مدخل إلى العقيدة الإسلامية
تعريف العقيدة الإسلامية
تُشتق كلمة العقيدة من الفعل "عقد" الذي يدل على الشدة والربط والإحكام، ومنه عُبّر بها عن ما ينعقد عليه القلب من يقين ثابت لا تردد فيه. أما اصطلاحًا، فالعقيدة بمعناها العام تشمل كل إيمان جازم يتمسك به الإنسان، صحيحًا كان أو خاطئًا، بينما يقصد بالعقيدة الإسلامية الإيمان الجازم المستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية، المتضمن لأركان الإيمان الستة وكل ما صح من الغيبيات.
الألفاظ ذات الصلة بالعقيدة
ارتبطت العقيدة الإسلامية بعدة أسماء تعبّر عن مضمونها ودورها، مثل: السنة التي تدل على ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه من اعتقاد، وأصول الدين لكون العقيدة هي الأساس الذي يقوم عليه الإسلام، والتوحيد لأنه جوهر العقيدة ومحورها، والإيمان الذي يجمع بين التصديق القلبي والعمل بالجوارح، مما يعكس شمول العقيدة واتصالها بالسلوك.
خصائص العقيدة الإسلامية
تتميز العقيدة الإسلامية بخصائص تجعلها صالحة لكل زمان ومكان، فهي توقيفية تعتمد على الوحي وحده، وثابتة لا تتغير بتغير العصور، وشاملة لجميع جوانب الحياة، ومتكاملة ترتبط عناصرها فيما بينها بترابط منظم، ومتوازنة تحقق الانسجام بين الروح والجسد والدنيا والآخرة، إضافة إلى الوضوح والبساطة مما يجعلها في متناول الجميع.
تاريخ نشأة علم العقيدة
مرّت العقيدة الإسلامية بمراحل مهمة، بدأت في العصر النبوي حيث كان الصحابة يتلقون الإيمان مباشرة من الرسول ﷺ نقياً بلا جدل ولا تصنيف. ثم جاء عصر الصحابة والتابعين الذي شهد ظهور الانحرافات الأولى فتصدى لها العلماء بالحفاظ على السنة. وفي القرنين الأول والثاني الهجريين ظهرت الفرق الكلامية وتأثر البعض بالفلسفات الأجنبية، فبدأت الحاجة إلى التأليف والرد، فبرزت مصطلحات مثل "السنة" و"الفقه الأكبر". وفي القرن الثالث الهجري استقرت المصطلحات، وظهر لفظ "العقيدة" بوضوح، ودوّنت الكتب المشهورة. ثم اكتملت المدارس العقدية في القرن الرابع وما بعده، وظهر علم الكلام للدفاع عن العقيدة باستخدام مناهج عقلية، مع بقاء منهج السلف قائمًا على تقديم النص.
مقاصد العقيدة الإسلامية
تهدف العقيدة الإسلامية إلى ترسيخ الحقائق الإيمانية في النفوس حتى يعبد الإنسان ربه على بصيرة ويقين، كما تسعى للدفاع عن الإيمان ورد الشبهات وحماية الأمة من الانحراف. وتعمل على هداية الباحثين عن الحق وإقامة الحجة على المعاندين، وتوجّه العلوم الشرعية جميعها نحو منهج مؤسس على التوحيد. كما تسهم في تطهير القلوب من التعصب، وتزكية النفوس وتقويم السلوك بما يحقق عبودية صادقة لله عز وجل.
أهمية العقيدة الإسلامية
تمثل العقيدة الأساس الذي بعث الله به جميع الرسل، وهي الغاية التي خُلق الإنس والجن من أجلها. كما تُعد شرطًا لقبول الأعمال وسببًا للنجاة في الآخرة. وتضبط علاقة العبد بربه على أساس من المعرفة والمحبة والخوف والرجاء، وتجيب عن الأسئلة الوجودية الكبرى المتعلقة بالحياة والموت والمصير. ومن أهميتها أيضًا أنها تمنح صاحبها الطمأنينة والاستقرار النفسي، وتُحصّنه ضد الأفكار المنحرفة والشبهات.
مصادر العقيدة الإسلامية
تعتمد العقيدة على مصادر أصلية واضحة، في مقدمتها القرآن الكريم الذي يضم أصول الإيمان ويرد الانحرافات، ويُفسر أولًا بالقرآن ثم بالسنة ثم بأقوال الصحابة. وتأتي السنة النبوية لتشرح القرآن وتُفصل معانيه وتثبت كثيرًا من الغيبيات. كما يُعد الإجماع حجة في المسائل العقدية التي اتفق عليها العلماء. ويُستفاد من العقل الصريح في فهم الأدلة دون تقديمه على النصوص، خاصة في أمور الغيب. أما الفطرة السليمة فهي أساس يقبل الحق ويميل إلى التوحيد، ويعيده الوحي إلى صفائه إذا طُمِس.