Résumé de section

  • أرسطوطاليس

  • جامعة محمد خيضر بسكرة

    كلية العلوم الانسانية و الاجتماعية

    قسم العلوم الاجتماعية

    شعبة: الفلسفة

    المقياس:الفلسفة اليونانية

    الوحدة: أساسية

    المعامل:3

    الرصيد:5

    الجمهور المستهدف:السنة الثانية ليسانس فلسفة عامة.

    المدة:14 أسبوع

    التوقيت:الأحد من الساعة 10 الى الساعة 11 و 30د

    الاثنين من الساعة 10 الى 11 و 39د

    الأستاذ:قدور رشيد

    Email :rachid.kaddour@univ-biskra.dz

    استقبال الطلبة: يوم الأحد و الأربعاء من 11 الى 12.




  • تقديم المقياس:يعتبر مقياس الفلسفة اليونانية هاما بالنسبة لطلبة شعبة الفلسفة نظرا لارتباطه بميلاد العقل الفلسفي اليوناني، و بداية نشأة التفلسف الحقيقي، و ذلك مع الفلاسفة الطبيعيين الأوائل، فهو يسلط الضوء على جميع القضايا و المباحث التي بحث فيها العقل اليوناني، وهي مبحث الوجود، و الميتافيزيقا و القيم الأخلاقية والجمالية و المنطقية، و معرفة وجهة نظر هؤلاء الفلاسفة و خاصة أقطاب الفلسفة اليونانية سقراط و أفلاطون و أرسطو، مع تحليل أرائهم و تشريحها ونقدها، كما يجعلنا نتعرف على القضايا الفلسفية اليونانية التي كان لها أثر في الفكر اللاحق سواء عند فلاسفة الإسلام أو في الفلسفة الحديثة والمعاصرة، كنظرية التطور التي كان لها جذور عند هيراقليدس ثم إخوان الصفا في الفلسفة الإسلامية ثم عند داروين، ومبدأ الصيرورة و صراع الأضداد عند هيراقليدس و التي كان لها أثر في فلسفة كارل ماركس" المادية الجدلية".

           أهمية المقياس تتجلى  كونه يمنح للطلبة فرصة للتفتح على الفكر الإنساني اليوناني و معرفة خصوصياته، و أهم أقطابه و أهم القضايا التي عالجها هؤلاء الفلاسفة.


  • ا

    الأهداف العامة:

    -التعرف على ميلاد العقل الفلسفي اليوناني.

    -اكتساب ثقافة فلسفية تتعلق بالفلسفة اليونانية.

    -معرفة الفلسفة اليونانية كمرجعية عالمية(سواء للفكر الفلسفي الاسلامي أو لفكر العصور الوسطى أو الفكر الغربي الحديث و المعاصر))

    الأهداف الخاصة:

    الاطلاع على المباحث و القضايا التي بحث فيها فلاسفة اليونان.

    التمييز بين مرحلة قبل سقراط و مرحلة بعد سقراط من خلال القضايا التي بحث فيها الفلاسفة في المرحلتين.

    -معرفة الاختلاف القائم بين الفلاسفة اليونانيين من خلال وجهات نظرهم حول القضايا المطروحة.

    -القدرة على ربط النظريات و الأراء الفلسفية اللاحقة بأصولها اليونانية مثل نظرية التطور الداروينية أو الجدلية المادية الماركسية

  • المكتسبات القبلية: ما يجب على الطالب أن يكون مطلعا عليه:هو معرفة أليات الفكر الفلسفي و طبيعته و الاطلاع على الفكر الشرقي القديم لأن الفكر اليوناني نهل من الحضارات الشرقية القديمة.


  • مقدمة

    1-الميثولوجيا اليونانية:

    أ-الديانة الأورفية

    ب-ديانة الوسيس

    ج-الحكماء السبع

    2-الفلاسفة الطبيعيون الأوائل

    أ-طاليس

    ب-انكسيمندريس

    ج-أنكسيمانس

    د-هيراقليدس

    *-الخاتمة


  •  

     المقدمة  

    لم يولد الفكر الفلسفي كاملا بل كان ثمرة جهود متواصلة من تفكير الإنسان الشرقي القديم ، فالفكر الإنساني كائن حي ينمو ويتطور باستمرار، بحيث يمكن القول أن الحضارات الشرقية القديمة البابلية والفرعونية والهندية والصينية تمثل مرحلة الطفولة في الفكر البشري بينما الحضارة اليونانية تمثل مرحلة الشباب، وهكذا تكون العبقرية اليونانية ليست وليدة العدم بل كانت نتيجة الاحتكاك الثقافي والحضاري بهذه الثقافات، و لما كان الإنسان حيوان ميتافيزيقي أو ماورائي كما قال "شوبنهاور" كان عليه أن يطرح تساؤلات عن أصل الأشياء الموجودة حوله و عن أسباب الظواهر المحيطة به وعن الغاية من وجوده، و عن مصيره بعد الموت، فأجاب عنها بصورة ساذجة عبر عنها في أساطير فنشأ الفكر الميثولوجي سواء في الحضارات الشرقية القديمة أو في الفكر اليوناني، لكنه أي الفكر اليوناني ارتقى إلى التفكير العقلاني، وهذا ما سنحاول توضيحه كالتالي

    إذا سلمنا بأن منبع الفلسفة هو اليونان رغم تأثير الفكر الشرقي القديم في نشأتها، فانه سبقت نشوئها في أرض اليونان ذاتها إرهاصات و بوادر، فما هي هذه البوادر والإرهاصات؟ و كيف انتقل العقل اليوناني من التفكير الميثولوجي الأسطوري إلى التفكير العقلاني؟   

    الميثولوجيا اليونانية  

    يجمع الدارسون في الشأن الفلسفي على أن الفكر اليوناني مر بمرحلتين أساسيتين: مرحلة التفكير الأسطوري أو الميثوس و مرحلة التفكير العقلاني أو اللوغوس، و الأسطورة myth ، من الكلمة اليونانية Mythos تدل على القول الذي لا صلة له بالواقع، ويعتقد بعض الباحثين في اللغة أن أصلها فارسي، غير أن البعض يردها إلى اللغة العربية و يجعل اشتقاقها من الفعل "سطر" بمعنى ألف و دون الخبر العجيب، وهذا يعني أن الأسطورة تحمل سمة العجائبية، أما اصطلاحا فهي حكاية مقدسة تروي أحداثا خارقة للعادة تتعلق بالإلهة و الأبطال، إنها قصة خيالية تتجاوز مقتضيات العقل البشري، تمثل محاولة لإشباع فضول التساؤل الناتج عن عجز الإنسان عن الفهم الحقيقي و العلمي لأسباب الظواهر، و تتلخص المرحلة الميثولوجية في جملة المعتقدات الدينية و الأساطير التي كان يؤمن بها القدماء، والتي مثلت حياتهم وبطولاتهم سجلت في مجموعة الأشعار و القصص المليئة بالخيال، و هو ما يميز الميثولوجيا اليونانية هو إلباس تلك الأساطير حلة أدبية و

    شعرية راقية، وشملت هذه الأساطير تفسيرات اليونان الأوائل لظواهر الكون و أسرار الآلهة منها أسطورة"عقب أخيلوس" و من القصائد الشعرية نجد ملحمتي"الإلياذة" و "الأوديسا" لهوميروس* Homer الذي عاش ما بين القرن 11 و القرن 10ق مو قد تحدث عن حرب طروادة حيث رد سببها إلى مشاحنات بين ثلاث ألهة: وهي إلهة السلطة(هيرا) و إلهة الحكمة( أثينا) و إلهة الحب والجمال(أفروديت) حول أيهن أجمل، وانتهت باختطاف "باريس" الملك الطروادي للملكة "هيلين" زوجة "مينيلاوس" ملك اسبرطة،و قد كان هذا سببا كافيا لاندلاع الحرب بين طروادة واليونان ، كما أن ملوك المدن الإغريقية أمثال أغاممنون و مينيلاوس و أبطالها الخالدون لم تصل أخبارهم الإغريق إلا بعد إلباسهم حلة ميثولوجية، وهذا يعني أن قيادة الفكر عند اليونان في القرن 10ق م كانت في أيدي الشعر و الشعراء، فالسيادة كانت للخيال الرائع،فقد كان هوميروس يتصور الطبيعة و الإنسان تصورا ساذجا يعبر عن تصور البدائي لها، فهو يتصور الطبيعة حية تحمل أرواحا ويؤنسن الألهة ويستهتر بالأخلاق، فهو يقول: نهر زونتوس استشاط غضبا لأن أخيل ملأه بالجثث، وفي تأليهه للأرض، يقول: إنها ولدت الجبال و السماء المزينة بالكواكب ثم تزوجت من السماء المحيطة، فولدت أقيانوس و الأنهار، المصدر الأول للأشياء، و الآلهة كلهم في صورة بشرية، إلا أن سائلا عجيبا يجري في عروقهم يجعلهم خالدون، وهم أقوى من الأبطال و أسرع حركة يظهرون للناس أو يختفون كما يشاءون يسكنون قصورا فخمة في السماء يقضون فيها حياة ناعمة، يأكلون ويشربون و يتزاوجون، ولهم شهواتهم ورغباتهم، ويتفرقون في أحزاب و يدخلون في منازعات البشر بعضهم يؤيد اليونان والبعض الأخر طروادة ، يتشاءمون و يحزنون ويغضبون.(1) و نفس النهج تقريبا سار الشاعر"هزيود"(عاش في القرن 8 ق،م) و الذي نظم ديوانين:"الأعمال و الأيام" و"أصل الآلهة" و قد سمى أرسطو هؤلاء الشعراء باللاهوتيين لمعالجتهم العلم في صورة أسطورة.

    و لكن رغم ولاء اليونانيين الشديد للآلهة إلا أنهم لم يجدوا في ذلك سبيلا للتخلص من حياة البؤس و الشقاء، فراحوا يبحثون عن طرق أخرى تقربهم أكثر من الآلهة و تخلصهم من المعاناة التي كانوا يعيشونها، فوجدوا ذلك في الديانات الشرقية القديمة التي كانت تعد بالخلود و الخلاص و بحياة النعيم و الاتحاد مع الآلهة، وقد كانت تلك الديانات سرية لا يعرف تعاليمها إلا الذين ينتمون إليها، وكانت مليئة بالمبادئ الأخلاقية و الدعوة إلى التطهير و اعتبار الجسد سجن للنفس يمنعها من ممارسة حرياتها في المعرفة و الاتحاد لذلك كان لابد من التخلص من مطالبه، فهو سبب المعاناة والشقاء، ومن أشهر المذاهب الدينية:   

    أ-النحلة الأورفية Orphisme

    ترتبط بالشاعر و الواعظ الديني أورفيوس، وهو أشهر موسيقار عرفته الميثولوجيا اليونانية، يستطيع تحريك الحجر بموسيقاه، و الحيوانات تغني معه حين يعزف، و هو المعلم النبي الذي يعرف أسرار الآلهة و طبيعتها، و تعتقد الأورفية أن الإنسان مكون من عنصرين متعارضين: العنصر الطيطاني *les Titans و هو مبدأ الشر، وعنصر الخير يمثله ديونيسوس*(اله الخمر والعربدة والنبيذ) و أن الجسد بمثابة سجن للنفس، لذلك وجب على الإنسان أن يتطهر من الشر الكامن في داخله عبر التناسخ، الذي يتدرج بالنفس إلى أعلى مراتب الصفاء و الاتحاد، وهو ما يستلزم ولادات متعددة، فحياة أرضية واحدة لا تكفي، وهي ترى أن وجود النفس في الجسم عبارة عن عقاب لخطيئة سابقة في حياة أخرى أو للخطيئة الأصلية للنوع البشري أو تذوق التيتان les Titans للحم ديونيسوس، و أصولها مستمدة من الشرق(المصريين، الهنود) وهي ترى أن بقاء النفس في الجسم بمثابة تكفير عن خطيئتها، وهنا المطلوب من النفس في حياة ما قبل الموت أن تقوم بواجبات إضافية إلى جانب حياة الزهد، بإتباع طقوس تحت إشراف رجال الدين الأورفيين، و قد اكتشفت مقابر في ايطاليا الجنوبية وجدت بها صفائح ذهبية عليها إرشادات للنفس و ما يجب أن تسلك بعد الموت من طرق و ما تتلو من صلوات، وكانت هذه الصفائح دليلا قاطعا على أنهم عرفوا كتاب الموتى عند المصريين و أحذوا منه، كما أنهم اخذوا فكرة الولادات المتعاقبة عن الهنود أو الفرس.(1)   

    ب-ديانة الوسيس

    من أشهر الديانات القديمة عند اليونانيين، كان يعبد أصحابها الهة الأرض ديمتر Demeterوهي ترمز للخصوبة، و كان اليونانيون يقيمون طقوسا كبيرة لهذه الديانة تضمنت الأسرار الصغيرة في الربيع و الأسرار الكبيرة في الخريف، يقام خلالها مشهد مسرحي شعائري يتقاسم فيه الأتباع الأفراح و المخاوف، و الغاية هي الاتصال بديانة الأرض و بلوغ الخصوبة في الحقول و الخلود في القبور.  

    ج-الحكماء السبع

    يمثل هؤلاء مرحلة متوسطة بين هزيود(8 ق م) و بين ظهور الفلسفة والعلم الطبيعي على أيدي الفلاسفة الطبيعيين الأوائل، فهم مهتمون مثل هزيود بقواعد السلوك الأخلاقي، وبعضهم شعراء مثل هزيود و أغلبهم من رجال السياسة، اشتغلوا بصياغة قوانين لمدنهم، واستطاعوا تلخيص نصائح لمواطنيهم على شكل حكم صغيرة يسهل حفظها و يساعد قصرها على استمرار التأمل حولها، ولكنهم لا يبررنها بأدلة عقلية، و ما يجدر بالملاحظة أن أول الفلاسفة المالطيين هو طاليس، يعد أيضا ضمن الحكماء السبعة، فهو حلقة اتصال بين مرحلة في الفكر اليوناني نرتكز على إرساء قواعد السلوك في المدينة و مرحلة انطلق فيها ليستكشف أصل الكون.، و ربما كان طاليس ممن اشتغلوا بالسياسة في مدينته و وضع حكمه فيها، لهذا أدخل في عداد الحكماء السبعة، و أقوالهم كانت معروفة على مستوى كل المدن اليونانية، وهم بهذا رمز للوحدة الثقافية، و من الحكماء السبع: طاليس من مالطية، وتياكوس من ميتيلين، وبياس من بريين، وسولون(640-559ق م) من أثينا، و كان سولون أشهرهم جميعا، أشتهر بأنه واضع دساتير أثينا، والذي أنقذها من الاضطرابات الداخلية بين الطبقات،كما كان شاعرا، والحكم التي تنسب إليهم تعكس ملامح انتقال بين الحكم الإقطاعي و حكم تزداد فيه أهمية الفرد، وبين عصر كانت فيه السيطرة للديانات إلى حد ما، وعصر يزداد فيه جهد الفرد لتحديد سلوكه، وهي لا إفراط و لا تفريط، لا تجلس على مقعد القاضي و إلا كرهك من ستدينهم، ابتعد عن اللذة التي تنجب الحزن، حافظ أشد محافظة على الأمانة في سلوكك فهي أهم حتى من الوعد، لا تكذب و قل الحق، لا تصاحب أهل السوء، ارع والديك....الخ(1)

    غير أنه في القرن 6ق م، حدث في اليونان انقلاب جذري كان له أثر في جميع نواحي الحياة، فقد امتد سلطان اليونانيون على الدول المجاورة، اتسعت أملاكهم ، فهاجروا إلى المستعمرات الجديدة وتعرفوا على شعوب جديدة عاداتهم و أخلاقهم، و صاحب هذا تطور اقتصادي وظهور نظام اقتصادي جديد يتمثل في النظام النقدي الذي أستبدل بنظام المقايضة و صاحب ذلك انقلاب سياسي و اجتماعي ، فالتطور الاقتصادي أدى إلى ظهور طبقة جديدة تنافس النبلاء الذين ورثوا ثرواتهم عن أملاكهم، في صراع مع الطبقة الحاكمة (النبلاء) انتهت بسيادة الطبقة الجديدة فانتصرت الديمقراطية (الانتقال من حكم النبلاء إلى الحكم الديمقراطي) فتحققت الحرية للشعب التي ناضل من أجلها قرونا طويلة، فظهرت الشخصية الفردية في الشعر و في السياسة، حيث أصبح الشعراء يكتبون قصائد للتنفيس عن مشاعرهم المكبوتة وانفعالاتهم، بعدما كانوا غير قادرين على ذلك، وقد أدى هذا إلى ظهور شعر جديد هو الشعر الغنائي الذي هو أشد اتصالا بالنفس، أضيف إلى شعر الملاحم، وفي المجال الديني، أصبح الفرد يتصل مباشرة بالإله، حيث أزيحت كل وساطة بين الفرد و الآلهة، هذا التحول السياسي و الاجتماعي والاقتصادي و الفني والديني، الذي كان سببا في ظهور الشخصية الفردية أدى إلى انتقال الإنسان من رواية الأساطير وقص القصص إلى التفكير و العلم ، فلم يعد الإنسان يقدس الكون و ظواهره بل أصبح يبحث عن عللها و أسبابها، و هنا ظهر التفكير الفلسفي و  عذلك في القرن 6ق،م القائم على التفسير العقلاني للظواهر، و قد توجه العقل اليوناني إلى البحث عن العلل الأولى التي تقف خلف الظواهر و الكشف عن القوانين المتحكمة فيها، بمعنى في هذه المرحلة اتجه الفكر اليوناني نحو اللوغوس(التفسير العقلاني المنطقي للظواهر)(

    لابد من الإشارة إلى أن الفلسفة اليونانية تناولت مباحث عديدة وهي: مبحث الوجود(الأنطولوجيا) و مبحث الميتافيزيقا، مبحث المعرفة(الايبستمولوجيا) و مبحث القيم (الأكسيولوجيا): القيم الأخلاقية و الجمالية و المنطقية



  • مرت الفلسفة اليونانية بثلاثة أطوار: طور النشأة، وطور النضج، و طور الذبول، الطور الأول يقسم إلى فترتين: فترة ما قبل سقراط(الفلاسفة الطبيعيين) وتمتاز باتحاد العلم الطبيعي بالفلسفة وفترة السوفسطائيين وسقراط، وتمتاز بتوجه الفلسفة بالاهتمام بقضايا المعرفة والأخلاق، و الطور الثاني يمثله أفلاطون و أرسطو، والطور الثالث يمتاز بتجديد المذاهب القديمة و بالعودة إلى الأخلاق و التأثر بالشرق، والميل إلى التصوف مع الاهتمام بالعلوم الواقعية.(2) ): في الفترة الأولى أي قبل سقراط تمتاز بالاهتمام بالقضايا الطبيعية و ذلك مع طاليس و أنكسيمندريس أنكسيمانس و هيراقليدس ، نشأ الثلاثة الأوائل في ملطية و نشأ الرابع في أفسوس و هما في مقدمة المدن الأيونية عمرانا وثقافة و هؤلاء الفلاسفة يسموا بالطبيعيين الأوائل و مع الطبيعيين المتأخرين أمثال أنباذوقليس، ديموقريطس، أنكساغوراس، يجمعهم اتجاه و احد في الفلسفة و هو الاتجاه المادي،أي يفسرون الوجود تفسيرا علميا برده إلى المادة"المادة الأولية" و الاهتمام بالقضايا الميتافيزيقية وذلك مع المدرسة الايلية* القائلة بالوجود الثابت والتي من روادها بارمنيدس، أكسانوفان، زينون الايلي ومليسوس وبالقضايا الرياضية، وهي تمتد من القرن 6ق م إلى منتصف القرن 5 ق م، بينما الوجهة الرياضية أخذ بها فيتاغورس(ايطاليا الجنوبية)(1)، وسنبدأ ب::   

    الفلاسفة الطبيعيون الأوائل أو المدرسة الطبيعية الأولى/الكوسمولوجيا اليونانية  

    يجمع أغلب مؤرخي الفلسفة على أن طاليس الفيلسوف الأول لأنه أول من قام بمحاولة علمية قائمة على مبادئ طبيعية لشرح الكون دون عون من الأساطير و الآلهة المصطبغة بصبغة إنسانية. و أن ظهوره يرتبط بتنبؤه بكسوف الشمس الذي وقع سنة 28ماي 585 ق م.(2)

      

    أ_طاليس624-546ق م

    يمثل المدرسة الطبيعية الأولى التي ظهرت في مالطية و سميت بالمدرسة المالطية نسبة لكونها ظهرت في مالطية، وسميت بالمدرسة الأيونية نسبة إلى مدينة أيونيا في ساحل أسيا الصغرى، يعد طاليس فيلسوفا و رياضيا و فلكيا، زار مصر و درس علم المساحة على يد علمائها، و أخذ علم الفلك عن البابليين، هذا الاحتكاك بالثقافات الشرقية حسب اعتقاد بعض الباحثين ولد فيه روحا علمية أبعدته عن ميثولوجيا عصره، وجعلت منه أول الفلاسفة و أول الفلكيين و الرياضيين* في بلاد أيونيا.(3) وقد اعتبره هيرودت فينيقيا ،و هو يرى أن أصل الكون هو الماء فهو المادة الأولى التي تتكون منها الأشياء، لأن الحياة تدور وجودا وعدما مع الماء ،فحيثما وجد الماء وجدت الحياة و حيثما انعدم الماء انعدمت الحياة، بمعنى الماء كمادة حيوية نجدها في كل الموجودات على اختلافها، فتجمد الماء يؤدي إلى نشأة الأجسام الصلبة، و عملية التبخر تحول الماء إلى هواء، الذي يتحول هو الأخر إلى نار و من هذا المنطلق يكون الماء هو الأساس في العناصر الطبيعية الأربعة: الماء، التراب، الهواء، النار.و يبرر أرسطو رأي طاليس بأن النبات والحيوان يتغذيا من الرطوبة و مبدأ الرطوبة الماء، ثم أن النبات و الحيوان يولد من الرطوبة بل أن التراب تكون من الماء، و الأرض خرجت من الماء فصارت قرصا طافيا على وجهه كجزيرة كبرى فوق بحر كبير، ويذكر أرسطو قولا له"العالم مملوء بالآلهة" أو بالأنفس.(1) غير أن هذا القول لا صلة له بأية نزعة دينية ثيولوجية عند طاليس لأن المادة كانت تتسم عند القدماء بالحياة أو لها نفسا، و الذي يؤكد هذا هو ما ورد عن أرسطو في كتاب"النفس" و هو أن طاليس رأى أن للحجر المغناطيسي نفسا،لأنه يجذب الحديد، بمعنى مبدأ الحركة في الأشياء هو النفس، لهذا وصف مذهبه بالنزعة الحيوية Hylozoïsme وهي نزعة سادت مذاهب القدماء في المادة.(2) إن أهمية طاليس الفلسفية تكمن في قوله بالأحادية بإرجاع الوجود إلى عنصر واحد هو الماء دون الاعتماد على أساطير عصره، بل اعتمد على التأمل العقلي والحدسي وهما خطوة تقدمية نحو العلم، و سبب تفسيره للكون بالماء ربما قصة الطوفان كان لها تأثيرا في تفكيره حيث عادت الحياة إلى الأرض و كأنها نمت من الماء من جديد(3) إضافة إلى اعتنائه بظاهرة فيضان النيل عند الفراعنة، والذين كانوا يفسرونها سر الحياة و مصدر الخير و الثراء.

      

    ب_انكسمندريس610-545ق م

    معاصر لطاليس، ينتمي إلى عائلة معروفة في مالطية، تميز تفكيره بالدقة و الشمول، وأشتهر بمعرفة واسعة بالفلك والجغرافيا، و أول مدون للفلسفة بأسلوب شعري، وينسب إليه أو ل خارطة للعالم، جعل فيها اليونان في المركز تحيطها أجزاء من أسيا و أوروبا، ثم يحتضنها المحيط الواسع.رفض وجهة نظر طاليس القائلة بأن الماء أصل الأشياء،و أيده في فكرة المادة الواحدة، و هو يرد المبدأ الأول لكل الموجودات إلى الأبيرون(اللامتناهي، اللامحدود)،لكن ما هو هذا الأبيرون وما هي مميزاته؟ هل هو محدد كما وكيفا؟ الفكرة تحمل معنيين: الأول: الأبيرون غير معين، فهو لا هذا العنصر الطبيعي و لا ذاك،فليس هو الماء و لا التراب و لا النار. ثانيا: من حيث الكم الأبيرون غير محدد ماديا.و قد شرح "أنكسيماندريس هذا الأبيرون في كتابه"الطبيعة" الذي فقد و لم يبق منه إلا شذرات قليلة ذكرها أرسطو، غير آن تلك الشذرات لم تزيل الغموض، ولعل السبب في ذلك أنه مات قبل أن يوضح توضيحا مقنعا لفلسفته، يرجح تلميذه أنكسيمانس أنه كان يقصد الهواء بينما شراح أرسطو و على رأسهم الاسكندر الأفروديسي، قالوا أن المقصود به الهواء والماء.(4)لكن كيف نشأت الموجودات عن الأبيرون؟ يرى أن العالم تشكل وفق ثلاث مراحل، في المرحلة الأولى: حالة وجود الأبيرون الأولى و هو متجانس لانهائي الكم والكيف، في المرحلة الثانية: تكوين العناصر الأربعة وسيادة قانون العدالة على عملية التكوين، ويعني ذلك أن كل عنصر له مقداره المحدد، المرحلة الثالثة: تكوين العوالم (لأنه يرى أن هناك عدة عوالم ونحن نعيش في عالم من هذه العوالم)والكائنات من العناصر الأربعة، من المادة اللانهائية حدثت عملية غامضة انفصل عنها الحار والبارد ، وتصاعد البخار بفعل الحار كون الهواء، ومن هذه البرودة والرطوبة تصبح الأرض في مركز الكون، و الأرض كانت في الأصل سائلة و حرارة محيط الأرض جعلت مياه الأرض تتبخر على نحو مطرد نتج عنه تكوين الغلاف الجوي الذي يحيط بالأرض.(1) كيف تكونت الحياة على ظهر الأرض؟ لأنكسيماندريس نظرية في الحياة ، فهو يرى أن كل الحياة تبدأ في البحر، حيث كانت جميع الكائنات الحية تعيش في قواقع ضخمة داخل الماء، أي كانت أشبه بالأسماك، غير أن الشمس جففت هذه القواقع و خرج منها الإنسان إلى الأرض الصلبة، فأصل الإنسان إذن سمكة تحولت من العيش داخل الماء إلى مناطق الأرض الجافة وعن طريق التكيف أصبحت زعانفها أطرافا، هذا المفهوم التحولي للحياة هو تفسير عقلاني علمي و طبيعي غير أسطوري، فهو يدخل عناصر البحر و الحياة وتأثير الشمس و الماء و تأثير البيئة في تغيير الشكل، فالإنسان تحول من سمكة إلى إنسان تحت ضغط جفاف قسم من البحر و دفعه إلى الحياة على الأرض، ربما أخذ هذا التفسير عن السوريين، الذين كانوا يبجلون السمك باعتباره من أصل مشابه للإنسان.(2) و بهذا يكون "أنكسيماندريس" أول فيلسوف قال بالتطور،سبق "داروين" و "لامارك" بمئات السنين.

      

    ج_انكسيمانس545ق م

    ): ثالث فلاسفة المدرسة المالطية، وهو يرى أن أصل الأشياء أو الكون هو الهواء، لأنه ينتشر في كل العالم، و لأن نفس الإنسان من الهواء، فهو مبدأ الوحدة في كل منا، كذلك فان النفس أو الهواء يحوي العالم كله و يجعل منه وحدة وقد جاء بمفهومين: التكاثف والتخلخل، فالهواء إذا تكاثف تحول إلى برودة و تخلخله يؤدي إلى الحرارة، فالهواء إذا تخلخل تحول إلى نار و إذا تكثف صار ماء و إذا تكثف الماء أكثر تحول إلى تراب و إن زاد تكثفه صار صخرا، و الأرض تطفو على الهواء كدائرة مسطحة، و يفصلها الهواء عن السماء، قال بعد لانهائي من العوالم.وسبب تفسيره هذا هو نزعته الحيوية التي تعتبر الكون كائنا حيا يتنفس بالهواء، لذلك فهو يوحد بين النفس والهواء.(1)

      

    د_هيرقليدس535-470ق م

    كان من مدينة أفسوس، التي وقعت بدورها كباقي مدن أيونيا تحت سيطرة الفرس، لذلك فهو أيوني، عرف كتابات الأيونيين، كان ينتمي إلى الطبقة الأرستقراطية ، لذلك كان عداؤه لنظام حكم الطغاة و للنظام الديمقراطي على وجه الخصوص، كان محتقرا للعامة متكبرا، متعاليا، وكان محتقرا حتى لبعض المفكرين والشعراء السابقين عليه(هوميروس، هزيود) فقد سبق أفلاطون في الهجوم على هوميروس، لأنه كان يرى أن كثرة المعارف أو الحفظ ليس حكمة، وقد كان عصره عصر حرب دائمة بين الفرس و اليونان، ترك كتاب "في الطبيعة"، ومن خصائص المنهج الفلسفي عنده هو الاعتماد على العقل، وهو مشترك بين جميع الناس، فالحكمة عنده رغم اشتراطه للمعارف الكثيرة هي إعمال العقل للوصول إلى اللوغوس، و اللوغوس يعنى المقياس أو القانون العام الذي يتحكم في الظواهر كوحدة، و الطريق إلى ذلك ليس إتباع الشعراء و الديانة التقليدية التي تدعو إلى عبادة الأحجار والتماثيل ولا الديانة الأورفية، فهذه الطرق كلها تجعل تابعيها يفقدون عقولهم و كأن الجنون أصابهم أو الهذيان، على حين الحكمة تستدعي الاحتفاظ بالعقل في حالة يقظة دائمة.(2) و في تفسيره لأصل الكون، يرى أن العالم واحد لم يخلقه اله و لا بشر، وهو موجود منذ الأزل، ويبقى إلى الأبد نار حية تشتعل، يعود في نشأته إلى مادة تتضمن الخلق و الحياة هي النار، و طبيعة هذه النار محسوسة حسب اعتقاد بعض الباحثين الذين اعتمدوا على القدماء وخاصة أرسطو الذي أدرج هيراقليطس ضمن القائلين بالعناصر المادية للكون، غير أن القول بالطبيعة المحسوسة للنار لا ينفي التصور الميتافيزيقي لها، لأن النار المحسوسة كمبدأ للوجود المادي هي من جهة أخرى مبدأ روحاني ميتافيزيقي، لأنها تمثل اللوغوس أو القانون الثابت، و لأنها رمز للتغير الدائم،(3) "هذه النار تشتعل بحساب(بمقياس، نسبة) و تخبو(تسكن، يخمد لهبها) بحساب" و من النار تظهر العناصر الأخرى، و والصور التي تتحول إليها النار هي:أولا البحر، ثم يتحول نصف البحر أرضا و نصفه الأخر يتحول بواسطة ظاهرة البرستير prester (أعاصير أو ينابيع، انفجار مصحوب باللهب) إلى هواء و نار، فتكون العناصر الأربعة: النار، الماء، الأرض، الهواء.، ويصف تحولات النار بطريقتين: طريق تصاعدي(نحو الأعلى) و طريق تنازلي(نحو الأسفل)، في الطريق التنازلي، تثقل النار فتصبح ماء و جزء من الماء يصير أرضا، أما بالطريق التنازلي، بخار من الماء و الأرض يتصاعد فيصبح سحبا ثم تشتعل هذه السحب فتصبح النار، وذلك بواسطة ظاهرة برستير.(1) فكل الأشياء تخرج من النار وتعود إليها، وهو يقول" النار تحيا بموت الأرض، والهواء يحيا بموت النار، والماء يحيا بموت الهواء، و الأرض تحيا بموت الماء" فهناك تبادل بين النار و بين جميع الأشياء كالتبادل بين والذهب و السلع، و هذا يعني أن هناك فكرة رئيسية في فلسفة هيراقليطس هي أن الصراع أساس الوجود و هو صراع بين الأضداد فالعالم مكون من أضداد، العدل، الظلم مرض الصحة ، التعب والراحة، الخير والشر، الشبع والجوع، فالمرض هو الذي يجعل الصحة ممتعة، و الشر هو الذي ينتج الخير، و الجوع هو الذي يرغب في الأكل، و العدل هو الذي يجعل للعدل معنى فالصراع هو الذي يسمح للعالم بالوجود والاستمرار و هو يقول"لو لم يوجد الظلم لكنا نجهل حتى العدل"، و هكذا رغم وجود الأضداد إلا بينها وحدة، أو ما يعرف باتحاد الأضداد و انسجامها و الفكرة الرئيسية الثانية في فلسفته هي فكرة التغير الدائم المرتبطة بفكرة الصراع بين الأضداد "الأشياء الباردة تصير حارة و الحارة تصير باردة، ويجف الرطب و يصبح الجاف رطبا" وهو يقول"انك لا تستطيع أن تنزل النهر مرتين لأن مياهه تتغير باستمرار" و في نظرية المعرفة يرفض المعرفة العامية لأنها تقتصر على الجزئيات و لا ترقى إلى مستوى القانون العام، فالعامة لا يفهمون حقيقة الكون، فالمعرفة تتم بإعمال العقل و نشاط الحواس.   

    خاتمة:  

    و ختاما لما سبق يمكن القول أن هيراقليطس أول من استخدم مصطلح اليوناني Kosmos للدلالة على العالم وهذه الكلمة تتضمن معنى النظام، و هذا  يدل على أن هيراقليدس نظر إلى العالم كوحدة حقيقية و هو بهذا يتقدم على الفلاسفة الثلاثة الذين سبقوه الذين لم يرتقوا بتفكيرهم إلى هذا التصور العام للكون. كما كان لفكرة صراع الأضداد و التغير الدائم في الوجود أثر في فلسفة هيجل و الفلسفة الماركسية، فهول أول من عارض منطق الثبات الصوري بمنطق الحركة الديالكتيكية المطابقة لحركة الواقع و قد رأى انجلز في كتابه"جدل الطبيعة" أنه ابتداء من طاليس إلى هيراقليطس تبنى فلاسفة الإغريق النظرة المادية للوجود و أن هذه المادية تميزت بأنها مادية جدلية، و أنها أكثر تقدما من مادية القرن 18 التي كانت مادية ألية.

       

       




  • قائمة المراجع:      

     

    1-أحمد أمين وزكي نجيب محمود، قصة الفلسفة اليونانية" دار الكتب المصرية، الطبعة الثانية 1935. 2-يوسف كرم ،تاريخ الفلسفة اليونانية،مؤسسة الهنداوي للتعليم والثقافة، 2014. 3-محمد فتحي عبد الله، الأورفية، أصولها و أثارها في العالم اليوناني. 4-عزت قرني، الفلسفة اليونانية حتى أفلاطون، جامعة الكويت 1993. 5-عبد الجليل كاظم الولي، الفلسفة اليونانية، مكتبة غريب طوس، الطبعة الأولى 2009. 6-أميرة حلمي مطر، الفلسفة اليونانية، تاريخها مشكلاتها، دار قباء للطباعة و النشر والتوزيع، احمد غريب، القاهرة 1998. 7-عبد الرحمن بدوي، الموسوعة الفلسفية، الجزء الأول، الموسوعة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الأولى 1984. 8-وولتر ستييس،تاريخ الفلسفة اليونانية، ت/عبد المنعم مجاهد، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة 1984. 10-مصطفى غالب، الموسوعة الفلسفية، دار مكتبة الهلال الجزء 7، 1988. 11--Jager.werner « thinkers » Theology and early Greek philosophers, the theology of the Greek, the Gifford lectures 1936 12-Aristote « Métaphasique » traduction et de j, tricot, éditions les Echos du maquis(e pub, PDF) v : 1, à janvier 2014. Livre 1-A(985 b-987b . 13-Aristote, Ethique a Nicomaque,vrin 14-Platon, la République, Tr robert Baccou, Garnier-Flammarion, Paris. .

     

       

       

       

       


  • بين العلاقة بين النزعة الصوفية الأورفية وبين الفكر الشرقي القديم؟

    لماذا يعتبر الحكماء السبع مرحلة وسطى بين هزيود و ظهور الفكر الفلسفي؟

    - هل هناك علاقة بين التغيرات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و نشأة التفكير الفلسفي الحر عند اليونان.

       

    وضع هيراقليدس اللبنة الأولى لنظرية التطور. بين ذلك

    - هل كان لفكرة صراع الاضداد عند هيراقليدس أثر في الجدلية المادية الماركسية؟

    هل كان للفكر الشرقي القديم أثر في الفلسفة الطبيعية اليونانية؟

    أكتب مقالا فلسفيا توضح فيه علاقة نظرية التطور الداروينية بالفلسفة الطبيعية اليونانية.