المحاضرة الاولى الحكومة وأشكالها
Résumé de section
-
1- الحكومة وأشكالها
تُعد دراسة مفهوم الحكومة وأشكالها من الموضوعات المركزية في فقه النظم السياسية والقانون الدستوري، لما لها من ارتباط وثيق بكيفية تنظيم السلطة في الدولة، وتوزيع الاختصاصات بين المؤسسات، وتحديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم. ومن خلال هذا البحث، سنسعى إلى تقديم دراسة تحليلية مقارنة لمفهوم الحكومة وتعدد دلالاته، ثم تصنيف أشكال الحكومات وفق معايير مختلفة تتصل بموقع السلطة ومصدرها وطريقة ممارستها.
يعتمد هذا البحث على المنهج التحليلي والمنهج المقارن، من خلال تحليل النصوص الدستورية، واستعراض آراء فقهاء القانون، بهدف التوصل إلى تحديد دقيق لمفهوم الحكومة وتمييز أشكالها.المبحث الأول: تعريف الحكومة وتعدد دلالاتها
المطلب الأول: الحكومة كجهاز تنفيذي
يُستخدم مصطلح "الحكومة" في الفقه السياسي والدستوري للإشارة إلى الجهاز التنفيذي للدولة، ويختلف المعنى باختلاف النظام السياسي المعتمد. ففي النظم البرلمانية يُقصد بها "الوزارة"، أي الهيئة التنفيذية المسؤولة أمام البرلمان، بينما في النظم الرئاسية فإن "الحكومة" تشمل رئيس الدولة وأعضاء الجهاز التنفيذي كافة، دون أن تكون مسؤولة أمام الهيئة التشريعية.
وقد جاء في بعض الدساتير أن الحكومة هي الهيئة التنفيذية العليا في الدولة، وهو ما يعكس توسعًا في مدلول المصطلح ليشمل كل من يضطلع بالوظيفة التنفيذية في الدولة .المطلب الثاني: الحكومة كنظام حكم
إلى جانب المعنى التنفيذي، يُستعمل مصطلح الحكومة للدلالة على نظام الحكم القائم، أي الكيفية التي تُمارَس بها السلطة السياسية، سواء في ظل ملكية أو جمهورية، استبداد أو ديمقراطية. ويعكس هذا المعنى البُعد المؤسساتي للحكم، حيث تُمثّل الحكومة مجمل السلطات الثلاث داخل الدولة (التشريعية، التنفيذية، القضائية) من حيث التنظيم والصلاحيات .
كما أن بعض الدساتير القديمة كانت تستخدم تعبير "حكومتها ملكية" للإشارة إلى طبيعة النظام السياسي برمته، لا إلى الجهاز التنفيذي فقط .
المبحث الثاني: تصنيف أشكال الحكومة
المطلب الأول: من حيث الخضوع للقانون
تنقسم الحكومات وفق معيار الخضوع للقانون إلى حكومات استبدادية وحكومات قانونية.
الحكومة الاستبدادية هي التي لا تلتزم بأي قيود قانونية، حيث تنفرد السلطة التنفيذية بالحكم دون رقابة دستورية أو شعبية .
الحكومة القانونية هي التي تخضع للقانون، سواء في شكلها المطلق حيث تُمارَس السلطة في إطار قانوني شكلي، أو في شكلها المقيد، حيث تخضع السلطة لرقابة فعلية من قِبل مؤسسات دستورية أخرى .المطلب الثاني: من حيث طبيعة الرئيس الأعلى للدولة
يمكن التمييز بين الحكومة الملكية، حيث يتولى الحكم شخص يُنصَّب بالوراثة مدى الحياة، والحكومة الجمهورية، حيث يتم انتخاب رئيس الدولة لفترة محددة.
في الملكية، يُعد الملك مصدرًا للسلطات، بينما في الجمهورية تُستمد السلطة من الإرادة الشعبية. ولكل منهما تطبيقاته المتعددة في الدول المعاصرة، سواء في إطار أنظمة رئاسية أو شبه رئاسية.المطلب الثالث: من حيث مصدر السيادة
تصنَّف الحكومات أيضًا حسب مصدر السيادة إلى:
حكومة الفرد، حيث تتركز السلطة بيد شخص واحد، وغالبًا ما تكون مرتبطة بالنظم الملكية المطلقة أو الديكتاتوريات الشخصية.
حكومة القلة، حيث تُمارَس السلطة من قِبل فئة محدودة، قد تكون من النخبة الأرستقراطية أو من الطبقة الاقتصادية أو العسكرية، كما في حكومات الأوليغارشية أو العسكرية .
الحكومة الديمقراطية، حيث تُستمد السيادة من الشعب، وتمارس من خلال أساليب مباشرة أو غير مباشرة، ما يجعلها أكثر شرعية من الناحية السياسية والدستورية .الاستنتاجات
1. يتسم مصطلح الحكومة بتعدد دلالاته، مما يعكس غناه المفاهيمي بين البعد التنفيذي والبعد النظمي.
2. تتعدد أشكال الحكومة حسب معايير الخضوع للقانون، طبيعة الرئيس الأعلى، ومصدر السيادة.
3. تمثل الحكومة القانونية المقيدة نموذجًا لممارسة السلطة في إطار من الرقابة والتوازن، بينما تُجسد الحكومة الاستبدادية نموذجًا لتغوّل السلطة وغياب المشروعية.الأسئلة التقييمية
1. ما الفرق بين الحكومة كجهاز تنفيذي والحكومة كنظام حكم؟
2. كيف يؤثر شكل الحكومة على العلاقة بين السلطات داخل الدولة؟
3. ما أوجه التشابه والاختلاف بين الحكومة القانونية المطلقة والحكومة القانونية المقيدة؟4. إلى أي مدى يمكن القول إن النظام الجمهوري أكثر ديمقراطية من النظام الملكي؟
5. هل تعني الحكومة الاستبدادية بالضرورة غياب القانون؟ وضّح بمثال.
6. ما هي معايير تصنيف الحكومات من حيث مصدر السيادة؟ وكيف تختلف حكومة الفرد عن حكومة القلة؟
7. في رأيك، هل يمكن الجمع بين الحكومة الديمقراطية والحكومة الملكية؟ استدل بأمثلة واقعية.