الإثنوميثودولوجيا (Ethnomethodology) التطور والسياق

الإثنوميثودولوجيا (Ethnomethodology)

ظهرت الإثنوميثودولوجيا في ستينيات القرن الماضي، تحديدًا عام 1967، كرد فعل على مجموعة من الظروف الموضوعية والمعرفية التي كانت تميز المجتمعات الغربية في تلك الفترة، خاصة في المجتمع الأمريكي. ارتبط ظهور هذه النظرية بمجموعة من الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي كانت تؤثر بشكل كبير على المجتمع الغربي آنذاك. هذه الأزمات تمثلت في:

أزمة العنصرية العرقية: حيث كان هناك تزايد في التوترات العرقية والمطالبة بحقوق الأقليات، مما كشف عن التمييز العرقي في المجتمع.

غياب دور الشباب في صناعة القرارات العامة: حيث شعر الشباب أنهم مستبعدين من اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية التي تؤثر على حياتهم، مما أدى إلى تزايد الاحتجاجات والمظاهرات في هذه الفترة.

اللامساواة الجندرية: حيث كانت هناك فجوات كبيرة بين الجنسين في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية، سواء في العمل أو في السياسة.

العدالة الاجتماعية و توزيع المنافع: حيث كانت هناك تفاوتات كبيرة في توزيع الثروات والفرص داخل المجتمع الغربي، مما أدى إلى مشاعر بالظلم بين الطبقات الاجتماعية المختلفة.

من الناحية الثقافية:

في هذه الفترة، بدأ الشباب في اكتشاف الهوة بين الثقافة المعيارية (أي الثقافة التي تروج لها الأنظمة السياسية والثقافية) و الواقع الثقافي الذي يعيشه الأفراد. كانت الأنظمة الديمقراطية تروج لـ حرية الرأي والتعبير و احترام الفكر الآخر، بينما في الواقع كان هناك تفاوت و قمع للرأي الآخر، مما جعل الشباب يعبرون عن إحباطهم ويطالبون بتغيير النظام القائم.

من الناحية المعرفية:

كان الباحثون في العلوم الاجتماعية قد اكتشفوا إخفاق النظريات السائدة في معالجة المشكلات الاجتماعية، حيث كانت الكثير من هذه النظريات تدافع عن الواقع الاجتماعي وتبرره بدلًا من نقده أو محاولة تغييره. في هذا السياق، ظهرت اتجاهات نظرية جديدة في ميدان العلوم الاجتماعية والتي كانت تُعرف بـ البدائل النظرية. من بين هذه الاتجاهات، كانت الإثنوميثودولوجيا التي أسس لها هارولد غارفينكل، إلى جانب الظاهراتية و التفاعلية الرمزية و نظرية التبادل.

الإثنوميثودولوجيا كبديل معرفي:

ظهرت الإثنوميثودولوجيا كإطار جديد لفهم الممارسات اليومية التي يستخدمها الأفراد في حياتهم الاجتماعية اليومية، حيث ركزت على كيفية بناء المعنى الاجتماعي من خلال التفاعل اليومي بين الأفراد. انتقدت الإثنوميثودولوجيا المفاهيم السائدة في العلوم الاجتماعية التي اعتبرت المجتمعات ثابتة ومتسقة، وركزت على التحليل العميق للتفاعلات الملموسة بين الأفراد.

الإثنوميثودولوجيا تُعتبر بديلًا معرفيًا يتحدى النظريات التقليدية التي كانت تبرر الواقع الاجتماعي. بدلاً من ذلك، كانت تدعو إلى فهم كيفية بناء الأفراد للواقع الاجتماعي من خلال الممارسات اليومية التي يقومون بها.