه المؤشرات على صلة وارتباط بالنمو الحاصل في الجانب العلمي والثقافي لدى أفراد المجتمع، ويمكن الوقوف عند هذه المؤشرات كالتالي:
- بروز الوعي المعرفي لدى أفراد المجتمع، ويتجلى من خلال توجه الجميع للحصول على المزيد من المعلومات والمعارف والخبرات والمهارات في شتى المجالات وعدم التفوق في تخصص بعينه.
- ضرورة إتاحة فرصة الحصول على المعلومات والمعارف بالنسبة لجميع الأفراد في المجتمع كحق من حقوق المواطنة انطلاقا من مبدأ "المعرفة للجميع" حيث إنها ليست حكرا لفرد دون آخر، ويتجلى هذا في انتشار مراكز عقد الدورات التدريبية لجميع الأفراد في كل مكان وفي كل التخصصات التي يحتاجها مجتمع المعرفة كالتدريب على الحاسب الآلي واللغات الأجنبية وغيرها.
- الارتفاع في مستوى معيشة الأفراد، ورفع مستوى الرفاهية الاجتماعية للأفراد داخل المجتمع.
• مؤشرات اقتصادية:
ترتبط المؤشرات الاقتصادية بجانب النمو الاقتصادي في مجتمع ما، وتتجلى هذه المظاهر في التالي:
- اعتبار المعلومات والمعرفة بأنها السلعة أو الخدمة الرئيسية، وأنها هي مصدر القيمة المضافة، حيث تصبح المعرفة والموارد البشرية المتعلقة والمتدربة من أهم موارد الإنتاج.
- إنجاز الأفراد لجميع الأعمال تكنولوجيا عن طريق الحاسوب والانترنت أي تحويل جميع القطاعات والمصالح إلى قطاعات ذكية.
- السرعة في إنجاز الأعمال والقضاء على البيروقراطية مع انخفاض تكاليف الإنجاز من خلال الاعتماد بصورة أكبر على الحاسبات الآلية كبديل عن الأفراد.
• مؤشرات سياسية:
هذا النوع من المؤشرات يرتبط بمدى انتشار الوعي السياسي لدى أفراد المجتمع، ومدى معرفتهم الدقيقة بالحقوق والواجبات المترتبة عليهم، ويمكن الوقوف عند هذه المؤشرات من خلال التالي:
- سيادة وانتشار الثقافية والوضوح السياسي بين الحاكم والمحكوم الأمر الذي يساعد على نشر الحرية الفكرية وحرية إبداء الرأي والإرادة القوية، والقضاء على الفساد والانحراف، وسيادة روح المواطنة والولاء والانتماء.
- تعزيز الإصلاح السياسي الهادف إلى التحول من الشمولية السلطوية ومن القهر السياسي إلى الديمقراطية وممارسة الحريات.
- بعد تحقيق المجتمع للثقافية وهذا الإصلاح المنشود يشترك جميع أفراد المجتمع في صناعة القرارات الإستراتيجية والمصيرية لهم.
معيقات بلوغ مجتمع المعرفة:
هناك العديد من المعيقات التي تحول دون بلوغ مستوى مجتمعات المعرفة وهي عديدة ومتنوعة وقد توجد في أي مجتمع بنسب متفاوتة خصوصا المجتمعات النامية، وتعد عملية تذليل هذه المعيقات في حد ذاتها من متطلبات إقامة دعائم مجتمع المعرفة، ويمكن تعديد هذه الصعوبات في النقاط التالية:
أ- معوقات تكنولوجية:
- عدم القدرة على مواكبة التطور التكنولوجي السريع، مما يزيد حدة الفجوة التكنولوجية داخل بعض المجتمعات. - تنامي الاحتكار التقني، حيث أن التقنية تصبح حكرا على البعض دون البعض الآخر حتى داخل المجتمع الواحد.
- تفاقم الانغلاق التكنولوجي والتقوقع حول الذات حفاظا على سيادة الأوضاع في صورتها الاستاتيكية وخشية التغيير الذي قد يلحق بهذه المجتمعات نتيجة التكنولوجيا.
ب- معوقات اقتصادية:
- إشكالية توطين التكنولوجيا بسبب ارتفاع كلفة توطين تكنولوجيا المعلومات، حيث أن مراجعة التحديات التي تفرضها التقنيات الجديدة في مجال النمو الاقتصادي في مجتمع المعرفة، يمكن ملاحظة النقاط التالية:
- ابتكار نواتج وسلع وطرائف إنتاج جديدة وزوال أخرى.
- تعديل كبير في نوعية وأسعار السلع وجودتها، الأمر الذي أفقد الصناعات التقليدية القدرة على المنافسة.
- تعديلات جذرية على البرامج التعليمية ودورها وطبيعة شهاداتها.
- تعديلات جوهرية في نظام الإدارة واللامركزية الإدارية نتيجة للتطورات الحاصلة في نظم معالجة المعلومات والاتصالات الأمر الذي يسمح بالانتقال للحكومة الإلكترونية.
- تغييرات واسعة ومتسارعة في هيكلية العمالة ونوع وعدد فرص العمل المتاحة.
- الطلب المتزايد على معارف جديدة في شهادات تخرج العاملين.
- بروز فرص عمل جديدة لم تكن متاحة ضمن الاقتصاد الكلاسيكي خصوصا على مستوى الخدمات بمختلف أنواعها.
- تعديلات جذرية على هيكليات مختلف قطاعات الإنتاج وفي الدخل القومي والفردي.
- خفض عدد وظائف القطاع العام على حساب تنامي فرص العمل في القطاع الخاص.
- حدوث منافسة واسعة لمختلف السلع والخدمات والصناعات في السوق المحلية والعالمية. - تغيرات عميقة على مستوى عمل الإدارة وفي الأعمال المكتبية المتوافقة معها.
- تسارع نمو تكنولوجيات المعلومات والاتصال في الدول الغنية لأجل سد الحاجات المتزايدة لهذه التقنيات.
- تزايد عمليات الإبداع والابتكار في مجالات المعرفة والثقافة.
- الانتقال من نقل المعرفة إلى ابتكار المعرفة وزيادة قدرة الدول لاسيما النامية على ذلك وعلى تلبية الطلب من الابتكارات الجديدة.
- الانتشار الواسع للشركات الصغيرة وشركات العائلة، حيث بإمكان كل رب عائلة أن يصبح رب عمل من منزله.
ج- معوقات سياسية:
- الصعوبات المتعلقة بوضع السياسات المتعلقة بالتنمية المعلوماتية.
- الانحياز الفاضح للمنظمات الدولية إلى صف الدول الكبرى على حساب الدول النامية والتي تعاني من الفجوة المعرفية.
- سيطرة السلطة في بعض المجتمعات على مؤسسات البحث العلمي حيث يؤدي ذلك لإخضاعها لأغراضها الخاصة.
- عدم تفتح هذه الأنظمة السياسية مما يؤدي إلى فشل كل محاولا الإبداع الجاد ويقضي على فرص إنتاج المعرفة.
د- معوقات اجتماعية وثقافية:
- سوء فهم الناس للدين على الرغم من أن الدين يحض ويدعو للعلم والمعرفة. إلا أنه قد يصطدم ببعض التأويلات المتطرفة التي أضرت بالتنمية.
- حاجز اللغة خصوصا لدى عدة مجتمعات التي تستخدم اللغة العربية وتنطق بها، حيث تواجه هذه اللغة تحديات عدة حيث أن الحاجة إلى المعرفة التامة تتطلب اللغات الأجنبية كنافذة يمكن أن يطل من خلالها المجتمع على الثقافات العالمية جنبا إلى جنب مع اللغة العربية.
- نظام الدراسات العليا الجامعية الذي يعاني من اختلالات تؤثر سلبا على مخرجاته بما فيها تشكيل مجتمع المعرفة.
- قصور الرؤية المستقبلية للباحثين وانشغالهم بالأمور المعاشية.
- غياب الإمكانيات والأجهزة المساعدة في البحث.
- عدم مسايرة البحوث الجامعية للتطورات النشطة في جميع مجالات الحياة العلمية والعملية والإبداع.