Résumé de section

  • بالإضافة إلى المصادر المادية تحتاج الكتابة التاريخية إلى مصادر غير مادية ذلك بأن تطور حركة المجتمع والتغيرات التي عرفها الإنسان بشكل يومي ولا يزال إلى اليوم يعرفها غيرت مساره التاريخي وبالتالي تحددت من خلالها مصادر الدراسة، فإذا كان الإنسان في عصور غابرة كان يستعمل الكهوف للعيش والإحتماء داخلها، فينقش على جدرانها ما يختلج في نفسه من أفكار ومعتقدات، فأصبح يترجمها بعد ذلك على شكل تدوين بعد ظهور الكتابة، إلا أننا لا نستطيع الجزم أن الإنسان في ذلك الوقت أو حتى اليوم كان يدون كل أحداثه بتفاصيلها، فلسبب أو لآخر قد تسقط بعض الأحداث من التدوين، وقد يسقط التدوين كله في ظروف معينة كالحروب أو المجاعات، وبذلك نلجأ في مثل هذه الحالات إلى ما بقي عالقا في الذاكرة لنستقرئه، آخذين معنا ميكانيزمات العمل التاريخي ومنهجيته العلمية.

    لقد إعتمد القدامى في تدوين تاريخهم على الأسلوب القصصي والروايات الشفوية فإعتمد الإغريق على أشعار هوميروس كأول كتابة تاريخية إغريقية وتضمنت تمجيد الابطال والمعارك التي قاموا بها وكان ذلك في القرن التاسع قبل الميلاد ثم جاء بعد ذلك هيرودوت الذي إعتبر أن إرادة الإنسان هي التي تصنع التاريخ.

    يلجأ الباحث إلى الإستعانة بالتاريخ الشفوي لملأ الفراغ الموجود في المصادر المادية أو لتأكيد ما ورد في هذه المصادر، ومن ثم مقارنتها عن طريق ما يسمى بالتقاطع في المعلومة ليتأكد من صحتها، أو لأن المصادر المادية لم تتطرق إليها أصلا أو تطرقت بنوع من الغموض أو الحساسية التي من شأنها أن تؤثر سلبا على الكتابة التاريخية، فيلجأ الباحث إلى المقابلات والمناقشات بينه وبين المصدر المباشر، أو أشخاص لهم إتصال وثيق بالحادثة التاريخية أو عايشوها من قريب أو بعيد، وعن طريق المناقشة المباشرة مع المصدر والأسئلة الكتابية والشفوية التي يعدها الباحث تكون إجابات المصدر مسجلة على جهاز بالصوت والصورة ليكون التثبيت مؤكدا، إلا أنه لا يمكن حمل أي معلومة وردت في مصدر ما سواء كان مادي أو غيره على أنها الحقيقة الكاملة، حيث يلجأ الباحث بعد مرحلة الجمع إلى مرحلة الغربلة لينتقي الغث من السمين عن طريق منهجية علمية تاريخية محددة تمكن الباحث الإقتراب من الحقيقة التاريخية.