محاضرة للتحميل
3. نظريات ومستويات الاحتياجات الوثائقية
تمت دراسة الحاجة إلى المعلومات من زوايا نظرية مختلفة، حيث توفر كل منها رؤى فريدة حول طبيعتها وتأثيراتها. ولذلك يمكن تحديد مستويات الاحتياجات الوثائقية من خلال مختف النظريات كما يلي:
1.3نظرية احتياجات المعلومات:
وفقا لـ Naumer (2017) تعد احتياجات المعلومات مفهومًا محوريًا في علم المعلومات، حيث تمثل الفجوات المعرفية التي تدفع الأفراد أو المجموعات إلى البحث عن المعلومات. وقد تطورت النظريات والنماذج التي تفسر احتياجات المعلومات عبر الزمن، لتعكس وجهات نظر متعددة، بدءًا من النموذج التقليدي الذي يركز على المعلومات ككيان مادي، وصولًا إلى النموذج المعرفي الذي يعتبرها عملية إدراكية، ثم النموذج الاجتماعي الذي يربطها بالسياقات الثقافية والمجتمعية.
1.1.3 النموذج التقليدي (نموذج نقل المعلومات)
يرى هذا النموذج أن احتياج المعلومات يتمثل في البحث عن كيانات مادية مثل الكتب والمقالات والوثائق. يتمحور هذا النموذج حول أنظمة المعلومات التقليدية، حيث يقاس نجاح النظام بقدرته على توفير المصادر المطلوبة.
-الخصائص الأساسية للنموذج التقليدي:
· يعتمد على فكرة نقل المعلومات كمصادر مادية.
· يركز على استرجاع الوثائق بدلًا من تحليل احتياجات المستخدم.
· يُستخدم في تقييم خدمات المكتبات وأنظمة إدارة المعلومات.
مثال تطبيقي:
عند البحث عن كتاب معين في مكتبة جامعية، يُعبّر المستخدم عن احتياج للمعلومات يتم تلبيته من خلال توافر الكتاب وإمكانية الوصول إليه.
2.1.3النموذج البنائي المعرفي (الاحتياج كعملية إدراكية)
يعتبر هذا النموذج احتياج المعلومات عملية معرفية تتشكل وفقًا للبنية الذهنية للفرد، حيث تتطور احتياجات المعلومات عبر مراحل متعددة.
أبرز المساهمات في هذا النموذج:
· طوّر تايلور (1962, 1968) نموذجًا من أربع مراحل أو مستويات يوضح كيف يتطور احتياج المعلومات تدريجيًا:
· الحاجة غير المعبر عنها، والتي قد تعكس فقط "شعورًا غامضًا بعدم الرضا"، وهو شعور "ربما يكون غير قابل للتعبير عنه بالكلمات"، وكما وصفه لاحقًا كول، فهو "غير محدد حتى بالنسبة للمستخدم نفسه" (Cole، 2015).
· المستوى الواعي هو "وصف ذهني واعٍ لمنطقة غير محددة من التردد"، والذي ينتج عن إدراك واعٍ لمشكلة تحتاج إلى اهتمام.
· المستوى المصاغ بشكل رسمي هو "تعبير مؤهل وعقلاني عن السؤال"، أي تعبير واضح عن الحاجة إلى المعلومات.
· المستوى المعدّل هو السؤال الفعلي الذي يتم توجيهه إلى نظام المعلومات (سواء كان بشريًا أو تقنيًا)
· يسهم هذا النموذج في تصميم Ruthven, I. (2018).
- أنظمة معلومات تدعم المستخدم في تحديد احتياجاته.
مثال تطبيقي:
طالب يبحث عن معلومات حول "التغير المناخي"، لكنه غير متأكد مما يحتاجه. يتطور احتياجه من مجرد اهتمام عام إلى صياغة سؤال بحثي محدد مثل: "كيف يؤثر التغير المناخي على التنوع البيولوجي؟".
3.1.3النموذج الاجتماعي (الاحتياج كسياق اجتماعي وثقافي)
يتبنى أنصار الرؤية البنائية الاجتماعية (Social Constructionist Perspective) – وهي الإطار النظري الثالث وفقًا لـ توومينين، تالجا، وسافولاينن (2002) – وجهة نظر نقدية تجاه الرؤية المعرفية، حيث يعتبرون أنها تفشل في إدراك التأثير الكبير للبيئة الاجتماعية على سلوكيات البحث عن المعلومات
يؤكد هذا النموذج على أن احتياج المعلومات يتأثر بالسياقات الاجتماعية والثقافية التي يعيش فيها الأفراد، حيث يرى الباحثون أن احتياجات المعلومات ليست فردية فقط، بل تتشكل ضمن بيئات اجتماعية مختلفة.
أبرز المفاهيم في هذا النموذج:
· يدمج احتياجات المعلومات في إطار البيئة الثقافية والمجتمعية.
· يوضح أن احتياجات الجماعات تختلف عن احتياجات الأفراد.
· يعكس الدور الذي تلعبه العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في تشكيل احتياجات المعلومات.
مثال تطبيقي:
في مجتمع يعاني من نقص الوعي الصحي، تتركز احتياجات المعلومات حول التوعية الطبية، بينما في بيئة أكاديمية يكون التركيز على المعلومات البحثية والعلمية. نموذج ويلسون للحاجة إلى المعلومات
يُعتبر نموذج ويلسون للحاجة إلى المعلومات من أكثر النماذج الشاملة التي دمجت بين النهج المعرفي والاجتماعي.
في نموذجه الثاني عام 1981، قدم ويلسون فرضيتين رئيسيتين حول الحاجة إلى المعلومات:
الحاجة إلى المعلومات هي حاجة ثانوية
أي أنها تنشأ نتيجة لحاجة أساسية، مثل الحاجة إلى الغذاء، المأوى، الصحبة، والعمل.
يمكن تصنيف هذه الحاجات الأساسية على النحو التالي:
الحاجات الفسيولوجية – الحاجة إلى الطعام، الماء، المأوى، إلخ.
الحاجات العاطفية – الحاجة إلى تحقيق الذات، السيطرة، إلخ.
الحاجات المعرفية – الحاجة إلى التخطيط، التعلم، إلخ.
يواجه الأفراد حواجز مختلفة عند البحث عن المعلومات
قد تكون هذه الحواجز شخصية، بيئية، أو نظامية، مما يجعل تلبية الحاجة إلى المعلومات أمرًا معقدًا.
في تقريره عام 1996، أشار ويلسون إلى صعوبة قياس الحاجة إلى المعلومات، نظرًا لأنها تجربة ذاتية تحدث في ذهن الفرد، وبالتالي لا يمكن ملاحظتها مباشرةً، بل يتم استنتاجها من السلوكيات أو من خلال تقارير الأفراد عن احتياجاتهم.
تميزت نماذج ويلسون بالتطور المستمر، حيث أدرك في أبحاثه بين عامي 1996 و1999 أن الحاجة إلى المعلومات ليست دائمًا دافعًا للسلوك، فقد لا يتم التصرف بناءً عليها.
توسع بعض الباحثين مثل بروس في هذا المفهوم، حيث ناقشوا الحاجة إلى المعلومات في إطار إدارة المعلومات الشخصية، بدلاً من اعتبارها المحرك الأساسي لسلوك البحث عن المعلومات. وظهرت في هذا السياق فرضية الحاجة المتوقعة إلى المعلومات (PAIN)، التي تصف صعوبة توقع الأفراد لاحتياجاتهم المستقبلية أثناء اتخاذ قرارات تتعلق بتخزين وإدارة المعلومات الشخصية.
النموذج الاجتماعي |
النموذج المعرفي |
النموذج التقليدي |
البُعد |
اجتماعية وثقافية |
إدراكية وذهنية |
مادية (كتب، وثائق) |
طبيعة المعلومات |
متأثر بالسياق الاجتماعي |
تطور عبر مراحل |
طلب مباشر |
آلية البحث |
تفاعل المعلومات مع السياق المجتمعي |
قدرة الفرد على تحديد احتياجاته |
توفر الوثائق |
قياس النجاح |
ويلسون، هجيرلاند، سافولاينن، |
تايلور، بيلكن، كولثاو |
نظام المكتبات التقليدي |
أهم الباحثين |
الجدول 01:نماذج ونظريات احتياجات المعلومات