Aperçu des sections

  • Section 1

  • Section 2

    • تشمل أهداف تدريس هذا المقياس:

      -        تعليم الطلبة كيفية التواصل الفعال والمؤثر في المواقف المختلفة.

      -        تعليم الطلبة شروط التحرير الإداري والعناصر الشكلية للمراسلات الإدارية.

      -        تعليم الطلبة كيفية كتابة الرسائل الإدارية بطريقة متقنة وفعالة، وكيفية استخدام اللغة الصحيحة والمناسبة في الكتابة.

      -        تنمية مهارات التحليل والتفكير النقدي لدى الطلبة، وتدريبهم على التفكير المنطقي وتنظيم المحتوى بشكل متسلسل ومنطقي.

      -        تعليم الطلبة كيفية توظيف مهارات الاتصال والتحرير في إدارة الوقت والموارد بشكل فعال، وكيفية التعامل مع المواقف المختلفة في العمل الإداري.

      -        توفير الأدوات والمهارات اللازمة للطلبة لإنشاء وإدارة العلاقات العامة والتسويق والاتصال الجماهيري بطريقة فعالة ومؤثرة.


  • Section 3

    •       لعبت المراسلات دورا مهما في تسهيل حياة الناس قديما وحديثا، ولإن كان الأشخاص الطبيعيين (الأفراد) يستطيعون التواصل شفاهة، فإن الأشخاص الاعتبارية عموما والإدارة على وجه الخصوص صماء، لا تستطيع التعامل في مختلف نشاطاتها إلا من خلال الكتابة، سواء في علاقاتها مع الأفراد أو فيما بين فروعها أو مع غيرها من الأشخاص المعنوية.

      وتقسم الكتابة إلى نوعين أساسيين، أما الأول منها فيطلق عليه تسمية الكتابة الإبداعية، على غرار الشعر والنثر، وله قواعده وجمالياته الخاصة، أما النوع الثاني، محل دراستنا فهو التحرير الإداري، ويطلق عليه تسمية الكتابة الإجرائية، والتي تتميز هي الأخرى بقواعدها وخصائصها من انتقاء للعبارات المفهومة والبسيطة والقانونية، وكذا تفردها بعنصر الاختصار واحترام السلم الوظيفي والتدرج الهرمي، فهي كتابة رسمية قد تكون عامة أو شخصية معبرة عن نشاط إداري ومقررة لمراكز قانونية على غرار منح الحقوق أو الحرمان منها.

         فالأسلوب الإداري في الكتابة متميز عن الأسلوب الأدبي، من حيث التراكيب الترتيب الصيغ النتائج، والأهداف، كما أن الرسالة في الحياة المهنية تلبي حاجات التبليغ الأساسية، وهذا في شكل موضوعي وممنهج، دقيق ومعبر. لكل هذه الاعتبارات ومن أجل التحكم في كتابة الرسالة الإدارية، لابد من تكوين نظري متخصص في التحرير الإداري، يضاف إلى ذلك الخبرة المهنية التي تكسب الموظف وحتى المواطن معارف ، وذلك من خلال التعامل مع نماذج مختلفة ومتعددة من المحررات ونشير إلى أن تشعب مهام الإدارة وزيادة نشاطها يستلزم بالضرورة زيادة في المحررات الإدارية، غير أن هذا الأمر ترتب عليه مشكلة أساسية يطلق عليها"أزمة التوريق"، وما ارتبط بها من أعباء مالية مخصصة للطباعة ورسوم للمراسلات وأرشيف وموظفين، وهو ما دفع للبحث عن حلول لهذه الأزمة، حيث تم استغلال التكنولوجيا الحديثة والمعلوماتية في التوصل إلى سياسات لتوفير المال والوقت من خلال استحداث المحررات الإدارية الإلكترونية ولعل أبرز نموذج معبر عن هذا التوجه هو النموذج الياباني من خلال سياسة صفر ورق".

         غير أن التعامل بالمحررات الإلكترونية لا يخلو كذلك من جملة من الإشكالات نشير إلى بعضها فيأتي على رأس هذه الإشكالات أن التحرير الإلكتروني يتطلب إضافة إلى ضرورة تمكن الموظف من تقنيات التحرير الإداري التقليدي، ضرورة تحكمه التقني في مجال المعلوماتية، إضافة إلى ضرورة حماية هذه المعلومات من القرصنة والاتلاف وغيرها من صور الاعتداء الالكتروني على المعلومات من خلال ما سبق نجد أن التحرير الإداري ضروري حتى في ظل الإدارة

       

      الإلكترونية، فلا يمكن الاستغناء عنه، ذلك أن التغيير يتم فقط على مستوى نمط وقالب التعامل من إدارة ورقية إلى أخرى إلكترونية.

      كما أن التزايد المستمر لنشاط الإدارة في حياتنا اليومية، يصاحبه زيادة معتبرة في المحررات، ذلك أن الإدارة تكتب ولا تتكلم، ومن ثم تظهر الحاجة الماسة لكيفية إنشاء هذه المحررات بشكل سليم وفعال، وهو ما توفره دراسة مقياس التحرير الإداري، ولعل المراجع المتوفرة بين أيدينا في هذا المجال تركز بشكل كبير علة الجوانب التطبيقية، بتقديم نماذج جاهزة الاستعمال، يمكن للموظفين محاكاتها من أجل إنشاء المحررات الإدارية المطلوبة، غير أننا نؤكد على أهمية الاطلاع على الجوانب النظرية قبل التطبيقية، حتى يتسنى لكل محرر إنشاء محرراته حتى في ظل عدم وجود نموذج جاهز يؤطر موضوع محرره، وهذا من خلال فهم ماهية المحرر وخصائصه ومراحل إنجازه، وغير ذلك من العناصر المتصلة بالتحرير الإداري، فهذا الأمر حسب تقديرنا المتواضع، ضروري بذات القدر مع المكتسبات التطبيقية.


  • Section 4

    • مدخل نظري في التحرير الاداري مفهوم التحرير الادري

       اولا تعريف التحرير الاداري

       إن عبارة التحرير الإداري عبارة مركبة من كلمتين كلمة "تحرير"، ثم تخصيصها بعبارة "إداري، وسوف نحاول فيما يلي التطرق للدلالة اللغوية ثم الاصطلاحية لهذه العبارة.

      المطلب الأول : التعريف اللغوي للتحرير الإداري

         كلمة تحرير نجد أصلها في الجذر "حرر" في اللسان العربي، وهي عكس "قيد"، والحر عكس العبد والأسير، والحر هو الطليق، ومن ثم جاءت "حرر" بمعنى أطلق والتحرير هنا بمعنى أطلاق الأفكار. وجاء فيها أيضا "حرر"، بمعنى كتب، وحرر الكتاب بمعنى قيده. وجاء في لسان العرب "تحرير الكتابة إقامة حروفها وإصلاح السقط، وتحرير الحساب: إثباته مستويا لا غلث فيه ولا سقط ولا محو، وتحرير الرقبة عتقها

      أما مصطلح "الإداري" فهو نسب الفعل للإدارة، وهي: "جهاز أو مجموعة من الأجهزة، منحتها السلطة السياسية الصلاحيات والوسائل لتحقيق رغبات الشعب وتسيير أموره ومصالحه ضمن إطار القوانين المرعية

       وعند جمع المصطلحين التحرير الإداري، بمعنى أطلق الأفكار وفقا لمنظور الإدارة.

       

      المطلب الثاني : التعريف الاصطلاحي للتحرير الإداري

       

      للتحرير الإداري تعاريف اصطلاحية متعددة اخترنا منها ما يقترب من دراستنا وتكرر استعماله في المراجع المتعلقة بالموضوع، فمنها من ذهب إلى أن التحرير الإداري هو: مجموعة من المراسلات والعقود والوثائق الإدارية تحرر وترسل إلى المصالح العمومية أو إلى الأشخاص الطبيعيين، في شكل رسائل أو جداول إرسال أو برقيات أو مذكرات أو مناشير أو محاضر .... وعليه فإن كل تحرير إداري يقتضي قبل كل شيء معرفة كافية للغة التي يتم بها التحرير، ومن جهة أخرى فإنه يتطلب بصفة عامة :

      أ الوضوح في التعبير عن الأفكار.

      ب - التنسيق المنطقي للمعاني والاستدلالات.

      ج - الأسلوب الصحيح والدقيق في التحرير"

      نشير إلى أن هذا التعريف شابه بعض القصور، بداية من أن التعريف قد تضمن المعرف من خلال عبارة "حرر، ومن الناحية المنهجية يجب أن لا يرد المعرف في التعريف.

      كما أن الجهات المخاطبة بالمحررات وفقا لهذا التعريف هي الإدارات العمومية والأشخاص الطبيعية، ويضاف إلى ذلك الأشخاص الاعتبارية الخاصة، فيمكن أن توجه الإدارة خطابها للكيانات المعنوية الخاصة، فكان كافيا أن يورد التعريف عبارة الأشخاص فقط، وهي كافية للتدليل على الأفراد والأشخاص الاعتبارية الأخرى عامة وخاصة.

      كما يضاف إلى ما سبق أن التعريف جاء بذكر الأمثلة دون تعميم، وهذا الأمر غير محبذ من الناحية المنهجية، حيث أن التعريف الجيد من خصائصه أن يكون جامعا ومانعا، ثم تأتي المثلة لتوضيح مقصد التعريف.

      كما أن الخصائص الواردة في هذا التعريف ليست خصائص جامعة للمحرر الإداري، فهناك العديد من الخصائص التي تم إقصاؤها والتي سوف نبينها عند التطرق لهذه المسألة.

      كما جاء تعريف التحرير الإداري بأنه: "الإنشاء الإداري، وفق الوضعيات الشكلية الشروط والصيغ الشكلية، وكذا الخطوات التقنية المنهجية التي تلتزمها الإدارة بجميع هيئتها المركزية والمحلية في صياغة الوثائق التي يتطلبها النشاط الإداري، ويمكن تعريف التحرير الإداري انطلاقا من الوثائق الإدارية نفسها التي عليها مدار التحرير الإداري المستهدفة به . نلاحظ أن هذا التعريف يركز على الجوانب الشكلية دون الموضوعية في المحررة الإدارية، وهذا الأمر فيه نوع من الإهمال للجوانب الجوهرية في المحرر الإداري، حيث أن الموضوع المتطرق إليه في المحرر مرتبط لا محال بالجوانب الشكلية من مثل صفة المحرر ومدى اختصاصه، وكذا الصفة الرسمية في هذه الأوراق والقالب الذي تصب فيه المعلومات، غير أن هذا لا ينفي أهمية الموضوع نفسه، حيث أن هذه الجوانب الشكلية ما هي إلا مرحلة تمهيدية للإخراج الجيد للمعلومات المراد مخاطبة الغير بها، والتي تتطلب اطلاعا على الموضوع ومصطلحاته المناسبة وغير ذلك من المعلومات المفيدة المرتبطة بموضوع المحرر الإداري.

      كما نشير إلى أن توظيف مصطلح "الوثائق الإدارية" في تعريف المحرر الإداري غير دقيق بالنظر إلى أن الوثيقة الإدارية لها مدلولان الأول واسع يفيد معنى المحرر الإداري نفسه، والثاني ضيق يقتصر على جزء فقط من المحررات الإدارية، وهو ما سوف نبينه في نهاية هذا الفصل عند التطرق لأنواع المحررات الإدارية

      وهناك من ذهب إلى أن التحرير الإداري يعني "الإنشاء والكتابة"، وهو "عملية إنشاء أو كتابة مختلف المراسلات والوثائق والنصوص الإدارية، وفق صيغ ومواصفات خصوصية تستجيب لمقتضيات نابعة من طبيعة النشاط الإداري، ومن نوعية الروابط بين مختلف الوحدات والمستويات الإدارية وعلاقاتها بالمتعاملين الخارجيين نشير إلى أن هذا التعريف قد بين لنا مختلف أنواع المحررات من مراسلات ووثائق ونصوص، وهذا التقسيم يلقى قبولا واسعا في مؤلفات التحرير الإداري على الرغم من أنه منتقد هو الآخر، كما بين لنا أن المحرر يجمع بين خصائص شكلية وأخرى موضوعية مرتبطة بنشاط الإدارة في تعاملها الداخلي أو الخارجي مع المخاطبين كما يذهب المؤلف السابق في تعريف آخر إلى أن "التحرير الإداري هو مجموع الوثائق التي تحررها الإدارة بواسطة موظفيها، وتستعملها كوسيلة اتصال بغيرها من المصالح الإدارية الأخرى، وللقيام بعملياتها المختلفة بغية الوصول إلى الهدف المسطر.

      ونلاحظ هنا أن عملية التحرير مقتصرة فقط على الاتصال بين الإدارات وهو ما نرى بأنه غير متطابق تماما مع نشاط الإدارة وأهدافها، وإن كان الأمر لا يخلو من الصحة، فإن جزءا مهما من المحررات الإدارية متصلة بجهات أخرى خصوصا علاقة الإدارة بالمواطن، وعلاقة الإدارة بالقضاء، وهو ما أشار إليه الباحث في التعريف الأول، عندما تطرق لعلاقة الإدارة بالمتعاملين الخارجيين.

            كما جاء في تعريف التحرير الإداري بأنه عملية كتابة الوثائق والمراسلات والنصوص والتعليمات بالشكل الذي يتوافق مع الصيغ الإدارية والرسمية، حيث يستخدم المحرر الأسلوب الإداري الذي يتميز بخصائص متعلقة بالإدارة باعتبارها مرفق عام وصاحب سلطة حيث يتعين عليه اختيار المصطلحات والتعبير المناسبة حتى تكون المحررة الإدارية مفهومة وواضحة للمخاطبين بها، وهذا من أجل تحقيق أهداف الإدارة من وراء انشاء هذه المحررة، وفن التحرير الإداري يُكتسب من خلال أمرين اثنين بداية بمعرفة القواعد الأساسية للكتابة وهي معارف نظرية بحتة، حيث يتم اكتساب الأسلوب وتحسينه من خلال التمارين والقراءة اليومية. أما الأمر الثاني فيتعلق بالخبرة التي لا تكتسب إلا من خلال الممارسة الميدانية.

      ونرى بأن هذا التعريف الأخير أشمل مما سبق ويمكن التعويل عليه في تعريف التحرير الإداري في هذه الدراسة.

       المبحث الثاني أهمية التحرير الإداري

      سوف نبين في هذا المبحث أهمية التحرير الإداري، التي تدفع الباحث والموظف والمواطن على السواء إلى البحث في هذا الموضوع، ثم ننتقل بعد ذلك

      إلى الخصائص الجوهرية في عملية التحرير الإداري

      المطلب الأول: أهمية التحرير الإداري

      لا نستطيع إدراك أهمية التحرير الإداري إلا إذا وقفنا على الوظائف التي تؤديها المحررات الإدارية التي نستشف أهمها من خلال التعريف التالي الذي يذهب صاحبه إلى أن "المراسلات الإدارية هي مجموع الوثائق التي ينتجها ويحررها ويتداولها موظفوا الإدارة فيما بينهم، أو بينهم وبين المصالح الإدارية المختلفة، أو المؤسسات الأخرى حيث تكون - أي المراسلة الإدارية - وسيلة اتصال وإعلام وإثبات".

      فمن خلال هذا التعريف نستطيع أن نستخلص جملة من الوظائف التي يؤديها التحرير الإداري، وهي: الاتصال، الإعلام، الإثبات، وسوف نشرح فيما يلي كل هذه الأدوار الوظيفية التي تشكل في ذات الوقت الأهمية التي يكتسيها التحرير الإداري

      الفرع الأول: التحرير الإداري وسيلة اتصال

      لما كانت الإدارة تكتب" ولا تتكلم، فإن التحرير الإداري هو وسيلة الإدارة في التواصل، سواء فيما بين هيئاتها أو مع هيئات خارجية، أو في تعاملها مع الأفراد من مواطنين وغيرهم، وهو الأمر الذي يكشف عن أهمية خاصة للمحررة الإدارية في النشاط الإداري، وبدون التحرير الإداري سوف يشل هذا النشاط لا محال وإن كان الواقع يثبت أن أسلوب المخاطبة الشفهية منتشر كذلك في تسيير النشاط الإداري، إلا أنه أسلوب محفوف بالريبة، خاصة إذا تعلق الأمر بالمساس بالحقوق والمراكز القانونية، وهو ما يؤدي في غالب الأحيان إلى العزوف عن التنفيذ، والمطالبة بالكتابة من قبل الموظفين (المرؤوسين) حماية لأنفسهم من أي متابعة أو مسؤولية والحديث عن أهمية الاتصال يقودنا إلى أهمية أخرى للتحرير الإداري، وهي الإثبات.

       

      الفرع الثاني التحرير الإداري وسيلة إثبات

         مما لا شك فيه أن الوثائق الإدارية عموما هي أوراق رسمية، وهو ما يجعل التعويل عليها في إثبات الوقائع والحقوق أمر منتشر في المنازعات مع الإدارة وبالنظر إلى هذه الأهمية، نجد أن المحرر الإداري يتضمن وجوبا مجموعة من البيانات الإلزامية والخصائص - التي سوف نتعرض لها لاحقا حتى يتسنى للإدارة وخصومها استعمال هذه المحررات كوسائل إثبات في حل النزاعات الإدارية والقضائية، حيث يمكن الاعتماد على هذه الوثائق في مجالات غير محصورة في النزاعات، نذكر منها: سريان المواعيد والآجال، التبليغ الاختصاص، الصفة، الإقرار القيام بعمل أو الامتناع عنه، إنشاء المراكز القانونية أو إنهائها التنفيذ أو الاحجام عنه، والأمثلة تزيد بزيادة حجم النشاط الإداري.

      الفرع الثالث: التحرير الإداري وسيلة إعلام

          تحتاج الإدارة في الكثير من الأحيان بهدف تحقيق غاياتها إلى وسيلة للإعلام، سواء كان الأمر متعلقا بإعلام موظفيها، أو إدارات أخرى، وخصوصا إذا تعلق الأمر بإعلام المواطنين والمتعاملين معها، وتعتبر الكتابة (النموذجية) النمطية وفقا لمعايير التحرير الإداري هي الوسيلة الأقل تكلفة والأبسط في الاستعمال من أجل تحقيق غاية الإعلام، فتتصل الإدارة بموظفيها مثلا عن طريق نظام التعليمات والمذكرات الاعلامية وتتصل بالمواطنين عن طريق الاستدعاء أو التبليغ أو الإعلان وهكذا. ونشير إلى أن كلا من الإعلام والاتصال يحققان غاية أخرى لا تقل أهمية عما سبق، حيث أن التواصل يؤدي إلى تيسير الحركة الإدارية، خصوصا بين الموظفين، الرؤساء والمرؤوسين، في المستويين الأفقي والعمودي الداخلي والخارجي، أي داخل الإدارة نفسها أو خارجها مع إدارات أخرى أو مع المواطنين.

      الفرع الرابع: التحرير الإداري وسيلة تظلم

          استقر العمل اليومي أن هناك العديد من الطرق التي حددها القانون ويلزم فيها الموظفين في الإدارات العامة باتباعها عند مطالبتهم بحقوقهم، لعل أهم هذه الطرق هي التظلم، وسواء كان التظلم رئاسيا أو ولائيا، فإن الموظف يحتاج لا محال إلى الكتابة للتعبير عن انشغالاته وكذا حماية حقوقه، وفي سبيل رفع هذا التظلم لابد أن يعلم الموظف بأساسيات لا تخلو منها كتابته كا لجهة التي يرفع إليها تظلمه والمواعيد والآجال والقوانين المقررة لحقوقه هذا كله في أسلوب لا تحامل فيه ولا غموض، بعبارات لائقة ودقيقة وناجعة.

      ونشير إلى أن الكتابة المتعلقة برفع المظالم إلى الجهات المعنية، غير مقتصرة على الموظفين، فنجد أن هذا الأسلوب قد يستعمله كذلك المواطن لذات الأغراض السابقة وبنفس التقنيات المطلوبة من الموظف إذا أراد أن تحقق كتابته هدفها المنشود.

      وهذا الأمر غير مقتصر على التظلم فقط، فمثلما وقفنا على الأهمية البالغة للمحرر الإداري من جهة الإدارة، فإننا نشير إلى أن للتحرير الإداري أهمية خاصة بالنسبة للمتعاملين مع الإدارة، فبالإضافة إلى أنه وسيلة تظلم ضد تصرفات الإدارة وقراراتها، فيمكن أن يستعمل التحرير كوسيلة للإعلام أو الاتصال أو الاثبات إذا استدعى الأمر ذلك من طرف الأشخاص الطبيعية (الأفراد) أو المعنوية فيجب مخاطبة الإدارة بلغتها، وبأسلوب تفهمه، وهذا عند مخاطبة المسؤولين المباشرين أو مسؤولين أعلى منهم عن قرارات أو تصرفات

      صادرة عن موظفين تابعين لهم أضرت بمصالحهم.

          فالتحرير الإداري وسيلة مهمة لإدانة التقصير والمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي قد يلحق المواطن من تصرفات الإدارة وأعمالها، حيث يجد المواطن نفسه مجبرا على عرض مشاكله وانشغالاته بطريقة واضحة ومحددة لتمكين المسؤول المخاطب من فهم الانشغال والرد عليه وللوثائق الإدارية وظائف أخرى تتجلى من خلالها كذلك أهمية التحرير الإداري، نوجزها فيما يلي:

      - تحديد المركز القانوني للشخص في إدارة ما، على غرار مقررات التعيين التثبيت الانتداب الاحالة على الاستيداع قبول استقالة أو قرار اقالة، كما تبين هذه الوثائق كذلك صفة المخاطب والمخاطب فنعرف من خلالها مدى اختصاص كل منهما.

      - تعتبر المحررة وسيلة لتحويل واحالة الوثائق بين المصالح والإدارات على غرار جدول الإرسال الذي نستطيع من خلاله إثبات استلام محررة ما حيث أن الختم بالاستلام يعتبر بمثابة اعتراف من جهة داخلية أو خارجية باستلام الملف المرسل.

      - يضاف إلى ما سبق أن بعض المحررات تعتبر وسيلة لتوجيه المستخدمين أو العمال، على غرار المذكرات المصلحية والتعليمات الداخلية والخارجية، حيث أن المسؤول لا يكون ملزما بالاتصال بكل فرد أو إدارة على حده فيكفيه المحرر المعلن التوجيه مستخدميه أو غيرهم إلى ما تريد الإدارة تحقيقه. كما تستعمل المحررات الإدارية كوسيلة لاتخاذ قرار ما من خلال التشاور الجماعي في مسألة معينة، كما هو الحال في محاضر الجلسات والاجتماعات

      - من بين أهم الوظائف التي يؤديها المحرر الإداري أنه وسيلة للتنفيذ. فالنشاط الإداري يعوزه في آخر مرحلة تحقيق النتائج المرجوة والمسطرة، فلا فائدة من مخطط عمل غير منتج، وكثيرة هي المحررات التي تمهرها الإدارة بصيغة للتنفيذ.

      المطلب الثاني: خصائص التحرير الإداري

      ينبغي على الموظف في الإدارة العلم المسبق بأن عملية التحرير الإداري تتطلب مجموعة من الخصائص التي يجب عليه مراعاتها، منها ما هو متعلق بالمضمون، ومنها ما هو متعلق بالشكل، وسوف نحاول فيما يلي التطرق لهذه الخصائص بنوع من التفصيل.

      الفرع الأول: خصائص التحرير الإداري من حيث الشكل

      هناك العديد من الشكليات التي يجب مراعاتها عند البدء في عملية التحرير، منها شكليات متعلقة بالصياغة وأخرى بقواعد المجاملة واحترام التسلسل الإداري، وأخرى متعلقة بالبيانات الواجب توافرها في المحررة الإدارية

      وهو ما نبينه في النقاط التالية:

      أولا - احترام شكليات الصياغة في التحرير الإداري

      للمحرر الإداري خصوصية في أسلوب صياغته، حيث أن التحرير الإداري صياغة إجرائية (وظيفية) تختلف عن الصياغة الإبداعية، فتميل العبارات المستعملة فيه إلى العملية وتبتعد عن الصياغات الأدبية المركبة والبليغة وسوف نحاول فيما يلي بيان مختلف الجوانب المتعلقة بالصياغة في مجال التحرير الإداري

      1 - سلامة صياغة المحررات الإدارية : إن الأسلوب الإجرائي لا يعني بأي حال استعمال عبارات ركيكة وانما يعني استعمال العبارات القانونية (إن وجدت) والمتداولة، ذلك أن المحررات الإدارية تحمل صفة الرسمية في أغلبها، كما أنها مرتبة لآثار قانونية داخل الإدارة وخارجها، وكثيرة هي الوثائق التي تكون مناطا ومحلا للنزاع أمام القضاء، وبالنظر إلى نوعية المركز الذي يحتله الموظف في الإدارة، فإن هذا الأمر يلقي عليه عبء اختيار التراكيب اللغوية السليمة وتجنب الأخطاء الإملائية والركاكة في الأسلوب، حيث أن ما يصدره من وثائق سيكون محل مراجعة من جهات متعددة، وصية سلمية إدارية أو قضائية محلية أو مركزية معنية بمحتوى المحرر لذلك نشير إلى أن تحرير المسودة وان كان أمرا اختياريا، إلا أنه بالنسبة لغير المتمرسين (المبتدئين) يعتبر أمرا ضروريا، حتى يتمكن الموظف من مراجعة عمله قبل تقديم النسخة النهائية، ولا عيب في الاستعانة بخبرة الزملاء في العمل أو الرؤساء السلميين، ففي الأخير المحرر الإداري ما هو إلا انعكاس الصورة الإدارة ككل وليس الموظف المسؤول عن التحرير فقط. والنقطة الفارقة في سلامة صياغة المحررات الإدارية تكمن في تحكم الموظف في المصطلحات القانونية، ذلك أن الوثائق الإدارية في عمومها إما وثائق منشئة أو مقررة أو ماسة بمركز قانوني، والدلالات اللفظية هنا تصبح خاطئة حتى وان كانت معبرة في ظل وجود مصطلح قانوني مختلف، حيث أن القانون لديه مصطلحاته اللازمة الاستعمال حتى وإن كانت غير سليمة من الناحية اللغوية، فيجب على الموظف الإلمام بالحد الأدنى من المعارف القانونية، فمثلا نجد أن المصطلحات التالية: ترسيم وتثبيت وتسمية تستعمل بنفس الدلالة، في حين أنه من الناحية القانونية لا يكون الترسيم إلا بموجب مرسوم على الرغم من أنه يؤدي معنى التثبيت في المنصب، ونفس المآل في التسمية التي تؤدي إلى شغل منصب ما، غير أن الموظف فيها يحتاج إلى شروط معينة تمكنه من هذه التسمية التي هي في نهاية المطاف تثبيت في المنصب. ولنأخذ مثالا آخر عن الاستشارة والمناقصة والتراضي، فعلى الرغم من أنها مصطلحات تؤدي إلى نفس المآل وهو رسو الصفقة على شخص معين، لكنها مصطلحات مختلفة في إجراءاتها وآثارها وشروطها ونفس النتيجة تؤديها كذلك المصطلحات التالية التحويل والنقل، وكذا الاستقالة والإقالة الانتداب والاحالة على الاستيداع، فبنفس المنطق نجدها تفيد خروج الموظف من مكان عمله إلى مكان آخر، لكن لكل وصف اصطلاحي دلالاته، شروطه، نتائجه

      2- الإيجاز في التحرير الإداري: "خير الكلام ما قل وما دل، هو أحسن تعبير عن هذه الخاصية في التحرير الإداري، فيجب على المحرر استعمال أقل قدر ممكن من الألفاظ والمصطلحات للتعبير عن الفكرة موضوع محرره، وكأنه سوف يدفع مقابلا ماليا لكل كلمة يكتبها على نمط رسائل التلغراف، فعلى المحرر أن يتجنب الحشو، التكرار، الإطناب، ويستحسن أن يكون لكل محررة موضوع واحد، فينبغي على المحرر تفادي تحشير المواضيع المتعددة وغير المتجانسة في محرر واحد.

      والغاية الأساسية المرجوة من خاصية الإيجاز هي عدم إثقال كاهل المخاطب بالرسالة الإدارية، فطول العبارات وتشعبها يخفي المعنى ويضيعه، كما أن الإيجاز أحسن وسيلة لكسب الوقت، سواء ما تعلق بوقت مرحلة التحرير أو المراجعة والبحث، كما أنه مكسب للمال من حيث عدد الأوراق المستعملة، والمكان المخصص للأرشفة، وكذا أعباء الاتلاف نشير إلى أن خاصية الإيجاز يجب أن لا تكون سمة عامة في كل المحررات الإدارية، ذلك أن هناك بعض المحررات التي تتطلب بحسب طبيعتها نوعا من التفصيل للإلمام بكافة المعلومات وإيصال الفكرة كاملة إلى الجهة المعنية بالخطاب الإداري، على غرار محضر المعاينة أو محضر التفقد محضر التفتيش.... فالمحرر هنا يجب أن يفصل في تقريره بالشكل الذي يحقق الأهداف المرجوة من تقريره، بذكر أوصاف ،واضحة، وبيانات دقيقة، قد يطول التقرير عند ،سردها لكن هذا الأمر لا يعيب المقرر إلا عند تجاوزه حدود التفصيل المطلوب.

      ونقول كلمة أخيرة في خاصية الإيجاز، أنه لا إفراط ولا تفريط، فيجب أن لا يكون الإيجاز مخلا بالمعنى بحيث أن كل شخص يطلع على الوثيقة يجب أن يفهم الموضوع وخلفياته، وكل تفصيل مفيد متصل بالموضوع، ذلك أن الموظف لا يكتب لنفسه، وإنما يكتب لغيره ممن وجه له المحرر، أو كل من سيحل محله في ذات المصلحة أو كل شخص يعنيه الموضوع حالا أو مستقبلا.

      3- وضوح عبارات المحرر الإداري : جاء في المادة 801 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية أنه : "تختص المحاكم الإدارية كذلك بالفصل في :

      1 دعاوى إلغاء القرارات الإدارية والدعاوى التفسيرية ودعاوى فحص المشروعية للقرارات الصادرة عن - الولاية والمصالح غير الممركزة للدولة على مستوى الولاية البلدية والمصالح الإدارية الأخرى للبلدية 1 المؤسسات العمومية المحلية ذات الصبغة الإدارية..... أي أنه يحق لكل شخص ذي مصلحة سواء الإدارة أو الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية الأخرى.

      أن يلجأ إلى القضاء الإداري من أجل تفسير مصطلحات أو ألفاظ غامضة أو تقبل تفسيرات متعددة واردة في قرار إداري، ونلاحظ من خلال هذا النص أن هناك تبعات مكلفة للغموض، فدعوى التفسير بالإضافة إلى أنها عبء مالي وزمني فهي عبء كذلك على القضاء، ناهيك أن اشكالات التنفيذ ترجع في أغلبها إلى الصياغات الغامضة في المحررات الإدارية فهذا الأمر ينبغي فهمه منذ البداية بالنسبة للمحرر، فيجب عليه استخدام أسلوب بسيط وواضح ذلك أن المحرر وثيقة موجهة إلى فئات مختلفة ومتفاوتة في مستوياتها العلمية.

      وعنصر الوضوح مرتبط بشكل أو بآخر بعنصري الإيجاز والدقة والأمر منصب في كل الأحوال على انتقاء الألفاظ والعبارات القانونية وتلك العبارات المتداولة في الحياة الإدارية والهدف كما سبق وأسلفنا هو سهولة استيعاب مضامين المحررة الإدارية.

      وبين الإيجاز والوضوح يقع المحرر في إشكالية الموازنة بينهما، فمن جهة يجب على المحرر استعمال أقل قدر من الألفاظ والعبارات، ومن جهة أخرى يجب أن تؤدي هذه العبارات والألفاظ الدلالة الكاملة من مضامين المحررة ولا حل لهذا الإشكال إلا من خلال الممارسة والاطلاع المتكرر على مختلف الوثائق

      الإدارية المنجزة من قبل باحثين أو موظفين في نفس المجال.وهناك بعض الإشكالات العملية التي قد تعتري وضوح الوثائق الإدارية نذكر منها كيفية التوصل إلى صياغة توافقية في الوثائق المحررة بشكل جماعي على غرار محاضر الجلسات ومحاضر الاجتماعات والمداولات وكحل لهذا الإشكال نجد أن هذه الاجتماعات أو الجلسات يعين فيها عادة مقرر للجلسة يعزى إليه أمر الصياغة، حيث أنه ملزم بنقل ما دار في الجلسة من نقاش في محضر بشكل واضح ومختصر. وبالنظر إلى الضغط الذي يتعرض له المقرر في مثل هذا النوع من الجلسات حيث تعرض آراء مختلفة ومتعارضة كما تمرر الملفات للمراقبة والاطلاع بين أعضاء الهيئة التداولية، مما قد يفقد المقرر التركيز، فيغفل مسائل مهمة أو انه لا يعيرها الأهمية اللازمة والمكان المناسب، الأمر الذي قد يحول دون الوصول إلى معنى واضح في الوثيقة.

      وكحل لهذا الإشكال يفضل أن تتم تلاوة التقرير أو المحضر النهائي، سواء بصفة جزئية عند الانتهاء من كل نقطة، أو بشكل مجمل عند نهاية الجلسة فهذا الأمر من شأنه أن يرفع اللبس والغموض من جهة كما يعفي المقرر من تحمل المسؤولية عن الأخطاء الممكن وقوعها من جهة أخرى، ذلك أن هناك فسحة لتدارك الأخطاء وتوضيح الغموض قبل رفع الجلسة . كما يمكن اللجوء إلى طريقة أخرى، وهي أن المقرر يحرر مسودة أولية أثناء الاجتماع، ثم يعكف على مراجعتها بعد انتهاء الاجتماع من أجل تصحيحها، ورفع مواضع الغموض وعدم التسلسل فيها، وهذا قبل عرضها مرة أخرى للتوقيع الفصل الأول: مدخل نظري في التحرير الإداري من قبل المعنيين، غير أن هذه الطريقة تستلزم اجتماعا آخر، وقد يصادف كذلك أن أحد الأعضاء يعترض على ما جاء في المحررة النهائية، بدعوى أن ما جاء فيها مخالف لما تم الاتفاق عليه.

      ونجد أن هناك حل آخر لهذا الإشكال، وهو المعمول به في محاضر الاجتماعات ذات جدول الأعمال المحدد، وهو أن يتم تحرير المحضر بشكل مسبق كنسخة أولية يتم توزيعها على الاعضاء قبل الاجتماع على أن يتم تنقيحها أثناء الجلسة، فهنا تسهل عمل المقرر بأن ينقح فقط العبارات الخلافية أو المبهمة، غير أن هذه الطريقة يشوبها هي الخرى النقص من حيث أنه يمكن إدراج نقاط جديدة أثناء الاجتماع فنرجع إلى الوضعية الأولى.

      هناك حلول أخرى لهذا الإشكال، مثل توكيل مهمة مراجعة وصياغة المحضر النهائي لهيئة أخرى تسهر على التنفيذ، وتتحمل في العادة مسؤولية التقاضي أو المحاسبة عما جاء في المحضر، مثلما هو معمول به في بعض الاجتماعات التداولية التي تقدم محضرا أوليا يحتاج إلى تنفيذه إلى مصادقة هيئة وصية أو جهة إدارية أعلى وهذا الحل مقبول نسبيا، ذلك أن الجهة التي يرفع إليه المحضر تكون ذات خبرة في المجال، وعلى اطلاع بإشكالات التنفيذ والعواقب القضائية لمضامين المحضر، والأهم من ذلك أن لها من الوقت والوسائل المادية والبشرية ما يمكنها من مراجعة قانونية متأنية مسبوقة بخبرة تراكمية في مجال التحرير الإداري، غير أن هذا الحل كما هو واضح حل جزئي متعلق فقط ببعض الجلسات والاجتماعات مثلما نص عليه القانون.

      4- الدقة كخاصية في التحرير الإداري لما كانت المحررات الإدارية صادرة عن جهات رسمية فهي بلا شك مرتبة لآثار قانونية، الأمر الذي يستدعي من المحرر حضورا ذهنيا في اختيار العبارات المناسبة المعبرة عن المعنى المقصود بشكل واضح ومختصر ولا يحتمل التأويل كما أسلفنا وهذا ما يعبر عنه من الناحية الفقهية بخاصية الدقة في المحررات الإدارية، فالدقة كم يقال هي النتيجة الحتمية للحذر والنص غير المفهوم لا يحقق الهدف المرجو من إنشائه.

      واختيار العبارات الدقيقة يتعارض حتما مع قيدي الاختصار والوضوح وهنا تتدخل خبرة المحرر ومكتسباته المعرفية في انتقاء المصطلحات والصيغ التي تجنب المحرر كل التباس دلالي أو سوء تأويل، كما يجب عليه أن يتجنب الصيغ الفضفاضة والغامضة ذات الدلالات المتعددة، التي تدفع إلى التأويل والتفسير وسوء الفهم وتشويه المعاني.

      وكخطوة أساسية لتجنب هذه المزالق يقع على المحرر تحديد الأهداف المرجوة من محرره، فإذا سطر أهدافه بشمل واضح تيسر عليه أمر اختيار العبارات والمصطلحات الدقيقة المحققة لهذا الهدف من جهة، وتحقق خاصيتي الإيجاز والوضوح من جهة أخرى.

      ثانيا - احترام التسلسل الإداري وقواعد المجاملة :

      سوف نتطرق في هذا المقام إلى خصائص شكلية أخرى لا تقل اهمية عن احترام شكليات الصياغة متعلقة أساسا بالأطراف المخاطبين بالمحرر الإداري لعل أهمها احترام التسلسل الإداري، وكذا استعمال صيغ المجاملة في التحرير الإداري.

      -1- احترام التسلسل الإداري في المحرر الإداري :

      يقع على الموظف في إدارته، كما هو الحال كذلك بالنسبة للمواطن عند مخاطبته للإدارة أن يعرف جيدا المركز القانوني للمخاطب بمحرره، وإذا كان حديثنا لا يخرج عن نطاق المحرر الإداري، فإن هذه الخصائص تنسحب بدورها على كل متعامل مع الإدارة، إذا كان ضمن أهدافه تحقيق مقاصده من مكاتبة الإدارة، ومعرفة المركز القانوني للمخاطب تجعلنا نحسن احترام التدرج الإداري فمن مقتضيات احترام السلم الإداري مراعاة مبدأ الأولويات الرئاسية، إذ لا يحق مثلا للمرؤوس أن يكتب إلى رئيس أعلى في الهرم الإداري دون إشعار للرئيس الإداري المباشر، حيث أن السلم الإداري وضع لغاية تنظيمية لا تستطيع الإدارة الاستغناء عنها، فمن دون هذا التدرج لا يتحقق الانسجام والانضباط في العمل، فهو محافظ على كيان الإدارة.

      ومن ثم فإذا كان الخطاب موجها من جهة عليا إلى أخرى دنيا، أو من إدارة إلى مواطن، فالخطاب المحقق لكيان الإدارة مبني على الأمر، فنستعمل عبارات تفيد الإلزام أما إذا كان المحرر موجها من المرؤوس إلى الرئيس فنستعمل عبارات تفيد الطاعة والامتثال ، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال، وفي الاتجاهين استعمال عبارات تفيد الإذلال أو التذلل الإهانة أو الاستهانة الفوقية أو الدونية، كل من مركزه، فالرئيس وإن كان مركزه أعلى ودوره ينصب على فرض الانضباط، فهذا لا يعفيه من حسن اختيار عباراته لم هم دونه فالرئيس الناجح هو الذي يحقق التفاف موظفيه ومواطني دائرة اختصاصه به فيكون لهم بمثابة الأب الصارم المتلطف برعيته هذا من جهة، وفي الجهة المقابلة يجل على المواطن والمرؤوس كل من مركزه أن لا يستعمل عبارات ماسة بمركز رئيسه تفيد عجزه وعدم مقدرته أو سوء تسييره، وفي ذات الوقت يجب أن لاتكون المحررات الإدارية رسائل تملق أو استعطاف مذل. كما يدخل في هذه النقطة دائما أن معرفة المركز القانوني للمخاطب بالمحرر تفرض على الرئيس والمرؤوس عدم تجاوز الموظف المختص وكثير ما يؤدي عدم احترام التسلسل الهرمي إلى انسداد في العمل الإداري بسبب تمرد حلقة الوصل، أي الموظف المختص، الذي يرى بأن رئيسه او مرؤوسيه قد تجاوزوا اختصاصاته، فيلجأ إلى السلبية في التعامل مع الطرفين هذه السلبية التي لا تخدم بالضرورة ممارسة الإدارة لنشاطها على أكمل وجه.

      والحديث عن التسلسل الإداري يقودنا حتما إلى الخوض في حسن استعمال العبارات والألفاظ، هذه الأخيرة التي تعبر عن خاصية أخرى مهمة متعلقة بقواعد المجاملات الإدارية

      2 - استعمال صيغ المجاملة في التحرير الإداري : وقفنا في العنصر السابق على أن احترام التدرج والسلم الإداري يكون من الجهتين، العليا والدنيا باستعمال عبارات وصيغ تحقق احترام ومراعاة مشاعر المخاطبين، وهو ما يعبر عنه بقواعد المجاملة في التعامل الإداري عموما، والتحرير الإداري على وجه الخصوص، فالمجاملة عنصر جوهري في التحرير الإداري، وتقتضي استعمال صيغ خاصة عند التعامل مع المواطن أو المستخدم أو المستخدم، فلا مجال لاستعمال العبارات الماسة بالكرامة أو المستفزة للمشاعر ناهيك عن استخدام عبارات مهينة أو يمكن توصيفها بأنه قذف في حق من وجهت إليه، مما لا يليق بوصف وثيقة صادرة عن إدارة رسمية.

      وتتفق المراجع البحثية والواقع العملي على أن المحرر الذي يحظى بالقبول هو ذلك المحرر الذي ينتقي صاحبه العبارات الإيجابية التي تترك باب الأمل مفتوحاً، ولا تترك أثر لليأس والشك، والإيجابية لا تعني القبول أو الرفض، فالمقصود بها اللباقة والدبلوماسية في الرد على وجه الخصوص والخطاب عموما، وهذا حتى في الرد الذي لا يحقق مراد المخاطب، ومعناها أن المخاطب يجب أن يشعر بالاطمئنان والرضا بأن له قيمة ووزن لدى مخاطبيه، وسوف نورد فيما يلي قضية افتراضية تتضمن بعض الأمثلة توضيحية على استعمال عبارات المجاملة والتلطف وما يقابلها من عبارات لا تحقق الخاصية محل النقاش الوقائع انطلقت أشغال امداد حي سكني بالغاز الطبيعي، أدت إلى الإضرار بشبكة المياه والصرف الصحي والطرقات.

      فهذا المثال التوضيحي هو عينة من صيغ المراسلات الإدارية، فنجد أن المراسلات التي توظف قواعد المجاملة تؤدي إلى احتقان الغضب، وسعي الجميع إلى تحقيق الأهداف المسطرة في المراسلات أما المراسلات المقابلة فهي حتما سوف تؤدي إلى تأزم أكبر للموضوع، كما تسفر عن حالة انسداد على مختلف المستويات. والخطاب سواء كان موجها إلى جهة عليا أو دنيا يجب أن يتضمن عبارات التلطف والمجاملة، ذلك أن هذه العبارات سوف توثق وتعزز الثقة بين المخاطبين وقد درج العمل الإداري خصوصا في الإدارات العمومية على استعمال عبارات تجسد هذه المجاملات نذكر منها من دواعي السرور أن أعلمكم، سجلنا باهتمام بالغ يشرفنا مراسلتكم تقبلوا فائق التقدير والاحترام، تفضلوا سيدي بقبول أسمى عبارات الود.... وغيرها من العبارات التي تعتبر مرآة عاكسة الصورة الإدارة الصادرة عنها، سواء كانت هذه المراسلات خارجية أو حتى داخلية فحسن إخراج الوثيقة الإدارية يؤدي إلى زيادة الاحترام للجهة المصدرة، الأمر الذي من شأنه تعزيز الثقة وهي إحدى الغايات الأساسية المنشودة في العمل الإداري، سواء بين الإدارة والمواطن، أو داخل الإدارة نفسها بين موظفيها.

       

      ثالثا - البيانات الإلزامية في المحرر الإداري : هناك جملة من البيانات التي تعتبر الزامية عند إنشاء أي محرر إداري منها ما نص عليها القانون، ومنها ما يتطلبه المحرر في حد ذاته لاعتباره محررا إداريا، سواء تشكلت الزامية البيانات من بمقتضى الممارسة العملية، وما يكشف عنه الواقع العملي من نقص في هذه الوثائق فيسد الفراغ حتى تكتمل بنية المحرر، أو أنها الزامية نابعة من عرف إداري ساري.

      ونذكر في هذا الصدد ما نصت عليه المادة 02 من المرسوم رقم 66 – 145 المتعلق بتحرير ونشر بعض القرارات ذات الطابع التنظيمي أو الفردي التي تهم وضعية الموظفين، فنصت على مجموعة من البيانات الواجب توافرها في القرارات المشتركة بين الوزير المكلف بالوظيفة العمومية والوزير المعني بفتح مناصب على أساس مسابقة أو امتحان حيث يجب أن يتضمن القرار البيانات التالية:

      - تعيين الوظيفة

      - تاريخ اجراء المسابقة أو الامتحان.

      - شروط خاصة بالممتحنين (السن / الشهادة).

      - عدد المناصب وعند اللزوم توزيعها.

      - تكوين ملف الترشح.

      - تاريخ بدء وانتهاء التسجيل (العنوان) الذي توجه إليه الملفات).

      - نوع الاختبارات المواد العدد المعامل النقاط المعتبرة في الرسوب).

      - التشكيل النظامي للجنة الاختبارات.

      - كل الأحكام المتعلقة بتعيين المترشحين والمقبولين وتخصيصهم.

      - البرنامج المفصل للامتحان والمسابقة ( ملحق بالقرار المشار إليه). ففي هذا المثال نجد أن البيانات المنصوص عليها إلزامية للقول بقانونية هذا المحرر، وأن النقص في هذه الحالة قد يؤدي إلى إلغاء المسابقة أو ما أسفرت عليه من نتائج. وعلى العموم هناك جملة من البيانات المشتركة التي لا تخلو منها أي وثيقة إدارية خصوصا المحررات الرسمية نوجزها فيما يلي: - الجهة المصدرة للمحرر فيتم ذكر الجهة الوصية إن وجدت، ثم الجهة المصدرة للمحرر، وهو ما يطلق عليه تسمية الدمغة.

      عنوان الوثيقة لابد لكل وثيقة من عنوان يحدد طبيعتها، فنجد مثلا :

      محضر جلسة إعلان مقررة ،تقرير استدعاء دعوة ...

      أنظر أمثلة أخرى عن البيانات الإلزامية التي يتطلبها القانون في المادة 16 من المرسوم 88 - 131، المؤرخ في 04 جويلية 1988 المنظم للعلاقة بين الإدارة والمواطن الجريدة الرسمية العدد 27 الصادرة بتاريخ 06 جويلية 1988، التي تبين البيانات الواجب توافرها في الاستدعاء الموجه من الإدارة إلى المواطن، حيث جاء فيها أنه يجب أن يذكر في الوثيقة التي تتضمن الاستدعاء والتي يوقعها الشخص المخول قانونا ما يأتي:

      اسم المصلحة المعنية

      - اسم الموقع ولقبه ووظيفته

      -دواعي الاستدعاء والهدف منه بوضوح

      - عنوان المصلحة المعنية ورقمها الهاتفي

      -أيام الاستقبال وساعته".

      أنظر كذلك المنشور رقم 37 الصادر عن المديرية العامة للأرشيف الوطني، المؤرخ في 17 أكتوبر 2010 حول توحيد إجراءات إعداد جداول تسيير وثائق الأرشيف.

      - تاريخ صدور المحرر.

      - تصديق الوثيقة، سواء تم هذا التصديق بالتوقيع أو بالختم.

      وما ذكر هذه البيانات إلا على سبيل المثال لا الحصر، فالبيانات قد تختلف من وثيقة إلى أخرى، فهناك وثائق تضيف تاريخ للنفاذ، وأخرى ترفق بملحقات ومنها ما يحدد جهة للتظلم واجاله، كما أن هناك وثائق تحدد جزاءات عند مخالفتها، وهكذا.

      فإذا أخذنا محضر الجلسة على سبيل المثال، نجده يجب أن يتضمن أسماء المشاركين في الاجتماع، تاريخ ومكان انعقاده، ساعته جدول أعماله النقاط التي تمت مناقشتها النقاط المتفق عليها، فيكون محضر الاجتماع متكون في العادة من مجموعة من الصفحات. في حين نجد أن الاستدعاء الذي يكون في العادة ورقة واحدة، نجد فيها بعد الدمغة عنوان الوثيقة اسم ولقب / صفة المرسل إليه. موضوع الاستدعاء مكانه وتاريخه وساعته، ثم نجد توقيع وختم الجهة المستدعية.

      فتختلف البيانات الإلزامية من وثيقة إلى أخرى بحسب طبيعة وهدف كل وثيقة، فالغاية من إدراج البيانات هي إعطاء فكرة للمخاطب بها عن الجهة المصدرة للمحرر، والجهة الوصية عليها، موضوع المحرر، تاريخ صدوره، رسمية المحرر، وبالتالي معرفة جملة المقاصد الناجمة عن هذا المحرر، ومختلف آثاره القانونية، وكيفية التعامل معها ، سواء عن طريق التظلم أو الطعن فيها، ومواعيد ذلك والجهات المعنية.

      الفرع الثاني : خصائص التحرير الإداري من حيث المضمون

       يمكننا أن نقف على جملة من الخصائص من حيث المضمون في التحرير الإداري، التي تدور بين الموضوعية الحياد، وتحمل روح المسؤولية توخي الحذر، والسعي نحو تحقيق الفعالية، وهذا ما سنحاول تفصيله من خلال العناصر التالية :

      أولا - التحلى بالموضوعية والحياد عند التحرير الإداري:

      لابد للمحرر الإداري أن يضع نصب عينيه أنه لا يكتب باسمه الشخصي وإنما باسم الإدارة التي يعمل لصالحها، وبالتالي فإنه يتعين عليه تجنب كل الانفعالات الشخصية والرغبات الذاتية لكي يستطيع نقل الوقائع كما هي فلا يضلل إدارته من جهة، ولا يستفز المخاطبين بالمحررات الإدارية من جهة أخرى وبهذا تتحقق المحافظة على مصداقية الإدارة وحماية المصلحة العامة، فالمحرر الإداري يجب عليه التجرد من الأحكام المسبقة وكذا الانحياز لجهة ما ، سواء كانت الإدارة أو المواطن أو موظف ما، وفي المقابل يجب عليه عدم الانحياز ضد جهة ما، ويتجنب كل الانفعالات الداخلية والمؤثرات الخارجية فأسلوب الصياغة الإدارية أسلوب متفرد عن غيره من أساليب الكتابة الأخرى العلمية والفلسفية، الإخوانية الصحفية الأدبية. حيث لا يجب أن ننسى الطابع الرسمي الذي تتميز به، وما يترتب على ذلك من مسؤولية عن كل ما يكتب كون المحرر يمثل الإدارة التي ينتسب إليها ونشير في هذا الصدد إلى أن الأسلوب الإداري يعتمد بشكل أساسي على ثلاثة عناصر هي: المصلحة العامة، مسؤولية الدولة التنظيم الهرمي .

           بناء على ما سبق نجد أن المحررين الإداريين ملزمون بتحري الموضوعية والحياد عند التحرير كونهم يكتبون باسم إدارتهم ويمثلونها من خلال ذلك، كما أن كتاباتهم تتسم بالرسمية، الأمر الذي يحمل معه نصيبا من المسؤولية سواء للمحررين أو إداراتهم، كما أن هذه الوثائق هي مرجعية الإدارة في معرفة الحقائق، ومن ثم يجب أن تكون الموضوعية والحياد هما الأساس المضاميني في 5 نقل الوقائع وتوصيف المراكز القانونية والخلاصة كما عبر عنها البعض يجب أن تبرز الوثيقة الإدارية الصفة الوظيفية للمحرر لا الصفة الشخصية، فالحياد بتعبير آخر معناه رفض الصيغ ذات الطابع الشخصي والعاطفي.

       ثانيا توخى الحذر والحرص عند التحرير :

      سبق وأن بينا بأن الرسمية في المراسلات الإدارية يترتب عليها مسؤولية للإدارة والمحرر على حد سواء، كما سبق وأن عرضنا الكثير من الخصائص الشكلية للمحرر الإداري التي تؤدي إلى نفس النتيجة على غرار الدقة ووضوح العبارات واستعمال صيغ المجاملة وغيرها من الخصائص التي تؤدي عند احترامها إلى صياغة سليمة لا تحمّل الإدارة أي مسؤولية ولا تحمل أي استفزاز للمخاطبين بها، ومن ثم فإنه يقع على عاتق المحرر الإداري الحرص والحذر عند صياغة محرره، وذلك بانتقاء العبارات المناسبة المبنية على معلومات يقينية لا يعتريها الشك، أو انعدام الحجج المؤكدة لصحتها فاستعمال العبارات غير الدقيقة قد يحمّل الإدارة التزامات غير مؤسسة إلا من خلال هذا المقرر الذي يتمسك به المخاطب بالمحرر، كون الخطاب الموجه له هو خطاب رسمي. كما أن الاعتماد على معلومات غير موثوقة يؤدي إلى التمسك ببطلان هذا المحرر، وزعزعة الثقة في محررات الإدارة بشكل عام، كما قد يجعل المخاطب يتمسك بهذه المحررات إذا كانت تصب في مصلحته حتى وإن كانت هذه الوقائع والمعلومات غير صحيحة، ويضاف إلى ما سبق أن الوثائق الإدارية عند افتقار محررها إلى الحيطة والحذر قد تكون محررات استفزازية للمخاطبين بها ، أو مطية للمطالبة بحقوق غير مؤسسة تضمنتها هذه المحررات.

      ثالثا - تمتع المحرر الإداري بروح المسؤولية :

         إن الموظف عندما يصدر أي محرر فإنه لا يلزم نفسه فقط بما جاء فيما أصدره، وإنما يلزم إدارته كذلك، ولأن الكتابة الإدارية تلزم الإدارة أمام كل ذي مصلحة، حيث تتحمل مسؤولية ما تضمنته المحررات الصادرة عنها، فيقع على المحرر أن يتحلى بروح المسؤولية عند الكتابة، فيتعين عليه أن يعبر بتحفظ كلما تعلق الأمر باتخاذ قرار لا يدخل في نطاق اختصاصه، كما يجب عليه التدقيق والتحقيق الجدي قبل إصدار أي محرر، ويجب أن يضع في حسبانه أن الكتابة الإدارية ذات طابع ودي، غرضها إيصال المعلومة أو حل إشكال أو تحقيق مصلحة، دون استعمال أي عبارات تحمل إيحاءات قد تؤدي إلى سوء الفهم أو الالتباس أو المجادلة العظيمة.

      رابعا - فعالية المحرر الإداري

      إن هذه الخاصية من خصائص التحرير هي نتاج التطبيق الحسن للخصائص السابقة، فيجب أن تتسم المحررات الإدارية بالفعالية، حيث يجب حسن اخراجها واستعمالها حتى تحقق الغرض من إصدارها في أقرب الآجال وفي أحسن الأحوال وبأقل تكلفة ممكنة، فيجب أن تكون الكتابة وسيلة لمكافحة الآثار السلبية للبيروقراطية، ذلك أن البيانات الناقصة والعبارات الغامضة أو المشيئة والتكرار والإطناب، والابتعاد عن الموضوع وعدم استعمال الأسلوب الإداري، والذاتية في الكتابة وغيرها من العيوب في الشكل والموضوع من شأنها أن تحد من فعالية المحرر، وبالتالي عدم تحقق الغرض من إنشائه.

      خامسا - وحدة موضوع المحرر الإداري :

      يقصد بوحدة الموضوع في المحرر الإداري؛ أن الأصل في كل مراسلة إدارية أنها تتناول موضوعا واحدا، وهذا الأمر يضمن عدم التباس الأمر على المخاطبين بالمراسلة، وتركيز فكرهم وضمان فهمهم لمضمونها بشكل جيد، فقد نجد أن المحرر الإداري قد يخاطب مصالح ذات اختصاصات ومهام مختلفة، مما يجعل كل إدارة لا تبحث إلا على الجزئية التي تعنيها في المحرر، ومن ثم فقد يصعب الأمر عندما يتضمن المحرر عدة مواضيع متمايزة .

      وان كان يعاب على هذه الخاصية أنها قد تؤدي إلى زيادة معتبرة في المحررات الإدارية ومثال ذلك عندما يرقى موظف إلى منصب أعلى، فإن هذا الأمر يقتضي بالضرورة تخليه عن المنصب السابق، وهو ما يسفر عن تحرير مقررة لإنهاء المهام بالمنصب القديم، ومقررة تعيين في المنصب الجديد، فلا نجد في الإدارة مقررة إنهاء مهام وتعيين في نفس الوقت، وإنما نجد مقررتين لكل واحدة موضوع واحد فقط، وهذا الأمر وإن كان يؤدي إلى زيادة في التوريق، إلا أنه يسهل عمل مصالح عديدة، كمصلحة المحاسبة الموارد البشرية، الأمانة العامة.... ويبين بوضوح تاريخ انتهاء المهام، وبالتالي انعدام الصفة في توقيع أي وثيقة بعد ذلك التاريخ وفي المقابل نجد مقررة التعيين التي تبين تاريخ التمتع بالصلاحيات الجديدة، والعلاوات الحقوق والالتزامات التي تقابل المنصب الجديد


  • Section 5

    • سوف نحاول في هذا المبحث التطرق إلى مختلف الصيغ المستعملة في التحرير الإداري،  المطلب الأول، ثم ننتقل بعد ذلك عناصر المحرر الإداريالأساسية منها والتبعية ( المطلب الثاني).

       

      المطلب الأول: صيغ التحرير الإداري

       

      أسفرت المعاملات اليومية على جملة من الصيغ شبه الثابتة عند تحرير المراسلات الإدارية، يمكن إجمالها في العناصر التالية :

       

      - صيغ التصدير (البدء).

      - صيغ العناوين (اختصار الموضوع

      - صيغ النداء.

      - صيغ التمهيد (المقدمة).

      - صيغ العرض (صلب الموضوع والمناقشة).

      - صيغ الخاتمة.

      - صيغ أخرى (الانتقال، التذكير السرد التوضيح الترتيب الاستعجال).

       

      الفرع الأول : صيغ التصدير ( البدء )

      وتسمى كذلك برأس الصفحة أو الرأسية وكذلك الدمعة، وقد جرى العرف على إدراج مجموعة من البيانات المتعلقة بالإدارة المصدرة للوثيقة، وكذا السلطة الإدارة الوصية وذكر الدولة (في وسط الصفحة)، وهذا إضفاء للطابع الرسمي على هذه المحررات الإدارية وتمييزا لها عن غيرها من المراسلات الخاصة. كما يكتب أسفل ذلك اسم الإدارة المرسلة، وعادة ما يكتب على يمين الورقة في المحررات بالعربية وعن يسارها في المحررات بالفرنسية، وتكتب الإدارات الوصية بشكل تراتبي من أعلى الهرم وصولا إلى الإدارة أو المصلحة المصدرة للوثيقة على نحو المثال التالي:

       

       

      الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

      وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

      جامعة محمد خيضر بسكرة

       

      كلية الحقوق والعلوم السياسية

      مصلحة المستخدمين

       

      وهذه المعلومات تفيدنا في معرفة مصدر الرسالة وعنوانه، ونلمس أهمية هذه المعلومات في تحديد لاختصاص الموضوعي لهذه الإدارة أو المصلحة، والجهة التي يمكن التظلم أمامها ولانيا ورئاسيا، كما تعلمنا مسبقا الاختصاص الاقليمي للجهة المصدرة للوثيقة. فمن وجهة نظر رمزية نجد أن تضمين الجهات السلمية الأعلى تجعل المحرر الإداري يحظى بقبول وتزيد قيمته بالنسبة للمخاطبين

       

      به

       

      يضاف إلى ذلك ذكر تاريخ صدور الوثيقة الذي يسبق عادة باسم المكان الصادرة فيه. كما قد نجد أن بعض المحررات تؤخر التاريخ ومكان الصدور إلى أسفل الوثيقة، وفي حالات أخرى يكتب مباشرة بعد عنوان المحرر، على غرار محاضر الجلسات أين يستهل به افتتاح المحضر على الشكل التالي:

      محضر اجتماع ...

      بتاريخ الثامن من شهر سبتمبر لسنة ألفين وتسعة عشر، انعقد اجتماع....

      بمقر .... بحضور السادة...

      ولذكر التاريخ في المحرر أهمية خاصة على مستويات متعددة، سواء على مستوى الإدارة أو القضاء، فيمكن التعويل عليه في معرفة الاختصاص الزمني للإدارة المصدرة للوثيقة أو تحتسب منه آجال التظلم أو التقادم أو أي أجل قانوني آخر، وهو الأمر الذي يستدعي تحديد التاريخ بدقة ووضوح. يضاف إلى ما سبق الرقم التسلسلي أو ما يعرف كذلك برقم القيد أو 3 الرقم المرجعي، ويتكون من رقم المحررة الذي يتبع برموز مختصرة للإدارة المرسلة إضافة إلى السنة، وكمثال عن ذلك في رسالة إدارية صادرة عن مخبر أثر الاجتهاد القضائي على حركة التشريع، رقمها التسلسلي هو 086 صادرة في سنة 2019، فإننا نكتب البيانات على الشكل التالي:

      الرقم المرجعي 086 / م أ ا ق ح ت / 2019

      وبطبيعة الحال فإن الرقم التسلسلي في الإدارات مرتبط بالبريد الصادر وهناك إمكانية إضافة الأحرف الأولى من اسم ولقب الموظف المرسل، وهذا حتى يتسنى التعرف على المرسل تحديدا في حال كان هناك ضرورة لذلك. وللرقم المرجعي أهمية عملية حيث يسهل عملية الرجوع للمحررة الإدارية سواء كانت بسيطة أو خاملة (مؤرشفة)، وهذا من أجل التأكد من وجودها وصدورها عن إدارة معينة. وكخلاصة لهذه الصيغة الأولى المتعلقة بالتصدير نورد هذا النموذج المبسط.

       

      الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

       وزارة الداخلية الجماعات المحلية

       

      ولاية بسكرة

      دائرة : طولقة

      بلدية طولقة

      مصلحة المستخدمين

      الرقم المرجعي: : 038 / م م ب ط / 2019

      طولقة في 14 ماي 2019

       

      الفرع الثاني : صيغ العناوين

      وهي الصيغ المتعلقة بذكر الموضوع بشكل مختصر، ويكون الموضوع بمثابة العنوان الرئيسي للمحررة، وهو الملخص الموجز لها ، ذلك أنه يلخص مضمونها في عبارات وجيزة لا تتجاوز السطر أو السطرين، بحيث يفهم المخاطب بها مضمونها قبل أن يقرأ تفاصيلها، وهذا ما يعرف في لغة البحث العلمي بمبدأ الكفاية الذاتية للعنوان، ومن فوائد وضع عنوان للمحررة أنه يسهل عملية قيد الرسالة في جدول البريد الوارد والصادر، ويفر الكثير من الوقت عند البحث عن المحررة المتعلقة بهذا الموضوع، كما يسهل عملية تحديد الأولويات في القراءة، فمن المحررات نجد المستعجل وغيره واخترنا مجموعة من العناوين التوضيحية، المحررات مختلفة نبين فيها الصيغة السابقة:

      الموضوع طلب إتلاف وثائق

      محضر اجتماع تنسيقي لتنظيم دورة كروية

      مقرر تنصيب في رتبة متصرف رئيسي

      - محضر مداولات المجلس الشعبي لبلدية ...

      - قرار تخصيص اعتمادات مالية

      جدول إرسال

      وغيرها من صيغ العناوين التي تختلف باختلاف طبيعة المحرر، التي يسعى فيها مصدر الوثيقة على كتابة العنوان بشكل بارز عادة ما يكون بخط مختلف أو خط غليظ في وسط الصفحة، ويكتب مباشرة بعد رأس الصفحة.

      هي صيغ للخطاب الإداري، عندما توجه المحررة إلى شخص طبيعي أو معنوي، سواء تعلق الأمر برسائل داخلية أو بين الإدارات أو حتى تلك الموجهة للغير، ونستعمل عبارات مختلفة باختلاف وضعيات الارسال، فإذا كانت الرسالة موجهة لشخص طبيعي نكتب عبارة السيد (ة) / الآنسة: الاسم واللقب فنكتب مثلا

      إلى السيدة المحترمة احلام مستغانمي

      كما يمكن أن ندرج الدرجة العلمية إذا كان المخاطب ذا درجة علمية

      رفيعة مثل الدكتور / المستشار / فنكتب

      إلى السيد الفاضل: الأستاذ الدكتور محمد لمعيني

      إذا كانت الرسالة موجهة إلى شخص طبيعي يتمتع بصفة وظيفية نكتب عبارة: السيد (ة) الصفة الإدارية دون ذكر الاسم واللقب، فنكتب مثلا إلى السيد المحترم والي ولاية بسكرة

      وهناك من المخاطبين من يحتل مكانة إدارية سامية، فنستعمل صيغ نداء أخرى مثل .

      معالي السيد الوزير.

      - عناية السيد النائب.

      - سعادة السفير.

      المكرم قنصل الجمهورية.

      وتستعمل هذه الصيغ عادة بعد ذكر اختصار الموضوع، فنكتب مثلا :

      الموضوع: طلب فتح تحقيق

      معالي وزير الداخلية والجماعات المحلية

      وهناك طريقة أخرى مستعملة وشائعة وهي بيان صفة المرسل والمرسل

      إليه قبل ذكر عنوان المحررة، فنكتب صفة المرسل منصبه النوعي) أو اسم المصلحة التي يديرها أو يشتغل بها هذا في الحالة التي لم تذكر فيها في رأس الصفحة، ثم نكتب صفة المرسل إليه، ونسبقها عادة بإحدى صيغ النداء (السيد 2 معالي المحترم...) ثم نكتب بيانات المرسل إليه على النحو الذي تم تفصيله سابقا، ومثال ذلك:

      الرقم المرجعي........./2019

      رئيس مصلحة.

      إلى السيد المحترم رئيس دائرة..

       

      الموضوع .....

      الفرع الرابع : صيغ التمهيد (المقدمة)

       

      المقصود بصيغ التمهيد هي المرجع المعتمد سواء كان مراسلة سابقة (سند إداري) او نص قانوني، ويمكن كذلك الاعتماد في صيغ التمهيد على مكالمة هاتفية أو خطاب شفوي أو زيارة عمل، ونلمس أهمية المرجع في إعطاء أهمية للموضوع محل ،المراسلة وكذا تسهيل عملية البحث عن تفاصيل القضية المعروضة توفيرا للوقت عند الإجابة على المراسلة من قبل المخاطبين بها، كما تساعد صيغ التمهيد في بعض الأحيان على التذكير بتفاصيل الموضوع محل المراسلة. بناء على ما تقدم نميز في صيغ تحرير المقدمة بين حالتين؛ الأولى عند كتابة رسالة إدارية لأول مرة، وهنا لا نحتاج في العادة إلى مرجع يشار إليه فنستهل كتابة الرسالة بالعبارات التالية :

      يشرفني أن أضع بين أيديكم....

      ... أن أحيطكم علما .....

      يسعدني أن أتقدم إلى سيادتكم...

       

      يشرفني أن أوافيكم...

      إنه من دواعي السرور أن أبلغكم.....

       

      أما الحالة الثانية فهي التي نعتمد فيها على مرجع ما ، وهنا تكون الصيغ بحسب الحالة المرجعية، إما ردا على طلب أو تطبيقا لتعليمة أو قانون، حيث صيغ التمهيد تكون وفقا لما يلي:

      - إذا كان الأمر متعلقا برد على طلب مثلا فإننا نكتب:

      تبعا / ردا على طلبكم المتعلق بـ... رقم ... المؤرخ في... - إذا كان الأمر متعلقا بتنفيذ تعليمة، فإننا نكتب مثلا : تبعا لتعليمتكم رقم ... حول المؤرخة في... - إذا كان الأمر متعلقا بتطبيق قانون فإننا نكتب تطبيقا للقانون رقم المؤرخ في . المتعلق بـ...

      أو نكتب:

      المرجع القانون رقم المتعلق ب... المؤرخ في ....2 الفرع الخامس : صيغ العرض (صلب الموضوع والمناقشة) تختلف صيغ العرض باختلاف الموضوع باختلاف الموضوع محل المراسلة 3 لكن المتفق عليه في المحررات أنها ممنهجة بالشكل المعتاد بين تمهيد للموضوع، ثم مناقشة وخاتمة، هذه الأخيرة التي سوف نخصص لها مجالا مستقلا في النقطة الموالية فنجد أن المحرر الإداري ملزم بالتمهيد لرسالته ببيان موضوعها بشيء من التفصيل الذي لا يستوعبه العنوان، ثم ينتقل بعد ذلك إلى المناقشة التي تتسم بالتفصيل، دون أن ننسى بأنه من خصائص المراسلة الإدارية الإيجاز وهناك العديد من الصيغ والعبارات الشائعة الاستعمال منها تلك المتعلقة بالعرض أو الشرح أو المناقشة على غرار العبارات التالية:

       يتعين في هذا الصدد.... بالنظر إلى .... يجب علينا الإشارة إلى جدير بالذكر .... إضافة إلى ما سبق.... وهناك صيغ أخرى متعلقة بالرد مثل من وجهة نظري.... حسب فهمنا المتواضع .... من ناحيتي.... ردا على تساؤلكم.... وقوفا على قراركم.... عطفا على تعليمتكم.... كما قد يستخدم المحرر صيغ التعداد التي تناسب موضوع تقديم الاحصائيات وترتيب الأفكار او المعطيات، فيستعمل مثلا: بداية. ..... انتهاء إلى.... كقاعدة عامة / كاستثناء... أولها، ثانيها.... بصفة أساسية... ..... بصفة ثانوية .... استنادا إلى.... وفقا لما يلي.....

       

      الفرع السادس : صيغ الخاتمة

      تستعمل الخاتمة في المحررات الإدارية لإعادة التأكيد على الطلب المنشود من المحرر، تكون في شكل التماس أو طلب أو أمر أو إبلاغ بحسب ما تقتضيه المراسلة، وهناك صيغ متعددة لاختتام المحررة نذكر منها :

      - في انتظار ردكم بخصوص ... تقبلوا منا فائق التقدير

      - في الأخير نلتمس من سيادتكم...

      - إني أولي عناية فائقة لتنفيذ محتوى هذه....

      - أرجو منكم موافاتنا .....

      - في الختام…

      - في الأخير...

      - خلاصة لما سبق ذكره...

      - بناء على ما سبق نجد أنه...

      - يرجى اتخاذ التدابير المناسبة بخصوص...

      - قدمت لكم هذا ... لاتخاذ ما ترونه مناسبا من إجراءات.....

      كما يفضل أن تختم الرسالة الإدارية بعبارات الشكر والتقدير والاحترام وهي من صيغ المجاملة التي سبق التطرق إليها في الخصائص الشكلية للمراسلة الإدارية وهي صيغ تختلف باختلاف الجهة المرسل إليها، وكذا طبيعة المراسلة وتذكر من هذه الصيغ العبارات التالية :

      -       تقبلوا سيدي فائق التقدير والاحترام.

      - دمتم ذخرا لنا وللوطن.

      - دمتم في رعاية الله.

      - تقبلوا منا أسمى آيات الامتنان.

      كما يجب تذييل الرسائل الإدارية بتوقيع من المرسل مع بيان صفته والوظيفية واسمه ولقبه ويكون التوقيع بخط اليد، واذا كان الأمر متعلقابتفويض يجب الإشارة إلى ذلك بذكر عبارة عن (أو) بتفويض من... (ذكر اسم المفوض وصفته ". وللتوقيع آثار قانونية بالنسبة للموقع، فهو يتحمل تبعات هذا التوقيع كما أنه يضفي الصفة الرسمية والمصداقية على المحررة الصادرة عنه، وعادة ما يكون التوقيع مصحوبا بوضع ختم المصلحة أو الإدارة المعنية، وهذا للمزيد من المصداقية ومنعا للتزوير والوثيقة غير الموقعة كم هو معلوم تعتبر وثيقة مجهولة ولا تحمل أي قيمة قانونية ولا يمكن اتخاذ أي إجراء بصددها، ولا يعول عليها في الإثبات أو في انشاء المراكز القانونية غير أن هذا الأمر مع تطور وسائل الإجرام أصبح مطية للتزوير، حيث يسهل اليوم على المجرمين تقليد الأختام مما يورط شريحة أكبر من المتعاملين بالوثائق الإدارية، نظير الثقة والمصداقية التي يضفيها هذا الختم، الأمر الذي أدى إلى التعويل على طرق أخرى لضمان هذه المصداقية، فنجد أنه في الكثير من الدول المتطورة يتم الاعتماد على بيانات الرقم المرجعي التسلسلي)، مع تذييل الوثائق الإدارية ببيانات كافية للاتصال والتأكد من صحة الوثيقة، حيث يكتب في حاشية المراسلة عنوان المصلحة وبريدها الإلكتروني، ورقم الهاتف أو الفاكس كما أن الكثير من الإدارات في العالم تعمل اليوم على رقمنة وثائقها وتسعى إلى تطوير منظومتها المعلوماتية، وهذا من خلال رفع مستويات الأمن والحماية سواء ما تعلق بأمن المعلومات بشكل عام، أو حماية التوقيع 3 الإلكتروني بشكل خاص من خلال العديد من الوسائل نذكر منها :

      وسائل متعلقة بالتعريف بالشخص المستخدم وموثوقية الاستخدام ومشروعيته (Identification and authentication). - وسائل متعلقة بالتحكم في الدخول والنفاذ للشبكة (Access control). وسائل تهدف إلى منع افشاء المعلومات لغير المخولين أو المصرح لهم بذلك .(Confidentility) - وسائل الحماية التكاملية وسلامة المحتوى (Data and message).

      - وسائل متعلقة بمنع الإنكار (Non-repudiation).

      - وسائل مراقبة الاستخدام وتتبع سجلات النفاذ والأداء ( Logging and

      .' (monitoring

       

      الفرع السابع : صيغ أخرى في التحرير الإداري

      هناك بعض الصيغ المساعدة في التحرير الإداري، حيث تبسط الأسلوب، وتصنع نوعا من التناسق بين العبارات والأفكار، وتسهل الربط بين عناصر المحرر انطلاقا من مقدمته إلى خاتمته، نحاول استعراضها من خلال التطرق للصيغ التالية: صيغ الانتقال التذكير السرد الترتيب التوضيح، الاستعجال.

       

       

      أولا - صيغ الانتقال :

      المقصود بصيغ الانتقال هو العبارات المستعملة عند التحول من فكرة إلى أخرى، فالغرض من هذه الصيغ هو الحد من تقطع الأفكار، حيث يتمكن المحرر من فكرة إلى أخرى بسلاسة ودون تشتيت انتباه المخاطب بالمحرر، وقطع حبل أفكاره بالبحث عن الصلة بين فقرة أو فكرة وأخرى، ومن الأمثلة على هذه الصيغ

      نذكر ما يلي:

      ...هذا من جهة، ومن جهة أخرى...

      ...هذا من ناحية ومن ناحية ثانية...

      .... هذا الأخير الذي...

      - بخلاف ما سبق ... على النقيض مما سبق...

      - علاوة على ما تقدم... زيادة على ذلك... فضلا عن ذلك... في المقابل نجد... نظير ذلك نقف على...... ثانيا - صيغ التذكير : وهي صيغ يستعملها المحرر لتنبيه أو تذكير المخاطب بمحرره ببعض القوانين أو التعليمات أو الالتزامات او المواعيد أو غيرها وهذا بشكل لبق لا يحمل أي احراج للمخاطب، ولا أي علوية للمخاطب، ومن أمثلة هذه الصيغ نذكر ما يلي:

      - لا يخفى عليكم . لا شك في اطلاعكم على المنشور....

      - كما تعلمون أنه جاء في نص المادة...

      - لا يخفى عليكم .... وفقا لما حملته تعليمتكم ......

      ثالثا - صيغ السرد :

      والدلالات الاصطلاحية للسرد هنا تختلف عن ماهية السرد في الأدب عموما، وانما المقصود هو طريقة الربط والانتقال بشكل أساسي بين العبارات والأفكار والفقرات، ولا حصر لهذه الصيغ، فقط نبين منها على سبيل المثال ما يلي:

      - في بداية الأمر.... في نهاية الأمر...

      - أولا .... ثانيا....

      ... من ناحية، ومن ناحية أخرى...

      فضلا عن ذلك.... في النهاية .... وأخيرا.... وخلاصة القول... - بصفة رئيسية .... بصفة عامة .... بصفة ثانوية ....

      - بما أن.... نظرا لـ.... اعتبارا ل.....

      - بناء على.... استنادا إلى.... وفقا لـ.. في هذا الشأن.... ومن ثم .... تكريسا لـ..

      رابعا - صيغ الترتيب :

      قد يحتاج المحرر في بعض الأحيان إلى ترتيب الأفكار أو المعلومات التي يدونها في محرره، وقد يوظف في سبيل تبيان هذا الترتيب أرقاما أو حروفا أبجدية أو عبارات تشير إلى معنى الترتيب ومن المثلة التي تبين صيغ الترتيب نذكر ما يلي:

      -3-2-1-

      -- .. / ب - ... / ج - ...

      - أولا - ... / ثانيا - ... / ثالثا -

      - من جهة ... من جهة ثانية

      - العنصر الأول... بناء على العنصر السابق... العنصر الأخير... - بصفة رئيسية ... بصفة ثانوية . بصفة عامة ... / بصفة خاصة ... ... - بداية ... نظرا لما تقدم... / وبالمقابل ... بالإضافة إلى .... وأخيرا...

      خامسا - صيغ التوضيح:

      المقصود بالتوضيح هو تبسيط فكرة ما أو تقديم وجهة نظر المحرر بخصوص جزئية من جزئيات محرره أو فهمه الخاص لمسألة معينة، وصيغ التوضيح متعددة نذكر منها :

      ... نشير في هذا الخصوص إلى... بخصوص هذا الموضوع أو الجزئية) / ...في هذا الشأن... في الواقع ... / ... وبالطبع ... / ... فعلا ... / مبدئيا ... / ... لاسيما ... على كل حال... | بصفة عامة أو خاصة)... / ... عندئذ... حتى ذلك الوقت... / حسب رأي المتواضع ... / من جهتي... | فيما

      يخصني... ومن ناحيتي......

      سادسا - صيغ الاستعجال :

      قد تتعلق المحررة الإدارية في بعض الأحيان بموضوع على قدر من الأهمية، ولا يتحمل الأمر التأخير أو التأجيل، ومن ثم يجب أن يستعمل المحرر صيغا تفيد الاستعجال نذكر منها :

      في أقرب وقت ممكن...  - في أقرب الآجال...في أحسن الأجال... دون تأخير... - أولي أولوية فائقة لتطبيق ... في أسرع وقت ممكن. على وجه الاستعجال...- مستعجل جدا...

      المطلب الثاني : عناصر المحرر الإداري

      بناء على ما تقدم من خصائص وصيغ للمحرر الإداري، وبالنظر إلى النماذج المختلفة للمحررات يمكننا أن نستشف أنه للمحرر مجموعة من العناصر الأساسية والتبعية التي ينبغي توافرها فيه سوف نحاول توضيحها في النقاط الموالية.

      الفرع الأول: العناصر الأساسية في المحرر الإداري

       المقصود بالعناصر الأساسية للمحرر هي تلك العناصر التي لا يكاد يخلو منها أي محرر إداري، وسوف نحاول تبسيطها من خلال النموذج الموالي :

       

       

      الفرع الثاني : العناصر التبعية في التحرير الاداري

      يضاف إلى ما سبق من عناصر نجد أن هناك من المراسلات التي تتصل بمرفقات لازمة للتوضيح أو لتبرير كما أن هناك محررات إدارية ذات وجهات متعددة إضافة إلى الوجهة الرئيسية، وهو ما سوف نحاول شرحه من خلال ما يلي:

      أولا مرفقات المحرر الإداري المرفقات هي عبارة عن مستندات أو وثائق إدارية أو قضائية، أو فواتير أو جداول لإحصائية أو شهادات أو تقارير يرفقها المحرر بمراسلته تدعيما لما تضمنته هذه الأخيرة، أو تبريرا لما جاء فيها من أراء وأفكار، حيث يجب ذكر عدد هذه المرفقات وطبيعتها (تسميتها). ويوصي الخبراء بعدم تضمين المعلومات المهمة في الملاحق، كم يجب الإشارة إلى هذه المرفقات بشكل واضح في نص المحرر

      الإداري.

      وهناك خلاف عملي حول الموضع الذي يشار فيه إليها، فهناك من يذهب إلى تدونها أسفل الصفحة من ناحية اليمين، وهناك من يذهب إلى ضرورة الإشارة إليها تحت المرجع مباشرة أو عقب الموضوع، وفي حال استعمال عدد كبير من المرفقات التي لا يمكن تهميشها مع المحرر مباشرة، يمكن في هذه الحالة إرفاق

      قائمة تسجل عليها كل الوثائق المرفقة إذا استلزم الأمر ذلك. وهذا وفقا للنموذج التالي :

       

      ونشير في هذا الصدد إلى أن للمرفقات دورا مهما في توصيل الفكرة للمخاطبين بالمحرر الإداري، كما أنها تزيل كل لبس او غموض قد يعتري المراسلة، وتبرير كل الآراء أو الأفكار الواردة في المحرر، ولكن يجب التنبيه إلى أن المرفقات يجب أن تكون مستندات غير متوفرة في العادة لدى المخاطب بالمحرر على غرار القوانين والتعليمات والقرارات أو تلك التي أصدرها هو بنفسه، فيستحسن عدم إدراجها إلا إذا كانت الغاية هي التذكير فقط.

       

      ثانيا - الوجهات المتعددة للمحرر الإداري: للمراسلة الإدارية وجهة أساسية تدون ضمن ما أوردناه تحت عنوان صفة المرسل إليه كم قد تكون لها وجهات أخرى يرى المحرر بأنه من الضروري اطلاعها على مضمون المراسلة مثل الرئيس أو الرؤساء السلميين لجهة المخاطبة أو الاعلان العام عن طريق الإعلام، وتسجل في هذه الحالة هذه الجهات أسفل الرسالة إلى اليمين مع مراعاة التسلسل الهرمي في ذكر هذه الجهات من الأعلى إلى الأدنى، وتكتب هذه العناصر التبعية في المرفق على النحو التالي:

       

      ونشير في هذا الصدد إلى أن للمرفقات دورا مهما في توصيل الفكرة للمخاطبين بالمحرر الإداري، كما أنها تزيل كل لبس او غموض قد يعتري المراسلة، وتبرير كل الآراء أو الأفكار الواردة في المحرر، ولكن يجب التنبيه إلى أن المرفقات يجب أن تكون مستندات غير متوفرة في العادة لدى المخاطب بالمحرر على غرار القوانين والتعليمات والقرارات، أو تلك التي أصدرها هو بنفسه، فيستحسن عدم إدراجها إلا إذا كانت الغاية هي التذكير فقط.

       

      ثانيا - الوجهات المتعددة للمحرر الإداري :

       

      ●  للمراسلة الإدارية وجهة أساسية تدون ضمن ما أوردناه تحت عنوان صفة المرسل إليه كم قد تكون لها وجهات أخرى يرى المحرر بأنه من الضروري اطلاعها على مضمون المراسلة مثل الرئيس أو الرؤساء السلميين لجهة المخاطبة أو الاعلان العام عن طريق الإعلام، وتسجل في هذه الحالة هذه الجهات أسفل

      ●      الرسالة إلى اليمين مع مراعاة التسلسل الهرمي في ذكر هذه الجهات من الأعلى

       

      ●      إلى الأدنى، وتكتب هذه العناصر التبعية في المرفق على النحو التالي:

       

       


  • Section 6

    • المبحث الرابع مراحل التحرير الإداري

       

          هناك عدة تقسيمات للمراحل التي يمر بها التحرير الإداري، فهناك من يقسمها إلى ثلاثة مراحل قبل وأثناء وبعد الانتهاء من التحرير الإداري، وهناك من يقسمها إلى مرحلتين هما مرحلتي التحضير والتنفيذ، وهناك من يأخذ بتقسيمات أخرى، غير أننا اعتمدنا في هذه الدراسة على التقسيم الثنائي المراحل التحرير الإداري، حيث يمر المحرر بمرحلتين أساسيتين؛ الأولى تحضيرية (تمهيدية) والثانية تطبيقية (تنفيذية)، وفقا لما هو مفصل فيما يلي:

       

      المطلب الأول : المرحلة التحضيرية في التحرير الإداري

      يطغى على هذه المرحلة الجانب الذهني أكبر من الكتابة، حيث يسعى المحرر إلى تحصيل جملة من المعارف المتعلقة بموضوع محرره وطبيعته، وكذا 4 معرفة الشخص أو الأشخاص المخاطبين بمراسلته ثم ينتقل بعد ذلك إلى ترتيب هذه المعارف في قالب ممنهج، يكون بمثابة تصميم للخطوط العريضة في المحرر الإداري، بناء على ما تقدم سوف نتطرق إلى تفصيل المرحلة التحضيرية من خلال معرفة العناصر الأساسية في المحرر،ثم ننتقل إلى تصميم المحرر الإداري .

      - الفرع الأول: معرفة العناصر الأساسية في المحرر

      ينصب التركيز الذهني للمحرر على جمع المعلومات حول موضوع محرره وطبيعته، وكذا حول الجهة المعنية بالمخاطبة، وهو ما سنفصله في النقاط التالية :

      أولا - معرفة موضوع المحرر لكل وثيقة هدف أساسي، ومضمون تحرص على تبليغه للشخص المخاطب بهذه الوثيقة، ومن ثم يجب أن يكون موضوع هذه الوثيقة واضح، وبارز بالشكل الذي لا يدع أي مجال للتأويل والتفسير، وهذا الأمر يستدعي أن تكون للمحرر دراية كافية بالموضوع، ويمكنه الرجوع في سبيل تحقيق ذلك إلى القوانين والمراجع المختلفة، وكما يمكنه التعويل على خبرته وخبرة زملائه للإحاطة بشكل كافي بموضوع مراسلته، وهذا ما يجعل من نظام الرسكلة المعتمد في الإدارات الحديثة، نظاما ذا أهمية بالغة في تحيين المعارف والاطلاع على كل ما كما يقع على المحرر عبء التأكد من صحة معلوماته التي سوف يوظفها في هو جديد في الأنظمة الإدارية.

       

      محرره والمتصلة بموضوعه، كما يجب عليه انتقاء العبارات المناسبة، فلكل موضوع مصطلحاته، وسوف نبين هذه النقطة من خلال مثالين عمليين؛ فنجد أن الدعوة غير الاستدعاء، ومحضر الاجتماع غير محضر المعاينة أو محضر التفتيش أو عرض الحال، فالدعوة لحضور اجتماع ما غير ،الزامية ومن هنا نستعمل عبارات تفيد بالتشريف في الحضور، وترغب المخاطب، أما إذا كان الأمر متعلقا باستدعاء فهنا نستعمل عبارات تفيد الالزام وتبين وجهه أما المثال الثاني فإذا كان الأمر

      متعلقا بمحضر اجتماع فالمحرر لا يكتب عبارات تبين وجهة نظره ورأيه، وإنما يستعمل عبارات تبين المشورة والترجيح أو التصويت، وإذا تعلق الأمر بمعاينة أو تفتيش فهنا يستعمل صيغ التوصيف، كما أن رأيه غير مطلوب في هذه الوضعيات على خلاف ما إذا تعلق الأمر بعرض حال، فيمكن هنا للمحرر أن يستعمل مصطلحات تدور بين النعت وإبداء وجهة النظر.

      يجب على المحرر أن يفصل كذلك بين الأفكار الأساسية والثانوية، ويشير إلى الموضوع الأساسي بشكل بارز، ويخصص له حيزا أكبر في محرره، فيظهر ذلك من خلال العنوان والتقديم والطلبات الختامية والخلاصة أن المعرفة الجيدة للموضوع تفرز حسن اختيار المصطلحات والعبارات وتبرز الهدف من المحرر ومضامينه.

       

      ثانيا - معرفة المخاطب بالمحرر:

      إذا أراد المحرر الإداري أن يؤتى محرره أكله، فعليه أن يعرف الشخص أو الأشخاص المخاطبين بمحرره ولا نستطيع أن نجمل في هذا الموجز كل طبائع الأفراد، ذلك أنها تختلف من بينة إلى أخرى، ومن زمن إلى زمن بل ومن فرد لآخر، بل سنحاول أن نتحدث عن بعض المحددات العامة ونشير إلى أنه كلما توسع الإلمام بها سهل على المحرر اختيار لغة الخطاب، وكلما توغل المحرر في معرفة شخصية المخاطب بمحرره كلما سهل عليه اختيار أسلوب الخطاب الناجح المنتج والمحقق لأهدافه. وأول حقيقة يجب على المحرر أن يدركها هي وجود اختلاف بين المخاطبين بمحرره، وأن هذا الاختلاف يحتم عليه تعددا في أساليب المخاطبة، فعندما تخاطب المواطن البسيط فأنت تختار لغة بسيطة يسهل استيعابها، ذلك أن العموم من الناس ليست لديهم معارف قانونية وإدارية. أما إذا كان محررك موجها

       

       

       

      لشخص موظف بإدارة، فيجب أن يتسم محررك بالاستدلال سواء بالقوانين أو القرارات أو المحاضر فيطغى على أسلوب كتابتك التقنيات القانونية والإدارية واجمال ما سبق أن المحرر عند الكتابة يفرق بين الجمهور العام والجمهور المستنير. وعلى العموم يرى الخبراء أن لغة المخاطبة في المحررات الإدارية يجب أن لا تكون شخصية ولا خلابة ولا روحية لكنها ببساطة لغة سليمة وصحيحة.

      كما نشير إلى أنه يجب التمييز عند التحرير الإداري بين ما إذا كان المحرر يخاطب رئيسه أو مرؤوسا تابعا له أو موظفا آخر من نفس مستواه أو من غير إدارته، حيث سبق لنا عند التطرق إلى خاصية المجاملة في الخطاب إلى ضرورة استعمال العبارات التي تليق بكل مقام والمحرر الخبير بعمله يدور محرره وسطا بين التذلل والإذلال، فلا يصل إلى حد التذلل للغير، ولا يصل كذلك إلى حد التسلط عليهم.

      ومن الفروق التي يجب أن يراعيها المحرر كذلك، نذكر الفرق بين ما إذا كان المخاطب فردا أو جماعة، فيسهل صياغة المحرر الموجه للفرد بالمقارنة مع المحرر الموجه للجماعة، هذا الأخير الذي يقترب في صياغة مع صياغة النص القانوني من حيث العمومية والتجريد فتصبح مهمة الموظف كمهمة الجهات التشريعية عند صياغة القاعدة القانونية، ومن ثم فإنه كلما كانت هناك فرصة الفردنة الوثائق كان الأمر أحسن وأسهل للموظف المحرر، ونعطي مثلا على ذلك من الواقع العملي، حيث أنه إذا كان هناك اخلال أو تسيب في الالتزام بمواقيت

      العمل في مصلحة تديرها كان الأحسن توجيه تنبيهات فردية مع مراعاة سرية التنبيه (الاستفسار) ، ولا نلجأ إلى مخاطبة كل الموظفين (محرر جماعي) إلا إذا كان الإخلال متفشيا ومعلوما لدى العام والخاص، فهنا من الأحسن الاعتماد على مذكرة مصلحية كتنبيه عام موجه لكل الموظفين بضرورة التقيد بمواقيت العمل تحت طائلة المتابعة لكل مخالف يجب أن يراعي المحرر الشعور العام والخاص عند معرفته به، فحسن اختيار التوقيت الذي يخاطب فيه الغير، ومن ثم يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الحالات الاستثنائية التي يمر بها المخاطبون مثل حالة الفوضى الوفاة، الصدمة النفسية الفرح، الحوادث، التوتر السياسي الأزمة الاقتصادية، عدم دفع المستحقات.... وغيرها من الوضعيات التي يمكن أن يكون عليها المخاطب أو الوضع العام، فهذه الوضعيات وغيرها تغيير لا محال من لغة الخطاب وأسلوبه وتوقيته.

      كما أن هناك وضعيات وظروف لا تسمح بالانتظار، وهي الحالات الاستعجالية، التي يجب أن يسرع فيها المحرر في وتيرة العمل على محرره حتى يخرجه في الوقت المناسب، وهذا حتى يحقق المحرر أثره بعدم تفويت حالة الاستعجال.

       

      ثالثا - معرفة طبيعة المحرر:

           إذا عرفنا الهدف المنشود والشخص المخاطب بالمحرر الإداري، فإن هذا الأمر سوف يسهل علينا معرفة القالب الذي يجب أن يحرر فيه، فأول ما يجب أن يكتسبه الموظف هو التمييز بين أنواع المحررات الإدارية داخلية أو خارجية مصلحية أو مرفقية موجهة لمواطن أو الموظف، لرئيس أو مرؤوس، ذلك أن صياغة المحرر الإداري تختلف بحسب نوع الوثيقة، فصياغة القرار مثلا غير صياغة التقرير، والمذكرة الإعلامية غير المذكرة المصلحية، ومحضر الجلسة يختلف عن محضر المعاينة أو التفتيش كما أسلفنا فكل وثيقة لديها بياناتها وأدواتها وعناصرها، وكذا طريقتها الخاصة عند صياغتها، وطبيعة المحرر يتحكم فيه الهدف منه، ما إذا كان يتعلق بطلب أو إعلام أو تبليغ أو إقناع أو تذكير بالتزام أو توجيه تعليمات.

               بناء على ما سبق نجد أن المحرّر يجب أن يكون على معرفة كافية بمختلف أنواع المحررات وأن يعرف الهدف من كل واحد منها حتى يتسنى له الاختيار الأنسب لخطابه، وما يصاحب ذلك من حسن اختيار المصطلحات والبيانات اللازمة فيه، فإذا كان الأمر متعلقا بنقل مجريات اجتماع فهنا المحرر - الذي يكون عادة هو المقرر في الجلسة يسهر على تحرير محضر اجتماع يدون فيه موضوعه جدول الأعمال)، والحاضرين فيه ومكان الاجتماع وزمانه والآراء المختلفة، ثم يذكر النتائج التي أسفر عنها هذا الاجتماع في شكل مقترحات أو توصيات أو حتى قرارات ملزمة.

       

       

       

       

      الفرع الثاني : تصميم المحرر الإداري

               إن التحرير الإداري يعتبر شكلا من أشكال البحوث العلمية المختصرة، فهو يحتاج إلى خطة عمل مضبوطة وممنهجة، كما هو الحال في التعليق على الأحكام وتحليل النصوص القانونية، فيجب على المحرر أن يرتب أفكاره بشكل منطقي متناسق ومترابط، فيبدأ محرره بصيغ التمهيد التي سبقت الإشارة إليها، ثم العرض والمناقشة فصيغ الخاتمة.

       

      أولا - مقدمة المحرر الإداري ( التمهيد) :

      تختلف مقدمات المحررات من محرر لآخر، بحسب طبيعة كل منها ومن ذلك نجد أن بعض المحررات مثلما هو الحال بالنسبة للمقررات تبدأ بشكل مفصل في عرض المرجع المقتضيات والتأشيرات المتشكل في بعض الأحيان من أسانيد متعددة، وإذا عرجنا على محاضر الجلسات فإنها تبتدأ بوصف معطيات الاجتماع من بيان لزمانه ومكانه والأعضاء الحاضرين وصفاتهم ثم عرض جدول الأعمال، وهناك من المحاضر كمحضر التفتيش ومحضر المعاينة من تبدأ بعرض مرجع التكليف ثم بيان سببه، ثم وصف انطلاق المعاينة أو التفتيش وبيان زمنها ومكانها والأشخاص المكلفين بها، بناء على ما سبق نجد أنه من المهم بالنسبة للموظف الاطلاع المستمر على محررات الغير أو على ما يجمع في كتب التحرير الإداري من نماذج حتى تكون له فكرة مسبقة عن مختلف المقدمات الممكن اعتمادها عند التحرير

       

      ثانيا - العرض في المحرر الإداري (المناقشة)

      بعد التمهيد للمحرر الإداري تأتي مرحلة عرض الأفكار ومناقشتها، فكما قلنا سابقا، لكل محرر هدف أو اهداف يسعى إلى تحقيقها ، ومن ثم يجب إبراز الأفكار بأسلوب مفهوم للمخاطب يتوافق ومستواه، ويتم عرض هذه الأفكار حسب أهميتها، ونجد أن هناك من ينتقل في الترتيب من الأهم إلى الأقل أهمية وهناك من ينتقل بشكل عكسي من المهم إلى الهم، بحسب الغاية التي يتوخاها الموظف في محرره.

       

           كما سبق أن بينا أنه من الأحسن أن يكون المحرر يدور حول موضوع واحد غير أن هناك من المحررات من تقبل بطبيعتها مواضيع متعددة، وفي بعض الأحيان تكون هذه المواضيع غير مترابطة مثلما نجده في محاضر الاجتماعات والمداولات وهنا يفضل أن يلجأ المحرر إلى استعمال العناوين والعناوين الفرعية في محرره حتى يلفت الانتباه إلى كل جزئية ضرورية في عمله، بحيث تكون هذه العناوين بمثابة المحاور الأساسية، ثم يأتي التعليق والتبرير وتقديم الحجج والأسانيد، وكل ما يتعلق بمناقشة هذه العناصر الجوهرية، في شكل فقرات مترابطة على مستوى كل محور مستقل نشير هنا إلى أن بعض المحررات قد تحمل تقسيمات من نوع آخر، فيأتي صلبها في شكل مواد وبنود وهذا ما نجده في المقررات الإدارية والمذكرات المصلحية والتعليمات الإدارية.

       

      ثالثا - خاتمة المحرر الإداري

      يجب أن يعلن المحرر الإداري عن الهدف من محرره في الصيغ الختامية وتختلف هذه الأهداف بحسب طبيعة المحرر، فقد تكون في شكل اقتراحات أو توصيات ترفع إلى جهات وصية أو إبداء للرأي بخصوص مسألة استشارية، أو تعليمات للتنفيذ، أو طلبا ينتظر موافقة أو غير ذلك مما تهدف إليه المحررات الإدارية.

      ويجب أن تكون الصيغ الختامية واضحة ومختصرة، وتعكس ما سبقها من مناقشات في العرض) غير منفصلة عنها، ويفضل أن تكون في شكل نقاط في  نهاية المحرر، غير أن هناك بعض المحررات وخصوصا تلك التي تناقش العديد من المواضيع المتمايزة، التي تستدعي بطبيعتها وضع صيغ ختامية عند نهاية كل فكرة تمت مناقشتها، وهذا الأمر معمول به في محاضر الجلسات، أين يتم إبداء الرأي النهائي أو الاقتراح بعد مناقشة كل جزئية من جزئيات جدول الأعمال.

       

      المطلب الثاني: المرحلة التطبيقية في التحرير الإداري

      تتضمن هذه المرحلة ثلاث مستويات فقبل الوصول إلى مستوى التحرير النهائي، لابد من إعداد مسودة للمحرر ثم مراجعتها بعد ذلك، وهذا ما نبينه فيما يلي:

       

       

      الفرع الأول: كتابة مسودة للمحرر الإداري

         قبل الشروع في الكتابة لابد من تحضير كل وسائلها لتفادي تشويش الأفكار وانقطاعها بعد الشروع في التحرير، فإذا استدعى الأمر الاعتماد على مصادر أو مراجع معينة فيجب أن تكون في متناول يد المحرر .ويفضل عدم تحرير أي مراسلة أثناء الانفعال، سواء كان غضبا أو حزنا أو فرحة عارمة أو تعب أو ارهاق أو غير ذلك من منغصات التفكير السليم ويؤجل أمر التحرير إلى غاية حصول الهدوء النفسي الذي تتجلى فيه الأفكار والعواقب المترتبة عن كتابة المحرر ذلك أنه بعد ارسال المحرر قد لا يكون هناك مجال للتراجع أو الاستدراك وتصحيح الأخطاء.

                   بعد توفير هذه الأجواء ينطلق الموظف في تقييد كل البيانات المتصلة بالموضوع بصيغ متعددة، ثم يبدأ في ترتيب الأفكار، وحذف كل إطناب أو تكرار أو حشو، أو خروج عن الموضوع، ثم يعمد إلى تحسين المصطلحات، وضبطها على نحو يتفق مع مستوى المخاطب بالمراسلة أو المحررة، فيحرص الموظف في هذه النسخة الأولية على ضبط كل عناصر المحرر وبياناته، والتدقيق في كل عنصر على حدة، ومراجعة كل المباني اللفظية والتركيبية

       

      الفرع الثاني: مراجعة مسودة المحرر الإداري

           مما لا شك فيه أن المحررة الأولية يمكن أن تتضمن بعض الأخطاء التي وقع فيها المحرر دون انتباه، لذا يجب على كل محرر أن يعيد مراجعة وثيقته قبل عملية التحرير النهائي، وإعادة القراءة يكون بعد مضي فترة تسمح للعقل بالاستقرار والحكم بأكثر حيادية، وهنا ينصح ببعض التقنيات في التحرير الإداري، والتي تساهم بشكل كبير في تقليص الأخطاء، نذكر منها :

      - استعمال أسلوب الفقرات أو العنصرة.

      استعمال أسلوب بسيط مع جمل قصيرة.

      الاستعمال الجيد لعلامات الضبط في اللغة النقاط الفواصل النقطتين علامات الاستفهام علامات التعجب، الفاضلة المنقوطة، العارضتين الشولتين، الجمل الاعتراضية).

      - استعمال كلمات الربط سواء في بداية كل فقرة أو عند نهايتها. الإجابة على الأسئلة الفرعية التي يتصور أن يثيرها المخاطب بالمراسلة باستعمال عبارات لبقة من مثل: كما تعلمون، نحيطكم علما، كما جاء في التعليمة ... وغيرها.

       

      - عدم استعمال أي عبارات انفعالية أو حماسية، أو أي تعابير للفوقية أو للتمرد وإجمالا لا نخرج عن أسلوب المجاملة كخاصية مهمة في المراسلة.

       إعادة التذكير بالهدف الأساسي من المحررة في نهايتها . - يجب أن يضع الموظف في اعتباره أن الوثيقة تمثل الإدارة، وهي انعكاس لصورتها، وأن أي تقصير في تحريرها قد يجلب مسؤولية له ولإدارته.

      - إذا كان هناك بد من عرض المحررة الأولية على من هو أكثر خبرة وتجربة في المجال، فلا يتحرج الموظف من ذلك، ففي الأخير تعبر هذه الوثيقة عن الإدارة التي أصدرتها كما أسلفنا من قبل، وهو ما يجعل من التعاون بين موظفي الإدارة الواحدة واجبا لا غنا عنه عند إصدار الوثائق الإدارية، فكما هو معلوم عند كل باحث أن الإنسان عند مراجعة عمله قد لا ينتبه إلى أخطائه، فهو قد يعتقد صحتها بسبب معرفة خاطئة متراكمة لديه، لأنه كذلك يقرأ ما كتب بعقله الباطن الذي رسمها محررة صحيحة.

       

      الفرع الثالث: التحرير النهائي

            يحرص المحرر في هذا المستوى الأخير على ضبط كل شكليات التحرير من بيانات رأسية إلى التوقيع، وترقيم الصفحات وخلو المراسلة من الأخطاء اللغوية، كما يجب الحرص على ترابط الفقرات ووضوح الأهداف، وعليه أن يتجنب كل تشطيب أو تحشير أو محو في المراسلة . وبالنظر لما توفره تكنولوجيا الإعلام الآلي من برامج تدقيق فهي تغنينا عن الكثير من الأخطاء بخلاف ما كان عليه الأمر زمن المراسلات اليدوية أو بالآلة الراقنة فيعمد المحرر إلى طباعة نسخة أولية ولا بأس من مراجعتها مرة أخيرة قبل ختمها وإرسالها إلى الجهة المعنية، حيث يجب أن يصاحب كل مراسلة جدول إرسال يثبت هذه العملية الأخيرة، وإن كان الأمر اليوم اختلف نوعا ما حيث أن معظم المراسلات إلكترونية، ووسيلة الإثبات تصبح كذلك الكترونية.

       

       

       


  • Section 7