خيارات التسجيل

 

المحاضرة رقم11

من علم اجتماع عربي إلى علم اجتماع إسلامي

نتناول في هذه المحاضرة الدعوة إلى تأسيس  علم اجتماع قائم على أسس إسلامية (علم اجتماع إسلامي ) حيث سنتعرض إلى بداية الدعوة إلى تأسيس هذه النظرية وسياقها التاريخي واهم ممثليها .

1- ظهرت الدعوة إلى تأسيس علم اجتماع إسلامي في سبعينات القرن الماضي كبديل عن النظرية الغربية وفك الارتباط والتبعية مع علم الاجتماع الغربي وطرح بديل جديد في هذا المجال متمثلا  الدعوة إلى إقامة مجتمع عربي إسلامي قائم على القرآن والسنة 

2- من رواد هذه الدعوة الجديدة لتأصيل علم اجتماع إسلامي:

-زيدان عبد الباقي في كتابه( علم الاجتماع الإسلامي).

-يوسف شلحود(المدخل لسوسيولوجيا الإسلام).

-سامية مصطفى الخشاب(علم الاجتماع الإسلامي)

-زكي محمد اسماعيل(نحو علم اجتماع إسلامي)

-صلاح مصطفى الفوال(المقدمة لعلم الاجتماع العربي والإسلامي).

.نبيل محمد السمالوطي(المنهج الإسلامي في دراسة المجتمع).

-فضيل دليو وآخرون(علم الاجتماع من الترغيب إلى التأصيل).

-محمد محمد امزيان( منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية)

تتبنى النظرية الإسلامية في علم الاجتماع على رفض التصورات السوسيولوجية الوضعية والماركسية ورفض دراسة واقع  المجتمع العربي في ضوء النزعات العربية والقومية والفئوية والطائفية والحزبية والإيديولوجية  والاثنية.

تهدف هذه النظرية إلى دراسة الظواهر الاجتماعية في منظور المنهج الإسلامي موضوعا ومنهجا ورؤية ومقصدية ،وتبني العقيدة الإسلامية في علاج المشاكل الواقعية ومحاربة الإلحاد والنزعات المادية والإباحية والاهتمام بدراسة التراث الاجتماعي والاستفادة من النظريات الاجتماعية الثاقبة عند علمائنا المسلمين أمثال : الكندي والفارابي وابن سيناء والغزالي وابن مسكويه وابن خلدون والجاحظ وغيرهم... ومن ثم التمسك الاجتماعي بالهوية والأصالة والخصوصية وقراءة التراث العربي القديم في ضوء رؤية إسلامية عميقة، واستحضار العقل المسلم في التحليل والوصف والتشخيص والعلاج.

تم تحضير هذه الورقة بالاعتماد على مؤلف

جميل حمداوي. نظريات علم الاجتماع. شبكة الالوكة  ص ص 160-181

 

 

 

 

 

 

محاضرة رقم 12 المستشرقون ودراسة البناء العربي( عنقود الغيابات واللاثورات)

بريان تيرنر (Bryan S. Turner) في كتابه "ماركس ونهاية الاستشراق" (Marx and the End of Orientalism)، ناقش ما يسميه بـ "عنقود الغيابات" (cluster of absences) عند دراسته لبناء المجتمعات العربية، وهذا المفهوم يُستخدم لتسليط الضوء على مجموعة من العناصر التي اعتُبرت مفقودة أو غائبة في المجتمعات العربية، مقارنة بالنموذج الغربي الكلاسيكي للتطور الاجتماعي والحداثة.

توضيح "عنقود الغيابات" عند تيرنر:

يرى تيرنر أن الأدبيات الاستشراقية وكذلك بعض المقاربات الماركسية والنظرية الاجتماعية الغربية بشكل عام كانت تركّز على ما تفتقر إليه المجتمعات العربية بدلاً من فهمها على أساس خصوصيتها التاريخية والثقافية. وبالتالي، تشكل ما يُعرف بـ"عنقود الغيابات" وهي مجموعة من الخصائص التي رآها بعض الباحثين الغربيين باعتبارها مفقودة في العالم العربي، منها مثلًا:

  • غياب العقلانية بالمعنى الفيبري (نسبة لماكس فيبر)
  • غياب الرأسمالية الصناعية
  • غياب البرجوازية المستقلة
  • غياب المجتمع المدني
  • غياب التنوير
  • غياب العَلمانية
  • غياب الديمقراطية
  • غياب الطبقات الاجتماعية الحديثة

هذا التصور جعل من المجتمعات العربية وكأنها في حالة نقص دائم، تنتظر أن تلحق بالغرب، بدلًا من النظر إليها كبُنى اجتماعية متكاملة لها منطقها الذاتي وتاريخها الخاص.

نقد تيرنر لهذا الطرح:

  • تيرنر يرى أن هذا التركيز على الغيابات يعيد إنتاج نزعة استشراقية جديدة حتى لدى من يعتقدون أنهم نقدوا الاستشراق (كالماركسيين مثلاً).
  • يدعو إلى التحرر من النموذج الأحادي الغربي في تحليل المجتمعات، وينادي بتناول المجتمعات العربية من منطلق داخلي، أي من خلال فهم تاريخها الخاص وبُناها الثقافية والدينية والسياسية.
  • يشدد على أهمية السياقات الإسلامية والعوامل التاريخية الخاصة في تفسير الظواهر الاجتماعية بدلًا من اختزالها في معيار واحد هو "النموذج الغربي".

خلاصة:

"عنقود الغيابات" عند تيرنر هو نقد موجه لمقاربات ترى المجتمعات العربية من خلال ما لا تملكه، بدلًا من النظر إلى ما هي عليه فعلًا. ويعد هذا المفهوم جزءًا من مشروع أوسع لتجاوز المركزية الغربية في علم الاجتماع، ولفتح المجال أمام نظريات اجتماعية نابعة من واقع المجتمعات غير الغربية.

غياب الثورات

في كتابه "ماركس ونهاية الاستشراق" يناقش بريان تيرنر  فكرة "غياب الثورات" في التاريخ العربي الإسلامي، وخاصة في منطقتي شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وهي جزء من ما أسماه سابقًا بـ"عنقود الغيابات".

ماذا يقصد تيرنر بـ"غياب الثورات"؟

تيرنر يشير إلى أن بعض المقاربات الغربية – بما فيها الماركسية الكلاسيكية – كانت ترى أن:

"العالم العربي والإسلامي لم يعرف ثورات اجتماعية حقيقية على غرار الثورات الكبرى في أوروبا (كالثورة الفرنسية أو الثورة البلشفية)."

بمعنى أنه لم تحدث هناك تحولات جذرية في البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تقود إلى انبثاق أنظمة جديدة عبر صراع طبقي واضح.

لكن هل هذا توصيف أم نقد؟

هنا تيرنر لا يتبنى هذه الفكرة كما هي، بل ينتقدها بشدة ويعتبر أن القول بعدم وجود ثورات هو ناتج عن:

1.  تبني معيار أوروبي أو ماركسي ضيق لفهم "الثورة"، بحيث تُفهم الثورة فقط كتغيير عنيف تقوده طبقة ثورية منظمة ضد طبقة حاكمة مستغِلة، وهو ما لا ينطبق دائمًا على أنماط التغيير في العالم الإسلامي.

2.  تجاهل السياقات الإسلامية والتاريخية التي أنتجت أشكالًا أخرى من المقاومة والتمرد والتغيير (مثل الحركات المهدوية، أو الثورات ذات الطابع الديني والسياسي المختلط).

3.  تغريب المفاهيم، أي فرض مفاهيم غربية لفهم تاريخ غير غربي، دون مراعاة الخصوصية الثقافية.

موقف تيرنر الحقيقي:

  • لا يقول إنه لم تكن هناك ثورات فعلًا، بل يقول إن ما يُعد "ثورة" يجب أن يُعاد تعريفه بما يتلاءم مع السياق الثقافي والاجتماعي الإسلامي.
  • يُبرز مثلًا أن كثيرًا من الحركات الإسلامية والتمردات الدينية في التاريخ الإسلامي حملت خصائص ثورية حقيقية، لكنها لم تُصنّف كثورات لأنها لم تتبع النموذج الأوروبي.
  • يشير إلى أن الطابع الديني والرمزي لهذه الحركات جعلها تُفهم كحركات "رجعية" أو "ماضوية" من طرف بعض المفكرين الغربيين، بينما هي في الحقيقة كانت تحاول تغيير الواقع وإعادة توزيع السلطة.

خلاصة الفكرة:

  • تيرنر يرى أن "غياب الثورات" هو نتيجة لتحيّز نظري، وليس واقعًا موضوعيًا.
  • يدعو إلى إعادة فهم التاريخ العربي والإسلامي بأدوات جديدة تحترم سياقاته ومفاهيمه الداخلية.
  • ويؤكد أن اختزال المجتمعات العربية في ما لم يحدث فيها (ثورات، رأسمالية، علمانية...) هو مشكلة في النظرية، لا في الواقع ذاته.

 

لا يمكن للضيوف الوصول إلى هذا المساق. يرجى تسجيل الدخول.