الظاهراتية )phénoménologie)عند الفيلسوف ألفريد شوتز:

استلهم شوتز الكثير من أفكار إدموند هوسرل، وكارل منهيم (في مجالات مثل التأويل)، وموريس ميرلوبونتي (في ظواهر الإدراك)، وماكس فيبر (حول الفعل الاجتماعي). انطلق شوتز من فرضية أن المعرفة الجماعية التي تشكل أفعال الأفراد تُبنى من خلال التفاهم البين ذاتي بين المتفاعلين، وذلك ضمن عملية دينامية يفترض فيها وجود منظور مشترك. حتى في حالة وجود اختلاف في المنظورات، يُفترض تماثلها لاعتبارات تتعلق بسيرورة الحياة الاجتماعية واستمرارها، حيث تعود هذه الأسباب إلى المصلحة المشتركة بين أفراد الجماعة.

في مؤلفه "الظاهراتية في العالم الاجتماعي ومشكلة الحقيقة الاجتماعية"، اهتم شوتز بعدد من القضايا الحيوية، أهمها: كيف يُشكّل الإنسان حقيقة عالم الحياة اليومية؟ كيف يتكون الحس العام؟ وكيف تتشكل معرفة الجماعة؟

للإجابة على هذه التساؤلات، أعطى شوتز أهمية كبيرة للبناءات الاجتماعية مثل الأسرة، المدرسة، النادي، الجامعة، والمؤسسات، وأثرها في تشكيل وعي الإنسان. كما ركز على تشكيل الحس العام من خلال عمليات التفاعل الاجتماعي، وما ينتج عن ذلك من أنماط العلاقات التي ينظر إليها أعضاء الجماعة كمسلمات وواقع طبيعي في سياق الحياة اليومية.

يشمل ذلك اعتقاد الفرد بوجود أشخاص آخرين يشاركونه في الرؤية والوعي والمعنى. يتولد من ذلك حس بالشراكة الجماعية، ويتشكل ما يُعرف بالحس العام أو المعرفة الجماعية المشتركة.

بناءً على هذه العناصر، يتكون عالم الفرد من بيئته الثقافية بمكونيها المادي والمعنوي، حيث ترتبط تصرفات الفرد بهذا المخزون المعرفي والثقافي للجماعة. نتيجةً لذلك، يصبح الفعل الاجتماعي هو الأساس في تشكيل الواقع الاجتماعي والثقافي.