اولا تعريف التحرير الاداري

 

إن عبارة التحرير الإداري عبارة مركبة من كلمتين كلمة "تحرير"، ثم تخصيصها بعبارة "إداري، وسوف نحاول فيما يلي التطرق للدلالة اللغوية ثم الاصطلاحية لهذه العبارة.

المطلب الأول : التعريف اللغوي للتحرير الإداري

 

   كلمة تحرير نجد أصلها في الجذر "حرر" في اللسان العربي، وهي عكس "قيد"، والحر عكس العبد والأسير، والحر هو الطليق، ومن ثم جاءت "حرر" بمعنى أطلق والتحرير هنا بمعنى أطلاق الأفكار. وجاء فيها أيضا "حرر"، بمعنى كتب، وحرر الكتاب بمعنى قيده. وجاء في لسان العرب "تحرير الكتابة إقامة حروفها وإصلاح السقط، وتحرير الحساب: إثباته مستويا لا غلث فيه ولا سقط ولا محو، وتحرير الرقبة عتقها

أما مصطلح "الإداري" فهو نسب الفعل للإدارة، وهي: "جهاز أو مجموعة من الأجهزة، منحتها السلطة السياسية الصلاحيات والوسائل لتحقيق رغبات الشعب وتسيير أموره ومصالحه ضمن إطار القوانين المرعية

 وعند جمع المصطلحين التحرير الإداري، بمعنى أطلق الأفكار وفقا لمنظور الإدارة.

 

المطلب الثاني : التعريف الاصطلاحي للتحرير الإداري

 

للتحرير الإداري تعاريف اصطلاحية متعددة اخترنا منها ما يقترب من دراستنا وتكرر استعماله في المراجع المتعلقة بالموضوع، فمنها من ذهب إلى أن التحرير الإداري هو: مجموعة من المراسلات والعقود والوثائق الإدارية تحرر وترسل إلى المصالح العمومية أو إلى الأشخاص الطبيعيين، في شكل رسائل أو جداول إرسال أو برقيات أو مذكرات أو مناشير أو محاضر .... وعليه فإن كل تحرير إداري يقتضي قبل كل شيء معرفة كافية للغة التي يتم بها التحرير، ومن جهة أخرى فإنه يتطلب بصفة عامة :

 

 

أ الوضوح في التعبير عن الأفكار.

ب - التنسيق المنطقي للمعاني والاستدلالات.

ج - الأسلوب الصحيح والدقيق في التحرير"

نشير إلى أن هذا التعريف شابه بعض القصور، بداية من أن التعريف قد تضمن المعرف من خلال عبارة "حرر، ومن الناحية المنهجية يجب أن لا يرد المعرف في التعريف.

كما أن الجهات المخاطبة بالمحررات وفقا لهذا التعريف هي الإدارات العمومية والأشخاص الطبيعية، ويضاف إلى ذلك الأشخاص الاعتبارية الخاصة، فيمكن أن توجه الإدارة خطابها للكيانات المعنوية الخاصة، فكان كافيا أن يورد التعريف عبارة الأشخاص فقط، وهي كافية للتدليل على الأفراد والأشخاص الاعتبارية الأخرى عامة وخاصة.

كما يضاف إلى ما سبق أن التعريف جاء بذكر الأمثلة دون تعميم، وهذا الأمر غير محبذ من الناحية المنهجية، حيث أن التعريف الجيد من خصائصه أن يكون جامعا ومانعا، ثم تأتي المثلة لتوضيح مقصد التعريف.

كما أن الخصائص الواردة في هذا التعريف ليست خصائص جامعة للمحرر الإداري، فهناك العديد من الخصائص التي تم إقصاؤها والتي سوف نبينها عند التطرق لهذه المسألة.

كما جاء تعريف التحرير الإداري بأنه: "الإنشاء الإداري، وفق الوضعيات الشكلية الشروط والصيغ الشكلية، وكذا الخطوات التقنية المنهجية التي تلتزمها الإدارة بجميع هيئتها المركزية والمحلية في صياغة الوثائق التي يتطلبها النشاط الإداري، ويمكن تعريف التحرير الإداري انطلاقا من الوثائق الإدارية نفسها التي عليها مدار التحرير الإداري المستهدفة به . نلاحظ أن هذا التعريف يركز على الجوانب الشكلية دون الموضوعية في المحررة الإدارية، وهذا الأمر فيه نوع من الإهمال للجوانب الجوهرية في المحرر الإداري، حيث أن الموضوع المتطرق إليه في المحرر مرتبط لا محال بالجوانب الشكلية من مثل صفة المحرر ومدى اختصاصه، وكذا الصفة الرسمية في هذه الأوراق والقالب الذي تصب فيه المعلومات، غير أن هذا لا ينفي أهمية الموضوع نفسه، حيث أن هذه الجوانب الشكلية ما هي إلا مرحلة تمهيدية للإخراج الجيد للمعلومات المراد مخاطبة الغير بها، والتي تتطلب اطلاعا على الموضوع ومصطلحاته المناسبة وغير ذلك من المعلومات المفيدة المرتبطة بموضوع المحرر الإداري.

 

كما نشير إلى أن توظيف مصطلح "الوثائق الإدارية" في تعريف المحرر الإداري غير دقيق بالنظر إلى أن الوثيقة الإدارية لها مدلولان الأول واسع يفيد معنى المحرر الإداري نفسه، والثاني ضيق يقتصر على جزء فقط من المحررات الإدارية، وهو ما سوف نبينه في نهاية هذا الفصل عند التطرق لأنواع المحررات الإدارية

وهناك من ذهب إلى أن التحرير الإداري يعني "الإنشاء والكتابة"، وهو "عملية إنشاء أو كتابة مختلف المراسلات والوثائق والنصوص الإدارية، وفق صيغ ومواصفات خصوصية تستجيب لمقتضيات نابعة من طبيعة النشاط الإداري، ومن نوعية الروابط بين مختلف الوحدات والمستويات الإدارية وعلاقاتها بالمتعاملين الخارجيين نشير إلى أن هذا التعريف قد بين لنا مختلف أنواع المحررات من مراسلات ووثائق ونصوص، وهذا التقسيم يلقى قبولا واسعا في مؤلفات التحرير الإداري على الرغم من أنه منتقد هو الآخر، كما بين لنا أن المحرر يجمع بين خصائص شكلية وأخرى موضوعية مرتبطة بنشاط الإدارة في تعاملها الداخلي أو الخارجي مع المخاطبين كما يذهب المؤلف السابق في تعريف آخر إلى أن "التحرير الإداري هو مجموع الوثائق التي تحررها الإدارة بواسطة موظفيها، وتستعملها كوسيلة اتصال بغيرها من المصالح الإدارية الأخرى، وللقيام بعملياتها المختلفة بغية الوصول إلى الهدف المسطر.

ونلاحظ هنا أن عملية التحرير مقتصرة فقط على الاتصال بين الإدارات وهو ما نرى بأنه غير متطابق تماما مع نشاط الإدارة وأهدافها، وإن كان الأمر لا يخلو من الصحة، فإن جزءا مهما من المحررات الإدارية متصلة بجهات أخرى خصوصا علاقة الإدارة بالمواطن، وعلاقة الإدارة بالقضاء، وهو ما أشار إليه الباحث في التعريف الأول، عندما تطرق لعلاقة الإدارة بالمتعاملين الخارجيين.

      كما جاء في تعريف التحرير الإداري بأنه عملية كتابة الوثائق والمراسلات والنصوص والتعليمات بالشكل الذي يتوافق مع الصيغ الإدارية والرسمية، حيث يستخدم المحرر الأسلوب الإداري الذي يتميز بخصائص متعلقة بالإدارة باعتبارها مرفق عام وصاحب سلطة حيث يتعين عليه اختيار المصطلحات والتعبير المناسبة حتى تكون المحررة الإدارية مفهومة وواضحة للمخاطبين بها، وهذا من أجل تحقيق أهداف الإدارة من وراء انشاء هذه المحررة، وفن التحرير الإداري يُكتسب من خلال أمرين اثنين بداية بمعرفة القواعد الأساسية للكتابة وهي معارف نظرية بحتة، حيث يتم اكتساب الأسلوب وتحسينه من خلال التمارين والقراءة اليومية. أما الأمر الثاني فيتعلق بالخبرة التي لا تكتسب إلا من خلال الممارسة الميدانية.

Last modified: Saturday, 21 December 2024, 5:51 PM