الخطوط العريضة للقسم

  • 6- النظام الشبه رئاسي

    للنظام السياسي المختلط النظام الفرنسي نموذجا

    مقدمة  

        يُمثل النظام السياسي الفرنسي بموجب دستور 1958 نموذجًا فريدًا يجمع بين عناصر النظام البرلماني والرئاسي، مما جعله يُصنف في الفقه الدستوري تحت مسميات متعددة مثل "النظام المختلط" أو "النظام شبه الرئاسي". جاء هذا النظام استجابة لأزمات الجمهورية الرابعة (1946-1958)، التي عانت من عدم الاستقرار الحكومي (29 حكومة في 12 عامًا)[1]. يهدف هذه الدرس إلى تقديم تحليل شامل لهذا النظام من خلال:  

    1. الأسس الدستورية والتاريخية للنظام المختلط.  

    2. الهيكل المؤسسي وتوزيع السلطات.  

    3. آليات التفاعل بين السلطات.  

    4. التطبيقات العملية

    5. تقييم النظام في ضوء التعديلات الدستورية والتحديات المعاصرة.  

     

    أولاً: الأسس الدستورية والتاريخية للنظام المختلط

    السياق التاريخي

    - إخفاق الجمهورية الرابعة: بسبب هيمنة البرلمان وضعف السلطة التنفيذية، مما أدى إلى أزمات متكررة (مثل أزمة الجزائر 1958).  

    - دور ديغول: كلفه الرئيس "رينيه كوتي" بتشكيل حكومة لوضع دستور جديد يعزز سلطة الرئيس[2]

     2. الفلسفة الدستورية

    -عقلنة البرلمانية (Parlementarisme rationalisé): تقييد سلطة البرلمان لصالح السلطة التنفيذية عبر آليات مثل:  

      - تحديد جدول أعمال البرلمان (المادة 48).  

      - تقييد اقتراح القوانين المالية (المادة 40).  

    تعزيز شرعية الرئيس بجعله منتخبًا مباشرةً من الشعب (تعديل 1962).  

    ثانياً: الهيكل المؤسسي وتوزيع السلطات

    1. السلطة التنفيذية: ثنائية القيادة

    - رئيس الجمهورية، ُنتخب مباشرة (5 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة).

    - الحكومة (رئيس الوزراء والوزراء)يُعين من قبل الرئيس، ولكن يجب أن يحظى بثقة البرلمان  

     - صلاحيات واسعة (تعيين رئيس الوزراء، حل البرلمان، المادة 16).

     - مسؤولة أمام البرلمان (المادة 49).  

    | - يترأس مجلس الوزراء (المادة 9).

    - توجيه السياسة العامة (المادة 20).  

     

    التعايش (Cohabitation):  

    عندما لا يملك الرئيس أغلبية برلمانية، يضطر إلى تعيين رئيس حكومة من المعارضة، مما يقلص صلاحياته (مثل حالة ميتران وشيراك 1986-1988)[3]

    2. السلطة التشريعية (البرلمان)

    - الجمعية الوطنية

      - تُنتخب مباشرة لمدة 5 سنوات (577 عضوًا).  

      - تملك سلطة سحب الثقة (المادة 49).  

    - مجلس الشيوخ

      - يُنتخب غير مباشر (348 عضوًا، 6 سنوات).    - دور استشاري، ولا يمكن حله.  

     

    3. المؤسسات الرقابية  

    - المجلس الدستوري : يفحص دستورية القوانين (المادة 61).  

      - يُعين أعضاؤه من قبل الرئيس ورؤساء البرلمان (9 أعضاء).  

    - المجلس الأعلى للقضاء: يضمن استقلالية القضاء (المادة 65).  

    ثالثاً: آليات الت

    1. آليات الضبط المتبادل 

    | السلطة التنفيذية - حل الجمعية الوطنية (المادة 12). استخدام المادة 49.3 لإجازة القوانين دون تصويت

      السلطة التشريعية سحب الثقة من الحكومة (المادة 49). تعديل الدستور (بموافقة 3/5 البرلمان).

     

     2. التشريع والعمل الحكومي  

    - الحكومة تملك حق المبادرة التشريعية (70% من القوانين مصدرها الحكومة)[4]

    - التفويض التشريعي (المادة 38): يمكن للحكومة التشريع بأمر في مجالات محددة.  

    رابعاً: التطبيقات العملية للنظام

    1. فترات التعايش

    - 1986-1988الرئيس الاشتراكي (ميتران) مع رئيس حكومة محافظ (شيراك).  

    - 1997-2002الرئيس المحافظ (شيراك) مع رئيس حكومة اشتراكي (جوسبان).  

    الآثار

    - انتقال الصلاحيات من الرئيس إلى رئيس الحكومة.  

    - تعزيز الطابع البرلماني للنظام.  

     

    خامساً: تقييم النظام المختلط  

    الإيجابيات

    المرونة: التحول بين الشكل الرئاسي والبرلماني حسب الأغلبية.  

    - استقرار الحكومة: مقارنةً بالجمهورية الرابعة.  

    السلبيات

    - الغموض الدستوري: تداخل صلاحيات الرئيس ورئيس الحكومة.  

    - خطر الاستبداد: مع تطبيق المادة 16 (كما في أزمة الجزائر 1961).  

    الاستنتاجات

    يظل النظام الفرنسي نموذجًا ناجحًا في التوفيق بين الاستقرار والمرونة، رغم انتقاده أحيانًا لتركيزه السلطة في يد الرئيس. التعديلات المستقبلية يجب أن تركز على:  

    1. توضيح صلاحيات الرئيس في حالات التعايش.  

    2. تعزيز الرقابة البرلمانية على الصلاحيات الاستثنائية.  

    الاسئلة التقييمية

    1. ما هو النظام السياسي المختلط؟

    أ) نظام يجمع بين خصائص النظام البرلماني والرئاسي

    ب) نظام رئاسي بحت

    ج) نظام برلماني تقليدي

    2. ما هو النموذج الرئيسي للنظام المختلط؟

    أ) النظام الأمريكي

    ب) النظام البريطاني

    ج) النظام الفرنسي

    3. كيف يتم اختيار رئيس الدولة في النظام المختلط؟

    أ) بالتعيين من البرلمان

    ب) بالانتخاب المباشر من الشعب

    ج) بالتوريث

    4. ما الفرق الرئيسي بين النظام المختلط والنظام البرلماني؟

    أ) وجود رئيس دولة منتخب مباشرة

    ب) عدم وجود حكومة

    ج) غياب البرلمان



    [1] Maurice Duverger, *Échec au Roi: Les Orphelins de la République* (Paris: Albin Michel, 1994), p. 45.  

    [2] المادة 11 من الدستور الفرنسي (1958). 

    [3] حسن نافعة، *تعاقب السلطة في أوروبا* (القاهرة: دار الشروق، 2001)، ص 110.  

    [4] Olivier Duhamel, *Droit Constitutionnel et Institutions Politiques* (Paris: Seuil, 2010), p. 320.