محاضرة للتحميل
1. مفهوم البحث الوثائقي
1.1.1 تعريف الوثيقة:
وفق معجم المعاني تشتق كلمة "وثيقة" في اللغة من الفعل "وَثِقَ"، بمعنى ائتمن. ووَثُقَ الشيءُ أو الأمرُ أي أُحكِم، ومنها الوثيق أي المحكم. والوثيقة بمعنى المُحكَمةُ، أي الشديدة والمتينة والمنيعة. وفي المعجم الموسوعي لمصطلحات المكتبات والمعلومات(1988) عرفت الوثيقة هي "مادة من أي نوع، دون النظر الى تكوينها المادي وخواصها المادية، تسجل عليها المعلومات"(ص382)، وهي بشكل موسع كل تسجيلة لها صلة الاستمرار ويمكن قراءتها بواسطة الانسان او الالة (ص383)
وفي العصر الحديث، أصبحت كلمة "الوثیقة" تعني تسجيل المعرفة في أي شكل سواء مكتوب أو صوتي ..، وفي أي حامل يهدف الى الاستشهاد، أو التوجيه، أو إقامة الحجة، وهذا ما تؤكده ISO (https://www.qualitysystems.com/support/learning/documents-vs-records/)
2.1.1 تعريف البحث:
ويعرفه قاموس وبستر بأنه : للكشف أو العثور أو المعرفة عن طريق التحقيق أو التدقيق، وهو محاولة الحصول على أفضل فهم للتعقيدات سواء من مشكلة أو سؤال(Catherine Marshall, Gretchen B. Rossman)، بينما يرى Jennifer Mason بأنه يتناول الإجابة عن الأسئلة التالية' من، ماذا، متى، أين ، كيف، " بدلا من لماذا.( شهيب، 2021)
1.3.1-تعريف البحث الوثائقي:
البحث الوثائقي هو عملية منهجية تتضمن جمع وتحليل وتفسير الوثائق بهدف استخلاص معارف أو رؤى ذات معنى. تشمل هذه العملية مجموعة واسعة من المصادر، مثل السجلات التاريخية والنصوص الأدبية والتقارير الحكومية والمراسلات الشخصية، بالإضافة إلى الوسائط الرقمية والمحتوى على الإنترنت. كما أن البحث عن المعلومات يعد جزءًا لا يتجزأ من البحث الوثائقي، ويتطلب تحديد المعلومات المطلوبة وتحديد مكانها وتقييمها واستخدامها بشكل فعال. يشير بريمان (2016) إلى أهمية اتباع نهج منهجي في التعامل مع المعلومات، لضمان أن يكون البحث شاملاً وغير منحاز. المهارة الأساسية في البحث الوثائقي تكمن في قدرة الباحث على تحديد المعلومات ذات الصلة وسط كمية ضخمة من البيانات، وهو أمر بالغ الأهمية لبناء تحليل دقيق ومستنير.
تطور البحث الوثائقي أثار جدلاً واسعاً، خاصة في ظل تزايد أدواته وتقنياته. يشير (Johnson, 1996b, 1997a) إلى أن البحث عن المعلومات يمكن تعريفه ببساطة كعملية الحصول المستهدف على المعلومات من مصادر محددة. كما يصف كيس (2002) هذه العملية بأنها جهد واعٍ للحصول على المعلومات استجابة لاحتياج معرفي. في هذا السياق، يعرف البحث عن المعلومات على أنه سعي متعمد للحصول على المعلومات لتلبية حاجة أو سد فجوة معرفية، ويتضمن أنشطة متعددة تهدف إلى العثور على المعلومات وتقييمها واستخدامها بكفاءة، وهو ما يتطلب مهارات متخصصة تسمى "المحو الأمية المعلوماتية" (Krubu et al., 2017; Parveaz & Khan, 2022).
يصف كوهلثاو (1991) البحث عن المعلومات بأنه جهد بناء يهدف إلى استخلاص المعنى من المعلومات بهدف توسيع المعرفة حول موضوع معين. في الوقت نفسه، يشير توني راسل روز إلى أن البحث عن المعلومات هو نشاط معرفي معقد، يجمع بين استرجاع المعلومات وحل المشكلات باستخدام مهارات التحليل والاستدلال، وهي عملية متكررة تدعم البحث عن المعلومات. كما يضيف Marchionini (1995) أن البحث عن المعلومات ليس عملية مباشرة تجريبياً، بل هو عملية شاملة لحل المشكلات، تشمل تحديد المشكلة، وصياغتها، واختيار المصادر، وتنفيذ البحث، وفحص النتائج، واستخراج المعلومات المطلوبة، مما يغير حالات المعرفة من خلال المدخلات والمخرجات الهادفة والتغذية الراجعة. تتطلب العملية من الباحث تطبيق معرفته ومهاراته الشخصية.( (Chowdhury, Gibb, & Landoni, 2011
يتقاطع البحث الوثائقي مع مفاهيم أخرى مثل "البحث عن البيانات" و"استرجاع المعلومات"، حيث تعتبر جزءا من مجال أوسع يسمى "التنقيب عن البيانات"" (Data Mining). للتمييز بين هذه المصطلحات، يشير Alexie Rivier إلى أن البحث الوثائقي يتعلق بالتركيز العميق على محتوى الوثائق، حيث تتطلب الإجابة على الأسئلة المطروحة من الباحث قراءة الوثيقة نفسها، ولا يقتصر البحث على معرفة التسجيلة البيبليوغرافية فقط، بل يتعداها ليشمل تحليل الوثيقة، وبالتالي يصبح البحث عن المعطيات "recherche de données". (لبديري بودودة، 2023)
بناءً على ما سبق، يمكن تعريف البحث الوثائقي أو البحث عن المعلومات بأنه مجموعة من الخطوات المنهجية التي يتبعها الباحث للوصول إلى المعلومات من مختلف الوثائق، سواء كانت ورقية أو رقمية حديثة، بهدف الإجابة عن أسئلة معينة أو سد فجوات معرفية. يتضمن ذلك استخدام كافة المصادر المتاحة، واستخدام الأدوات والطرق التي تتيح الاطلاع على المعلومات، تصفيتها، وتحليلها، ثم استخدامها لإثبات أو نفي فرضية أو لاكتشاف معارف جديدة (بن الشعيرة، سعيدي، 2013).