مفاهيم النظرية :
"الذوات المتداخلة"، الذي يُعبر عن كيفية فهم الأفراد لأنفسهم وللآخرين من حولهم. يشكل هذا المفهوم إطارًا لفهم عمليات التفاعل الاجتماعي وتبادل الأفكار والمشاعر. وفيما يلي الإجابات عن التساؤلات التي توضح هذا المفهوم:
كيف نعرف أفكار الآخرين؟
نعرف أفكار الآخرين من خلال التفاعل المباشر وغير المباشر معهم، وذلك عبر الحوار والتواصل. نتلقى إشارات لفظية وغير لفظية تعكس مشاعرهم وآرائهم، مما يساعدنا في بناء تصور عن أفكارهم.
كيف نعرف أنفسنا؟
معرفتنا لأنفسنا تتم من خلال التأمل الذاتي والتفاعل مع الآخرين. نحتاج إلى رؤية ردود أفعال الآخرين على سلوكياتنا وأفكارنا، مما يعكس لنا جوانب عن شخصيتنا قد لا نلاحظها أثناء التفكير الفردي.
كيف يتم تبادل رؤانا وإدراكاتنا مع الآخرين؟
يتم تبادل الرؤى من خلال النقاش، حيث يقدم كل فرد رؤيته، ويتلقى آراء الآخرين. هذا التبادل يمكن أن يحدث عبر مناقشات مباشرة، أو من خلال وسائل الإعلام والاجتماعات، مما يعزز التنوع الفكري ويعمق الفهم المتبادل.
كيف يحصل التفاهم المشترك بين المتفاعلين؟
يتحقق التفاهم المشترك عندما ينفتح الأفراد على آراء بعضهم البعض، ويعملون على ترجمة أفكارهم ومشاعرهم إلى لغة مفهومة. يعتمد ذلك على الاستماع النشط، والتعاطف، والبحث عن القواسم المشتركة بين الأطراف المختلفة.
كيف يتصل الفاعلون فيما بينهم؟
يتصل الفاعلون عبر أنماط مختلفة من التواصل، كالكلام، الإيماءات، والتعبيرات العاطفية. يتطلب هذا الاتصال وعيًا مشتركًا وإرادة للتفاعل، حيث يلعب السياق الاجتماعي دورًا هامًا في تشكيل طبيعة العلاقات.
في ضوء هذا المفهوم، يتضح لنا أن التفكير الجماعي والتفاعل العاطفي هما جزءان لا يتجزآن من عملية الوعي الذاتي والفهم المتبادل، مما يعزز من قدرة الأفراد على بناء علاقات قائمة على الاحترام والثقة.
استخدم شوتز مفاهيم هوسرل ليُكمل ما اعتبره جوانب ناقصة في تحليل فيبر للفعل الاجتماعي، وبدأ في تأسيس مفهوم "العالم الحي" الذي يركز على الخبرات البين ذاتية. هذه الأفكار تركت أثرًا كبيرًا في الاتجاه الاثنوميثودولوجي في علم الاجتماع. في مؤلفه "فينومينولوجيا العالم الاجتماعي" المنشور عام 1932، وضع شوتز المبادئ الأساسية لعلم الاجتماع الفينومينولوجي.
بناءً على مفهوم "التخلل الذاتي"، قدم شوتز مفهومًا آخر يتكامل مع بنيته النظرية، وهو "النمذجة". يتمثل هذا المفهوم في تصنيف الآخرين بناءً على المعرفة الذاتية التي يمتلكها الفرد عن سلوكهم وأقوالهم وأفكارهم ومظاهرهم. ويُسميهم بسمات تحددها معرفته المحيطية، والتي غالبًا ما تتبلور من خلال:
طريقة عيشه في محيطه الاجتماعي.
علاقاته المتنوعة مع زملائه وأصدقائه وأقاربه.
أهدافه الثقافية.
من خلال التخلل الذاتي، يستطيع الفاعل تشكيل نموذج فردي اجتماعي يضم صفات المتفاعلين معه، ويختزل فيه سيرتهم الذاتية أو سماتهم الشخصية أو أنماط تفكيرهم بشكل عام. يغطي هذا النموذج أغلب الصفات السلوكية والفكرية الظاهرة والباطنة، مثل تصنيفه لشخص ما بأنه طيب القلب أو غليظ القلب أو حسود أو كريم النفس.
تمثل النمذجة بهذا الشكل حكمًا ذاتيًا يعكس المعايير الذاتية والاجتماعية، مما يُظهر تأثير المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه الفاعل. وفيما يخص وسيلة التعبير عن النمذجة، شبه شوتز اللغة بــ "بيت المال" الذي يمنح معنى ودلالة للنموذج الذي أنشأه الفاعل في تفاعله وتخلله الذاتي مع الآخر.
يجدر بالذكر أن المحيط الاجتماعي للفاعل يلعب دورًا حيويًا في اختيار العبارات اللغوية التي تعبر عن هذا النموذج الذاتي الذي تجسد من خلال تخلل ذوات الفاعل.