Options d’inscription

مقياس:علاقة الغرب الاسلامي مع السودان الغربي سنة اولى ماستر تاريخ وحضارة الغرب الاسلامي

المحاضرة الاولى:علاقة بلاد المغرب مع السودان الغربي في العصور القديمة

السودان الغربي اسم أطلقه الأوروبيون على منطقتي نهر السنغال والنيجر، بينما أطلق اسم سودان وادي النيل على المنطقة الواقعة جنوب مصر. أما بالنسبة للجغرافيين والمؤرخين والرحالة المسلمين، فقد كانت بلاد السودان تعني لهم منطقة أوسع بكثير، تمتد جنوب الصحراء الكبرى من المحيط الأطلسي إلى بلاد النوبى على نهر النيل.

كانت قبائل الغرامنت السباقة في التعامل مع السودان الغربي كان للجرمنتيين تجارة، حيث تشهد الثروة التي وجدت بالقبور في وادي الآجال من المستوردات الجيدة الأنواع، على وجود شيء عند الجرمنتيين كان الرومان بحاجة إليه وعلى استعداد لدفع ثمنه، ولكن المشكلة ما زالت دون حل لعدم وجود سلطة قديمة تقرر بوضوح وجود تجارة القوافل، إما من عند الجرمنتيين أو إليهم، ولكن العلماء المعاصرين ينظرون إلى ثروة لبدة والمدن الساحلية الأخرى، ويرون أن تجارة القوافل لا بد أنها قد انتعشت في الأزمنة القديمة مثلما كانت في العصور الوسطى، وبها اغتنى الجرمنتيون كوسطاء وسماسرة يسيطرون على الواحات ونقاط الراحة الواقعة على الجانب الشمالي من وسط الصحراء. ومع ذلك يبقى الأمر صعب الاثبات، رغم أن معظم التجارة التي كانت تمر عبر الأسواق كانت سهلة المنال في طرابلس والمناطق الساحلية، كمثل سهولتها في فزان أو في المناطق التي تتعداها إلى الجنوب. والمادة الوحيدة المعروفة الإنتاج في الصحراء هي العقيق الأحمر المشهور، ويعتبرها بوفيل السلعة الرئيسة في تجارة الجرمنتيين. ويرى سترابون أن أصل مصدر العقيق الأحمر عند الجرمنتيين. ويبدو أن الجرمنتيين كانوا وسطاء في هذه التجارة إن لم يكونوا هم فعلا المسطرون عليهفي الصحراء الغربية، كانت هناك حملتان رومانيتان، جنوب جبال الأطلس:

بعثة كورنيليوس بالبوس: كانت أول رحلة استكشافية قام بها الرومان في الصحراء - وفقًا لبلينيوس الأكبر - هي رحلة كورنليوس بالبيس، التي ربما وصلت عام 19 قبل الميلاد إلى نهر النيجر بالقرب من تمبكتو. لقد انتقل من صبراتة الليبية وغزا بعشرة آلاف من الجيوش عاصمة جرمنت في فزان وأرسل مجموعة صغيرة من جيوشه إلى الجنوب عبر جبال هقار لاستكشاف «أرض الأُسُود». لقد وجدوا نهر النيجر والذي ظنوا في رأيهم أنه كان يصب في نهر النيل. في الواقع، عُثر في عام 1955 على العديد من العملات المعدنية الرومانية وبعض الخزف اللاتيني في منطقة مالي.

رحلة سوتونيوس بولينوس الاستكشافية: تم تنفيذ الثانية في عام 41 بعد الميلاد من قبل سوتونيوس بولينوس، القنصل الروماني، الذي كان أول الرومان الذين قادوا جيشًا عبر سلسلة جبال الأطلس. لقد وصل في نهاية مسيرة العشرة أيام إلى قمة الجبال المغطاة بالثلوج وبعد ذلك وصل إلى نهر يسمى جرج. ثم توغل في البلد شبه المهجور جنوب المغرب وربما ذهب بعض فيلقه بالقرب من نهر داراس (نهر السنغال الحديث).

من القرن الأول الميلادي توجد أدلة (عملات، وشظية) على التجارة الرومانية والاتصالات في أكجوجت وتامكارتكارت بالقرب تيشيت في موريتانيا.

بعثات الصحراء الوسطى

الاستكشافان الرئيسيان / البعثات الاستكشافية في الصحراء الوسطى هما:

رحلة فلاكوس: خلال أوقات أغسطس، كانت بحيرة تشاد ضخمة، وقد نُفذت بعثتان رومانيتان للوصول إليها: وصل سيبتيموس فلاكوس وجوليوس ماتيرنوس إلى «بحيرة فرس النهر» (كما أطلق عليها بطليموس اسم بحيرة تشاد). لقد انتقلوا من طرابلس الساحلية ومروا بالقرب من جبال تيبستي. قام كلاهما ببعثاتهما عبر أراضي جرمنت، وتمكنا من ترك حامية صغيرة على «بحيرة فرس النهر ووحيد القرن» بعد 3 أشهر من السفر في الأراضي الصحراوية.

كتب بطليموس أنه في عام 50 بعد الميلاد قام سيبتيموس فلاكوس برحلته من أجل الانتقام من الغزاة البدو الذين هاجموا لبدة الكبرى، ووصل إلى سبها وإقليم أوزو. ثم وصل إلى أنهار بحر أرجويج وشاري ولوجون في منطقة بحيرة تشاد، التي توصف بأنها «أرض الإثيوبيين» (أو الرجال السود) وسماها أجيسمبا.

رحلة ماتيرنوس: كتب بطليموس أن يوليوس ماتيرنوس قام حوالي عام 90 بعد الميلاد برحلة استكشافية تجارية بشكل أساسي. وصل من خليج سرت إلى واحة الكفرة وواحة أرشي، ثم وصل - بعد 4 أشهر من السفر مع ملك الجرمنت - إلى نهر سلامات وبحر عوك، بالقرب من جمهورية أفريقيا الوسطى الحديثة في منطقة آنذاك تسمى أجيسمبا. عاد إلى روما مع وحيد القرن ذو قرنين، والذي ظهر في الكولوسيوم.

وفقًا لرافائيل جوردي، كان ماتيرنوس دبلوماسيًا استكشف مع ملك الجرمنت المنطقة الواقعة جنوب جبال تيبستي، بينما شن هذا الملك حملة عسكرية ضد الرعايا المتمردين أو أن قد استكشف بصفته «رازيا»

رحلة يوبا الثاني :قام منذ تربعه على العرش الملكي بإنجازات عديدة حيث إهتم بالعلوم كونه درس في المدارس الرومانية واليونانية ومنها قام برحلات اكتشافية إلى جزر كنارية ورحلة إلى جبال الأطلس للبحث عن منبع نهر النيل وجلب من هناك تماسيح ليثبت نظريته وقام ببناء مكتبة ضخمة في عاصمته القيصرية شرشال وضم فيها كتب كثيرة منها موسوعته عن الرحلات والموسيقة وهي أرابيكا إلا أنه لم يقم بإصلاحات سياسية كبيرة تذكر كونه كان ينفذ قرارات الحكومة الروماني

المحاضرة الثانية:الطرق التجارية

  تعتبر العلاقات الاقتصادية بين المغرب والسودان الغربي أقوى الروابط في تأريخ الاتصال بين هذين الإقليمين، وتعتبر الطرق أهم وسيلة لهذا الاتصال فهناك عدة طرق تربط بين شمال أفريقية وغربها عموماً، والطرق:-

* من سجلماسة إلى والاتا – تنبكت – جنى – جاو.

* من تلمسان إلى توات – تنبكت.

* من تكرث وورقلة إلى جاو – يتصل هذا الطريق بالموانئ الجزائرية في الشمال.

*من واحة الجرير في جنوب تونس إلى ورقلة – سوق – غدامس.

* من طرابلس الغرب على الساحل الليبي إلـى غدامس ويمر فرع منـه بفزان وينتهي إلـى

   بورنووجاو.

* من مصر إلى واحدة سيوه – زاويلة – تادمكة – جاو – تنبكت 

       وقد اختلف المؤرخون والباحثون في بدايات هذه الطرق ونهاياتها كما ركز بعضهم على أهمية بعضها دون غيرها التي كانت وسيلة الاتصال الاقتصادي والثقافي والسياسي في آن واحد معاً

       إن الماء متوفر في الصحراء ويوجد على مسيرة يومين أو ثلاثة من وادي درعة إلى وادي تارجا وفي جبل أدراد مجابة ماؤها على ثمانية أيام وهي المجابة الكبرى

       إن السفر عبر الصحراء الكبرى لم يكن أمراً شاقاً وصعباً بسبب وفرة الماء ولم تكن الصحراء بلا ماء وعشب ولكنه يتوفر في أحيان كثيرة بل توفرت المياه السطحية ولم تتعدَ أعماقها في أحيان كثيرة عدة أمتار كما أن بها عيوناً ومياه جارية والبعد بين البئر والآخر لا يتعدى اليومين أو الثلاثة وثمانية أيام على الأكثر

       يذكر ابن خلدون بوجود آبار ارتوازية بالصحراء بقوله: في البلاد الصحراوية إلى وراء العرق غربيه في استباط المياه الجارية لا توجد في تلول المغرب وذلك أن البئر تحفر عميقة بعيدة الهوى وتطوي جوانبها إلى أن يوصل بالحفر إلى حجارة صلدة فتحت بالمعـاول والفؤوس إلى أن يرق ثم تصعد ويقذفون عليها زبرة من الحديد تكسر طبقتها على الماء فينبعث صاعداً فيفعم البئر ثم يجري على وجه الأرض وادياً

       هنالك ثلاث طرق للتجارة الخارجية الهامة الأول هو الطريق المحاذي للنهر من الجنوب الغربي والذي تحمل منه التجارة المجلوبة من عدة مناطق وطريقان آخران من الشمال أحدهما من المغرب والآخر من قدامس

      إن أهم هذه الطرق هو الطريق الممتد من تغازة إلى تنبكت وهو الطريق الذي اشتهر بتجارة الذهب ولم يزل أهم الطرق من ناحية الثقافة حتى القرن التاسع عشر وكان خراب سجلماسة في السنين الأخيرة قد حرم هذا الطريق من ثغوره التاريخية الشمالية فحلّت مكانها إلى حد ما مدينة أبوام المجاورة ولكن أغلب التجار تركوا تافيللت واتجه بعضهم إلى عين صلاح عاصمة توات وقد سافر التجار من وادي وابوام عبر عكا التي ورثت أعمال سجلماسة على طول الطريق القديم عبر تغازة وتاوديني إلى تنبكت على... فبدلاً من الاتجاه غرباً إلى تاوديني ثم والاتا... تتبع الطريق الخط المباشر عبر وادان

      إن بداية القرن الخامس عشر أصبح الطريق القديم الذي يمتد من ناحية السوس إلى والاتن "والاتا" قد أهمل نتيجة لاعتداءات الأعراب من البادية السوسية على سابلتها فتركوا تلك الطريق ونهجوا الطريق إلى السودان من أعلى تمنيطت (توات) وبسقوط غانا على يد المرابطين انتهت أهميتها كمركز تجاري. وفي عام 1224 تحول التجار المسلمون بعيداً جهة الشمال الغربي إلى والاتا، وفي عام 1240م تحطمت غانا نهائياً وتغير الميزان الاقتصادي وانحرف جهة الشرق إلى منحنى النيجر الأوسط وأصبحت جنى وتنبكت وجاو مراكز تجارة الاستيراد والتصدير وخلف ملوك مالي ومن ثم ملوك سنغي ملوكَ غانة في الاستفادة من ذلك التحول

      اكتسبت طرق الشرق أهميتها بقيام سلطنتي كانم ويرنو كما أن انهيار سلطنة سنغي وقيام ممالك الهوسا نشط الطريق الشرقي وجعله أكثر أهمية في الطرق الغربية وأصبحت كانوهي المركز الرئيسي الذي تنتهي عنده الطرق التجارية بدلاً من تنبكت، وبعد الاحتلال الأوربي لسواحل أفريقيا الغربية انحرف جانب كبير من التجارة ناحية  الجنوب نحو الساحـل وأصبح القرنان السابع عشر والثامن عشر يمثلان فترة تدهور اقتصادي بالنسبة للمناطق المسيطرة في وسط النيجر وأدى سقوط مملكة سنغي على يد السعديين إلى انهيار تجارة الصحراء بين المغرب والسودان الغربي وساعد في تنشيط تجارة الساحل مع الأوربيين كبديل للطرق الصحراوية مع المغرب . القبائل المتمركزة في جنوب الغرب الاسلامي

المحاضرة الثالثة:دور القبائل واحواضر في التواصل بين الغرب الاسلامي والسودان الغربي:

تعتبر صنهاجة من اقوى القبائل البربرية المتمركزة في جنوب بلاد الغرب الاسلامي وقد هجرت موطنها منذ القرن الثالث ميلادي وقد لعبت دورا فعالا في ربط العلاقة بين بلاد المغرب الاسلامي وسوداني الغربي و اهم فروعها :

1)          مسوفة حيث كانت مساكنهم منتشرة بين سجلوماسة في الشمال و اودغست في الجنوب اما شرقا فتصل إلى تدمكت وكوكو 

2)          لمتونة من اهم قبائل صنهاجة الصحراء واقواها حيث برزت في القرن الثاني هجري( الثامن ميلادي) واصبحت لها الزعامة و السيطرة على غيرها من القبائل وكانت مضاربها في منطقة لمطة و جزولة وقيل ان بلاد لمتونة كان من ضمنها تيكرور في جهة الجنوبية لواد النيجر.

3)          جدالة تمتد جنوب النطاق الذي تحتله لمتونة حتى مصب نهر السينيغال متخذة مدينة اوليل على شاطئ مركزا لها وموطن جدالة جنوب موريطانيا حاليا و شمال السنغال و تتصل بمحيط الاطلنطي..

وقد لعبت القبائل السابقة الذكر دورا كبيرا في التواصل ما بين المغرب الاسلامي و السودان الغربي من خلال الفتوحات الاسلامية في عهد الدولة المرابطية و سيطرتها على الطرق التجارية خاصة الممتدة بين سجلماسة و السودان الغربي  دون ان ننسى. الدور الفعال لقبائل زناتة في تواصل بين المنطقتين خاصة انها كانت متعايشة في بعض المناطق مع قبيلة صنهاجة .

                    قبائل السودان الغربي :

 قبائل الفولاني: يعرفون حاليا في السنغال باسم التكرور وكانت اوطانهم الاولى في السنغال الاوسط وقد تاثرو بالدعاة من البربرواختلطت هذه الجماعات وتزواجت واستوعبت البربر لغتهم, ثم انفصلت هذه الجموع عن اصولها في الشمال بعد ان استقرو  مع تواجد المرعى لماشييتهم.

 قبائل الماندنجو: قبائل زنجية موطنها الاصلي المنطقة الممتدة من المحيط الاطلسي حتى نهر النيجر في مالي , غينيا  ويطلق هذا الاسم على عدة قبائل منها : دويلا ,كاسونكي ,جولنكي , المانكية, تميزت بصفاتها الجسمية طول القامة مع بشرة سمراء فاتحة غير داكنة وهي قبائل مسلمة.

 قبائل السرير : عاشت ما بين نهري جامبيانهر السينيغال إلى الجنوب من الراس الاخضر بجوار التكرور

    قبائل الولوف: كان يعتقد انهم يشغلون المناطق الشمالية من نهر السنغال ولكن توسع البربر دفعتهم إلى  الاتجاه إلى منطقة بين نهري السنغال وجامبيا . هم من الزنج شديدو السمرة .

                        المراكز التجارية المغاربية :

1)               سجلماسة : تعتبر مركز تجاري هام و منها عدة طرق تسير القوافل إلى تغارة ومنها تمبوكتو , ذكر ابن حوقل سجلماسة كانت مركز تجاري هام وبها ارباح متوافرة واهلها قوم سراء مياسير وابنيتها كابنية الكوفة صحيحة الهواء كثيرة التمور والاعناب و الزبيب و الفواكه و الحبوب و الرمان وبها معادن الذهب و الفضة , بينها وبين تغازة خمسة وعشرين يوما .

2)               تغازة : يصفها ابن بطوطة بانها قرية لا خير فيها ومن عجائبها  ان بيوتها و مساجدها من حجارة الملح يحفر عليه في الارض فية , تجار السودان كانو يصلون إلى تغاوة ليحملو منها الملح إلى السودان كما كان التجار المغاربة ياخذون منها الملح .

3)               توات : ذكرها ابن خلدون واشاد بعمرانها وقال فيه :"فمنها على ثلاث مراحل قبلة سجلماسة وتسمى وطن توات وفيه قصور متعددة تناهز المائتين اخذة من الغرب إلى الشرق واخرها إلى جانب الشرق يسمى تمنطيت وهو بلد متبحر في العمران وهو ركاب التجار المترددين من الغرب إلى بلد مالي من السودان بهذا تحتوي توات على اربعة الاف عائلة وبها تربة خصبة لزراعة الحبوب و الشعير ويزرعون قصب السكر بكميات كبيرة عندهم طمية في التمر ولا يستعملون اي عملة بجانب الذهب ". وتعتبر مركز انعاش للقوافل اذا تقع في واحة غنية وتزود التجار بالغذاء والماء العذب وتوفر الكلأ لجماله

4)               غدامس : مركز تجاري هام وتتفرع منها عدة طرق : تصل اليها القوافل القادمة من طرابلس وجنوب تونس (واحة حرير) , تتجمع فيها بعض القوافل التي تسافر غربا نحو طريق التوات ومنها إلى تنبكتو , وهناك اتجاه جنوبيا غربيا إلى مرزوق ومنها إلى بورنو

   المراكز السودانية

1) تنيكتو :أ قرب محطة للقوافل التجارية القادمة من الغرب وموقعها جعلها حلقة وصل بين تجارة المغرب وتجارة السودان .

2) جاو:ذكرها صاحب كتاب الاستبصار بقوله :وأهلها  مسلمون واشهر ما يحمل اليها الملح و الودع و النخاس المسبوك و حل ا ليها معادن التبر وهي اكثر بلاد السودان ذهبا ,ان السلع التجارية الرئيسية هي الملح و الودع و النحاس المسبوك اما الملح فكان يرد اليها من تغارة و الودع يأتيها من الهند بواسطة التجار المغاربة و النحاس من نكدا وهي على بعد 400ميل ج شرق تنبكتو.

3) جني(جنيه) : مركز تجاري هام تأسس في القرن 3هـ اشتهرت بتجارة الملح و ذهب وهي سوق عظيمة ويلتقي فيها التجار الملح و الذهب وكانت تزخر بالأموال و الرجال وهي ملتقى الطرق حيث ساعدها موقعها الممتاز المحاطة بالمياه في تأمينها من غارات المعتدين .  

 

4) اودغست : تقع مدينة اودغست في شمال غرب افريقيا بين صحراء لمتونه و السودان وهي إلى الجنوب من مدينة سجلماسة ومن الغرب يحدها البحر المحيط اما الجهة الجنوبية و الشرقية بلاد السودان . تبعد عن سجلماسة مسيرة شهرين , اما المسافة بينها وبين غانة فيذكر بعض المؤرخين الجغرافيين بأنها تبعد خمسة عشر مرحلة ,هي مدينة كبيرة مأهولة بالسكان وطبيعة ارضها طبيعة  رملية ,فهي مدينة لطيفة تقع بين جبلين وهي بذلك تشبه مدينة مكة بهذه الصفة ,

يتكون المجتمع الاودغستي من اقوام ينحدرون من امصار وأقوام عدة ومختلفة فسكانها من اهل افريقية وعرب المغرب ومن القبائل البربرية ( لمتونة و نفوسة و لواتة وزناتة و نفزاوة ) ويشكلون الاغلبية .

تميزت مدينة  اودغست بأنها محطة وسوق تجارية عامرة فقد ساعدها موقعها الجغرافي في التحكم بالطرق التجارية بين المغرب في الشمال و السودان في الجنوب فاصبحوا سادة تلك الطرق لما يتمتعون به من معرفة بمسالكها والشدة و الخفة في الحركة و المعرفة بمواقع المياه , تستورد اودغست البضائع التي لا تتوفر فيها او التي يكون انتاجها لا يسد الحاجة مثل الزبيب و القمح على الرغم من ان اهلها يزرعون القمح في بلادهم وتستورد ايضا النحاس المصنع و الثياب المصبوغة .

ومن البضائع التي اشتهرت بها  مدينة اودغست تصديرها الذهب الابريز الخالص و  كذلك مادة العنبر الطيب و الملح ايضا .

المحاضرة الاخيرة

كان للخوارج دورٌ مؤثرٌ في المنطقة، بل يعدون حقيقة، أول من ربط علاقات مع شعوب جنوب الصحراء، خاصة المذهب الإباضي، فبعد أن فرّ الخوارج إلى بلاد الغرب الإسلامي هرباً من النزاعات والصراعات التي كانت قائمة في المشرق، وجدوا ضالتهم في بلاد المغرب، التي نقلوا من خلالها الآثار الثقافية والاجتماعية للإسلام نحو السودان. وتتمثل بعض آثار وجود الخوارج في بلاد السودان في:

عمل أئمة الخوارج في مجال التجارة، وما نتج عنه من تقوية روابط المودة، ووشائج الصداقة مع السودانيين، ويذكر محمود إسماعيل هذا في كتابه "الخوارج في بلاد المغرب"، حيث يذكر اشتغال مجموعة من الأئمة في التجارة مع هذه البلاد أمثلة: محمد أفلح بن عبد الوهاب، وأبي اليقظان محمد بن أفلح، وأبي يوسف بن محمد .

 

يستنتج من هذا، أن الخوارج استطاعوا أن يخلقوا نوعاً من التفاعل الحضاري مع شعوب الصحراء، وذلك في إطار علاقات تجارية متبادلة، ساهمت في اختلاط الرعايا كما يذكر محمود إسماعيل في كتابه "الخوارج في بلاد المغرب" [ص: 282].

استقرار أقليات من الأفارقة والسودانيين في بلاد المغرب، وهناك من اعتنق منهم الإسلام

المعمار الديني في السودان، فأشكال المآذن في السودان، مأخوذة أصلاً من جنوبي تونس، وكذا المنابر المستطيلة فهي نسخة عن منابر المزاب، المركز الرئيس للإباضية بداية من القرن 4ه/10م5.

التراث الإباضي، وبالضبط أسطورة "دورا"، المستمدة من تراث الهوسا، التي تروي قصة شخص يدعى آبا يزيد (أو بايجيد)، ويبدو أن هذه الأسطورة لها صلة بالقائد الشهير لثورة الخوارج ضد الفاطميين6. بل أكثر من هذا؛ فإن شعب الهوسا يتناقل أساطير كثيرة تعود بأصول بعض الأسر إلى أصول عربية، وتؤكد هذا بعض المأثورات الشعبية التي ترويها الأجيال، وفي هذا الصدد يقول أحد الباحثين: "حتى ولو ثبت أن تلك الحكايات لا تمت بصلة أبداً إلى حقائق التاريخ السياسي، إلا أنه رغم ذلك، فهي حقائق ثابتة بالنسبة للتاريخ الفكري" .

القيام بأنشطة الدعوة واستقرار بعض علماء المذهب الخارجي في السودان، كما تميز الإباضيون بالأخلاق ومسارعتهم إلى الخير. من هذا، ساهم الإباضيون في وضع البذور الأولى للثقافة الإسلامية بهذه الربوع .

هكذا عبّر نشاط الخوارج في السودان، بكونه بداية الانفتاح الإفريقي السوداني على ثقافة الإسلام المتمثلة في ثقافته العربية وأسسه الاجتماعية، فعبر الخوراج عنها في معاملاتهم التجارية، وأسلوبهم المعيشي، فتركوا آثاراً مهمة، تطرقت لها بالتفصيل والتحديد كتب الطبقات الإباضية كالدرجيني وغيره... وعموماً أدى الخوارج دوراً مهماً في نشر الإسلام، ونقل تأثيراته الثقافية إلى بلاد السودان، غير أن سقوط دولتي الخوارج (الرستميون وبنو مدرار) على أيدي الفاطميين سنة 297ه/909م9، شكل منعطفاً لتقلص دور الخوارج في بلاد السودان ليفسحوا المجال لقوة إسلامية صاعدة وهم المرابطون، الذين سيقومون بدور هام في علاقتهم مع بلاد السودان بتمكنهم من التغلغل في تلك البلاد كقوة سياسية فاعلة، تركت بصمتها الاجتماعية والثقافية في المنطقة. فما التأثيرات الثقافية والاجتماعية التي واكبت حضور المرابطين في السودان؟

 

 

ثانياً: السودان الغربي إبان حكم المرابطين بالغرب الإسلامي خلال القرن11م/5هـ

شكل دخول المرابطين إلى عاصمة غانة سنة 469ه/1076م11، البداية الحقيقية لتبلور الإسلام في السودان، وبداياته في هذه المناطق، ارتبط بشكل أكثر بالمدن، في حين ظلت الأرياف بعيدة شيئاً ما عن التأثير الإسلامي12، وبالتالي الـتأثيرات الثقافية للإسلام. منه نستنتج أسباب تلك التباينات بين الشريعة الإسلامية، وبعض الممارسات المحلية، فالأمر كان يتعلق بالضبط بطبيعة مدى الاحتكاك بالإسلام، الذي كان قوياً في الحواضر على عكس القرى. ويبقى آثار المرابطين في مملكة غانة، شواهد لمساهمة هذه الإمبراطورية في خلخلت النظم الاجتماعية التقليدية في السودان. فاعتناق هذه الشعوب للإسلام غيّر ملامح المنطقة، لتعيش على وقع دخول الإسلام القادم من الشمال، فكان من الضروري أن يحمل معه ثقافة المرابطين التي تتمظهر تأثيراتها في نواحي عديدة:

على مستوى اللباس يذكر القلقشندي: "يرتدون عمائم بحنك مثل المغرب، وبملبسهم شبيه بلبس المغاربة، جلباب ودراريع..."13. مما يعكس مدى التأثر الذي أوقعه المغاربة في أهل السودان.

على المستوى العلمي والمذهبي انتقلت المدرسة المغربية والكتابة المغربية، بل والكتب المغربية وحتى مناهج التعليم فهي نفسها، كما أن السودانيين تأثروا بتعاليم ابن ياسين المالكية من التشدد في الدين وأداء فروض الشريعة14، من جهة أخرى ساهم امتزاج التقاليد الإسلامية التي حملها المرابطون مع التقاليد الزنجية المحلية في ظهور تقاليد إسلامية ــ زنجية، حيث انعكس هذا بشكل واضح في حياة الملوك والرعية، بل وقد أدى تأثر السودان بالحضارة العربية الإسلامية، أن ادعت بعض الأسر الحاكمة انتسابها إلى الأصول العربية وآل البيت، فملك غانة مثلاً كان ينسب نفسه إلى ذرية صالح بن عبد الله بن الحسن، بن الحسن بن علي ابن أبي طالب15، وهذا إن دل على شيء فيدل على مدى الآثار الكبيرة للحضارة العربية الإسلامية في بلاد السودان، كما ستعرف المراكز التجارية في عهد المرابطين ازدهاراً مهماً، حيث أصبحت مراكز للإشعاع العلمي والثقافي مثل: أودغست التي وصفها البكري في كتابه "المغرب في ذكر بلاد أفريقية والمغرب"   بكونها:

"مدينة زاهرة ويتألف سكانها من العرب والبربر والسودانيين، وكانت تحيط بها البساتين والنخيل، وفيها مساجد كثيرة آهلة، وكان بهذه المساجد المعلمون لتعليم القرآن الكريم، والسنة وتعاليم الإسلام"، وأوكار عاصمة غانة التي تضم اثني عشر مسجداً، وعند استيلاء الأمير أبي بكر بن عمر عليها سنة 1076م/476ه، ألحق بكل مسجد مدرسة لتعليم القرآن، وقواعد الدين واللغة العربية.. ثم مدينتي "جنى"، و"تمبكتو"، حيث أصبحت اللغة العربية لغة العبادة والتجارة .

 

هكذا أثر الدخول العسكري للمرابطين إلى مملكة غانة في القرن 11م/5ه، في الثقافة السودانية والأفريقية، ونقلوا مجموعة من القيم والمبادئ الجديدة إلى الجنوب، غدت في الفترات اللاحقة جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الثقافية والاجتماعية لشعوب السودان، على الرغم، من أن هذه البلاد ستخرج عن سيطرة المرابطين، وما بعدهم من العصبيات التي حكمت الغرب الإسلامي، لكن بلاد السودان كانت قد غرفت من هوية الحضارة الإسلامية والعربية وباتت ترفع رايتها.

هكذا ساهم كل من الخوارج أولاً، ثم المرابطين ثانياً في بناء أسس جديدة للحضارة في القارة الأفريقية، خاصة في بلاد السودان، فنتج عن اتصالات الخوارج بهذه الشعوب، بأن انفتحت على قيم الحضارة الإسلامية وركائزها التي ما فتئت أن أصبحت من حضارة وثقافة الأفارقة، الذين أخذوا بها واستزادوا ما يميزهم فيها، بينما شكلت دعوة المرابطين وحضورهم السياسي القوي في القارة، إشعاعاً مهماً عكس قوة المسلمين، مما سهل رؤية تعاليم هذا الدين الإسلامي، فدخل المرابطون إلى غانة وهم حاملين لثقافة جديدة ونظم اجتماعية، سرعان ما تغلغلت في ذوات الأفارقة الذين ارتضوا بها كثقافة الحضارة والعلم آنذاك، فكانت ضرورة وليس خنوعاً، أن يأخذ الإفريقي من هذه الثقافة التي احتوته وتقاليده التي ترسخت معه. فتقوت العلاقات الثقافية والمجتمعية بين الغرب الإسلامي، والسودان التي كانت بدايتها مع نشاط الخوارج منذ القرن 2ه/8م، لتزداد قوة مع المرابطين خلال القرن 5ه/11م، وتستمر مع التاريخ لغاية الغزو الأيبيري والاستعمار الحديث الأوربي، الذي قوض أركانها، وأسس لعلاقات ثقافية قائمة على التبعية الاقتصادية.

على سبيل الختم؛ نخلص إلى أن بداية التأثير الثقافي والاجتماعي لبلاد الغرب الإسلامي في السودان الغربي، جاء منذ أن استطاعت البلاد المغربية أن تستقل عن الخلافة في الشرق، فحاولوا أن يؤسسوا لعلاقات ثقافية واجتماعية جديدة مع مجتمعات الجنوب الإفريقي.

كانت المماليك الخارجية أولى الكيانات السياسية التي استطاعت أن تتوغل جنوب الصحراء وإلى بلاد السودان، واستطاع هذا المذهب العقدي، أن يربط علاقات متينة مع شعوب منطقة السودان، حملوا من خلالها آثار الإسلام الخارجي للسودان

 

 

.

 

 

Les visiteurs anonymes ne peuvent pas accéder à ce cours. Veuillez vous connecter.