ماهية المعلومات

تمهيد:

 يعيش العالم اليوم :" عصر السباق العلمي - المعلوماتي -، ومن فقد في هذا السباق مكانه، فإنه لن يفقد تطوره وتقدمه فحسب، بل سيفقد أيضا ذاته وإرادته."¹وهو احـتمال يجب أن لا نــتعرض له، فلقد أصبحت المعلومات القوة المسيطرة في هذا العالم المتغير، فهي المادة الخام التي يحتاجها أي مجتمع من أجل التطور والازدهار في جميع مجالات الحياة، وهذا ما جعل توليد المعرفة والمعلومات أمرا بارزا خاصة بعد استثمار التكنولوجيا من أجل إيجاد مناخ مناسب لتبادلها. وللإلمام بكافة جوانب مقياس مدخل إلى مجتمع المعلومات سنتطرق في هذا المحاضرة إلى المعلومات باعتبارها اللبنة الأساسية التي يتشكل منها هذا المجتمع، وسنحاول من خلال هذه المحاضرة التعريف بماهية المعلومات من خلال التعرف على مفهومها وأهميتها،خصائصها وأنواعها .

1.1   مفهوم المعلومات  Information

-  لقد أثارت المعلومات جدلا كبيرا، فلقد تعددت محاولات المتخصصين والمنظرين لإيجاد تعريف موحد لها، وفاقت تعاريفها 400 تعريف وهذا ما ميزها بتشتت في المعنى وغموض لأنها تستخدم في العديد من السياقات المختلفة .³

فالمعلومات شيء غير محدد المعالم فلا يمكن رؤيتها أو سماعها أو الإحساس بها فنحن نحاط علما
في موضوع إذا ما تغيرت حالتنا المعرفية بشكل ما، ويتصل مصطلح المعلومات بشكل دقيق بالعلم فالمعنى اللغوي للمعلومات مشتق من الكلمة "يعلمInform  "وهي مشتقة من الكلمة الفرنسية واللاتينية "Information"، وتتسم المعلومات بثراء مفرداتها وتنوع معانيها فمنها ما يتصل بالعلم والمعرفة والتعليم والدراية والإحاطة والإدراك واليقين والوعي والإرشاد والإعلام والشهرة والتوعية والتميز والتسيير، حيث ترتبط جميع معاني المعلومات بوظائف العقل، أما اصطلاحا فهي صعبة التعريف للمجالات التي تستعمل فيها فقد تكون معرفة تكتسب من خلال عملية الاتصال والبحث أو التعليم أو الملاحظة.⁴

في علم الإدراك، المعلومات ليست مجرد مفهوم رياضي، بل هي عملية أساسية لفهم كيف نفكر. جيانغ يشير إلى أن فهم المعلومات ضروري لفهم أنواع مختلفة من التفكير، مما يدل على أن المعلومات تلعب دورًا مهمًا في العمليات الذهنية (Jiang, 2020). برغين يدعم هذا الفكر من خلال اقتراحه نهجًا شاملًا لفهم المعلومات، مما يوضح مفهومها وعملياتها في سياقات مختلفة (Burgin, 2011). هذا الفهم الشامل مهم للتغلب على قيود النظريات التقليدية، كما ذكر وانغ وزملاؤه، الذين انتقدوا نظرية شانون لتركيزها فقط على مشاكل الاتصال دون النظر في السياقات الأكبر (Wang et al., 2012).

أيضًا، العلاقة بين المعلومات والتمثيل مهمة في عدة مجالات. ليو وفينغ يجادلان بأن أنظمة المعلومات غالبًا ما تخلط بين البيانات والمعلومات، مما يعني أننا بحاجة لتفريقهما بشكل أوضح لتمثيل المعلومات بفعالية (Liu & Feng, 2011). هذا يتماشى مع عمل تيشبي وزاسلافسكي، الذين يستكشفون كيف تستخدم الشبكات العميقة مبادئ معينة لتحسين التمثيلات، مما يساعد على فهم كيفية معالجة المعلومات داخل الشبكات العصبية (Tishby & Zaslavsky, 2015). مفهوم المعلومات التمثيلية، كما قدمه فيغو، يعزز أهمية فهم كيفية نقل المعلومات للمعاني من خلال العلاقات المنظمة بين الأشياء

 ولقد عرفها المعجم الموسوعي للمصطلحات المكتبية أنها تلك البيانات التي تمت معالجتها لتحقيق هدف معين ولاستعمال محدد لأغراض معينة إضافة إلى المساهمة في اتخاذ القرارات،⁵ فالمعلومات عـبارة عـن بيانات أو معطيات معالجة تم تداولها وتناقلها بغرض الوصول إلى المعرفة، إذ تفيد المعلومات الشخص المستقبل لها في صنع القرار والتقليل من الشك وتغير الاعتقاد. في حين عرفها قاموس البنهاوي بأنها " الحقائق الموصلة أو الرسالة، تستخدم لتمثيل حقيقة أو مفهوم باستخدام وحدة وسط بيانات، ومعناه عملية توصيل حقائق أو مفاهيم من أجل زيادة المعرفة⁶".

 (Vigo, 2011).

باختصار، يرتبط مفهوم المعلومات ارتباطًا وثيقًا بالتمثيل والإدراك، وطرق البحث المختلفة في التخصصات المتنوعة. من المهم أن ندرك أن المعلومات ليست شيئًا ثابتًا، بل هي عملية ديناميكية تشكل فهمنا ومعرفتنا في سياقات متعددة. يبرز هذا التنوع في وجهات النظر تعقيد المعلومات، مما يتطلب منا فهمها بشكل دقيق.

1.1  من البيانات الى الحكمة:

التمييز بين البيانات، والمعلومات، والمعرفة، والحكمة (المعروفة أيضًا باسم هرم DIKW) هو مفهوم أساسي في علم المعلومات وإدارة المعرفة. كل مصطلح يمثل مستوى مختلفًا من الفهم ومعالجة الحقائق والتجارب، حيث ت culminate الحكمة في النهاية، والتي تعتبر أعلى شكل من أشكال الفهم.

البيانات تشير إلى الحقائق والأرقام الخام بدون سياق. إنها الوحدة الأساسية للمعلومات التي يمكن جمعها وتحليلها. على سبيل المثال، الأرقام، والتواريخ، وسلاسل النصوص تُعتبر جميعها بيانات. البيانات وحدها لا تعبر عن معنى حتى تتم معالجتها أو تفسيرها. تشير رولي إلى أن البيانات هي العنصر الأساسي الذي يؤدي إلى تشكيل المعلومات (Rowley, 2007).

 المعلومات هي بيانات تم تنظيمها أو معالجتها لتوفير معنى. تجيب المعلومات عن أسئلة مثل من، ماذا، أين، ومتى. على سبيل المثال، عندما يتم تجميع البيانات وتحليلها للكشف عن الاتجاهات، تتحول إلى معلومات تساعد في اتخاذ القرارات. يوضح نموذج DIKW هذا التحول، حيث تصبح البيانات معلومات من خلال وضعها في سياق وتنظيمها (Rowley, 2007).

المعرفة هي المستوى التالي، وتمثل فهمًا أعمق ينشأ من دمج المعلومات. إنها تتعلق بتطبيق المعلومات في سياقات محددة، مما يسمح للأفراد باتخاذ قرارات مستنيرة. يؤكد جاكوبك ومورسيب أن المعرفة تتعلق بوضع المعلومات في إطار يمكن من تطبيقها في مواقف مختلفة (Jakubik & Müürsepp, 2021). تُعتبر المعرفة قابلة للتنفيذ، مما يسمح للأفراد باستخدام فهمهم لحل المشكلات أو إجراء التنبؤات.

الحكمة هي أعلى مستوى في هرم DIKW، وتتميز بالقدرة على اتخاذ قرارات سليمة بناءً على المعرفة. إنها تتطلب ليس فقط تطبيق المعرفة، ولكن أيضًا دمج الخبرة والاعتبارات الأخلاقية وفهم أعمق للحياة وتعقيداتها. تساعد الحكمة الأفراد في التنقل خلال المواقف المعقدة واتخاذ قرارات ليست فقط فعالة، ولكن أيضًا أخلاقية. يبرز نموذج أكاوف أن الحكمة تنشأ من تطبيق المعرفة بطريقة تأخذ في الاعتبار الآثار الطويلة الأمد والأبعاد الأخلاقية (Allen et al., 2019).

في الختام، يوفر هرم DIKW إطارًا منظمًا لفهم التقدم من البيانات إلى الحكمة. كل مستوى يبني على المستوى السابق، حيث تمثل الحكمة ذروة البيانات والمعلومات والمعرفة في شكل يسمح باتخاذ قرارات أخلاقية وفعالة. ومع ذلك، يذكرنا ظل الحكمة بأن هذه العملية معقدة وتواجه تحديات تتطلب التفكير النقدي والتأمل المستمر.

 وعليه ويمكن إبراز العلاقة بين هذه المصطلحات من خلال الشكل الموالي:

الشكل رقم 01: طيف المعرفة