مقدمة
كل بلد من البلدان يريد إصلاح بناءه التربوي ، من الضروري أن يبحث عن النماذج التي يتخذ منها أساسا لعمله، إننا لا نستطيع أن نبني نظاما تربويا في فراغ، بل ينبغي أن نكون واقعيين ضمن أنماط واضحة نعمل في ظلها.
أكد ديكرولي Decroly أنه لا يمكن لنا فهم بصفة جيدة شيئا ما أو ظاهرة ما إلا إذا قمنا بمقارنتها بأشياء أو ظواهر أخرى ، فالدراسة المقارنة في التربية المقارنة للنظم التربوية في تنوعها و تعددها و تداخلها مع بعض العلوم الأخرى الإنسانية و الاجتماعية، تقدم تطورا للوضعية الراهنة و فهمها لأي نظام تربوي، و التربية المقارنة هي ذلك الجزء من النظرية التربوية الذي يهتم بتحليل و تأويل مختلف الممارسات و السياسات في مجال التربية في مختلف البلدان و مختلف الثقافات هدفها جمع و تصنيف كل المعلومات الوصفية و الكمية التي تخص النظام التربوي المراد دراسته، كما تحاول التربية المقارنة أن تفسر الوضعيات القائمة على تحليل المعطيات المجمعة في ضوء التطور التاريخي لمختلف الأنظمة ، كما تبين أثر الظواهر الاجتماعية و الاقتصادية و التكنولوجية و الدينية و الفلسفية.
أثبتت التربية المقارنة في البلدان المختلفة قيمتها و نفعها، لأنها تقوم على دراسة العوامل المختلفة التي أوجدت النظام ( جوانب أي نظام سياسي )، و فرقت بينه و بين النظم الأخرى، تبعا لاختلاف تلك العوامل كالتاريخ، الثقافة، الدين، ...و غيرها من المؤشرات التي لها عمقها في حياة الأمم.
و بهذا التصور الأوسع لميدان للتربية المقارنة، لم تعد هذه الأخيرة مجرد مهمتها وصف النظم التربوية و التعليمية، بل تهتم بإبراز ما وراء تلك النظم من مؤشرات، بل انتقلت إلى دراسة الحالات الخاصة و المشكلات في مجال التعليم ضمن الاتجاهات المعاصرة للتربية.
و المطبوعة التي بين أيدينا نموذج يتضمن بعض المحاور حول التربية المقارنة بدءنا ها بالمفاهيم ، أهدف و أهمية التربية المقارنة، مناهج البحث في التربية المقارنة و صعوبات التي تعترض الباحث ، كذلك مصادر البيانات و المعلومات في التربية المقارنة، و أيضا تم التطرق إلى بعض النماذج للنظم العالمية التعليمية في ظل العوامل التربوية و الثقافية، و اختتمنا المطبوعة بالحديث على النظام التربوي الجزائري الذي يشهد إصلاحات تربوية
- Créateur de cours: Smail Rabhi