مقدمة


احتل ميدان التربية الخاصة في الوقت الحالي مكانة مرموقة نتيجة الاهتمام المتزايد للباحثين وعلماء التربية وعلماء النفس والأطباء وغيرهم بمجال الأطفال غير العاديين الذي أخـذ يمثل موقعـا متقدما في سلم
الأولويات  إذ يعد ميدان غير العاديين أو التربية الخاصة من الميادين التربوية التي واجهـت عددا كبيرا من التحديـات حتى نمـا وتطـور بسـرعـة وأصبـح يحتـل مكانـا بـارزا بيـن الميادين العلمية والتربوية المختلفة في بلدان العالم    فمنذ عهد قريب كان هذا الميدان يقتصر على رعاية بعض أفراد فئات الإعاقات السمعية و البصرية والعقلية والجسمية، وكان لا يعترف برعاية وتربية  الأفراد الذين يعانون من أي نوع آخر من الإعاقات خارج هذه الفئات وتجدر الإشارة إلى أن التربية الخاصة (Special Education) من الموضوعات الحديثة في ميدان التربية     حيث تعود البدايات الأولى لهذا المجال إلى النصف الثاني من القرن العشرين .كما أن موضوع التربية الخاصة يتشعب بين عدد من العلوم و الميادين مثل علم النفس والتربية وعلم الاجتماع ويتناول الأفراد غير العاديين الذين يختلفون اختلافا ملحوظا عن الأفراد العاديين في نموهم العقلي والحسي والانفعالي والحركي واللغوي ... مما يستدعي اهتماما خاصا بهم من قبل المربين من حيث طرق تشخيصهم ووضع البرامج التربوية الخاصة بهم.
ولقد كان للتيارات والاتجاهات التربوية ولجهود العاملين في مجال علم النفس والطب أمثال فروبل Frubil وستراس Stras وكيرك Kirk أكبر الأثر في نمو وتطور ميادين التربية الخاصة الذي يهتم بحاجات الجماعات والأفراد المختلفة وخاصة من الناس غير العاديين ، وقد شهدت السنوات الأخيرة تطوراً هائلاً في مجال الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة ونشطت الدول المختلفة في تطوير برامجها في هذا المجال ، لأن الاستجابة الهادفة والفعالة لمشكلة الإعاقة يجب أن تتصف بالشمولية ، بحيث لا ينبغي تركيز الاهتمام على بعض الجوانب المتعلقة بهذه المشكلة وإغفال جوانب أخرى ، ولا يتم ذلك إلا بالأخذ بعين الاعتبار برامج الوقاية من الإعاقة لما لها من أهمية متميزة نظراً لأنها تمثل إجراءً مبكراً يقلل إلى حد كبير من وقوع الإعاقة ويختصر الكثير من الجهود المعنوية والمادية اللازمة لبرامج الرعاية والتأهيل .

إن الاهتمام بذوي الاحتياجات التربية الخاصة والتفكير الجدي بالبرامج المناسبة لهم والاستراتيجيات والتقنيات المساعدة لهم يهدف بالأساس إلى تعليمهم كيفية استغلال ما لديهم من إمكانات وقدرات والارتقاء بها إلى المستوى الذي يمكنهم من الاعتماد على أنفسهم سواء في الصفوف العادية أم من صفوف التربية الخاصة ومؤسساتها وهذا دليل على تطور النظام التربوي.


Modifié le: mercredi 29 décembre 2021, 13:41