التناقض الأمريكي" (An American Dilemma

دراسة "التناقض الأمريكي" (An American Dilemma) لعالم الاجتماع السويدي غونار ميردال، التي نُشرت عام 1944، تعد واحدة من أهم الدراسات التي تناولت قضايا العنصرية والتمييز العرقي في الولايات المتحدة. كُلف ميردال بإجراء هذه الدراسة من قبل مؤسسة كارنيغي لفهم وضع الأمريكيين السود وعلاقاتهم بالمجتمع الأمريكي الأوسع.في الفترة من عام 1938 حتى عام 1940.

وقد صممت هذه الدراسة لتكون دراسة شاملة عن الزنوج في امريكا، وقد كانت كذلك بالفعل. واختير ميردال وهم  اقتصادي وعالم اجتماع سويدي وله سمعة دولية، ليدير البحث، لان البلد الذي اتى منه ليس فيه عمليا الا بيض ولم ينخرط في اية عملية استعمارية خلال تاريخه، يشكل هذا البحث الجهد الجماعي الاكبر المنجز في ذلك الوقت من قبل علماء اجتماع امريكيين.فقد كانوا مائة وخمسون. ان حقل هذا التحقيق كان فسيحا ،فهم يضم تاريخ السكان السود، اصلهم، تركيبهم ومميزاتهم الشخصية، عرض نقدي للمحطيات الاحصائية المختلفةن تحقيقات بواسطة الاستمارات، دراسات عن حالات الامراض العقلية، تحليل للسلوك النمطي للايديولوجيات، للاحكام المسبقة، ولاشكال الجريمة،دراسة دور الزنوج في الصناعة ، الزراعة المنشات الخاصة ،التربية والحكومة، دراسة حول التباينات في الاجور.

ان المسالة المركزية في التناقض الامريكي كانت جد بسيطة : انها معروضة في حرف طباعي مائل في مقدمة ميردال: "ان القضية الزنجية هي قضية موجودة في قلب كل امريكي. هنا سوف توجد بؤرة الضغط بين الاعراق،وهنا يتتابع الصراع الحاسم ،هذه هي الفكرة المركزية لهذا المؤلف.

بالنسبة لميردال ،ان العقدة المركزية للقضية العنصرية الامريكية كانت رفض البيض تقريبا في قبول الاندماج مع السكان السود وثقتهم في العزل لمنع الاتصالات باقامة الزيجات بين الاعراق.

لقد اكد ميردال ان المسالة العنصرية في الولايات المتحدة كانت مرتبطة بشكل معقد بالعلاقات بين السكان العالم البيض وغير البيض وانهم بمواجهة أكثرية ملونة فان السكان البيض يتوجب عليهم اما ان يقضوا نحبهم واما ان يجدوا وسائل العيش بسبل سليمة مع الناس الملونين.

الهدف من الدراسة:

  • تحليل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجه الأمريكيين من أصل إفريقي.
  • فهم التناقض بين المثل العليا الأمريكية (كالحرية والمساواة) والواقع الذي يتسم بالتمييز العنصري.
  • تقديم توصيات لتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للسود.

المنهجية:

  • اعتمد ميردال على نهج متعدد التخصصات، حيث جمع بيانات نوعية وكمية، وشمل بحثه مراجعات تاريخية ومقابلات وملاحظات حول أوضاع السود.
  • استعان بفريق كبير من الباحثين والمساعدين لتحليل مختلف جوانب الحياة الاجتماعية للسود، مثل التعليم، الصحة، العمالة، والعلاقات الاجتماعية.

أهم النتائج:

1.   التناقض الأمريكي:

o        أشار ميردال إلى أن هناك تناقضًا كبيرًا بين المثل الأمريكية المعلنة (الديمقراطية، المساواة، الحرية) والواقع الذي يتسم بالتمييز العنصري والاستغلال.

o        هذا التناقض خلق صراعًا أخلاقيًا في المجتمع الأمريكي وأدى إلى مشاعر متباينة تجاه السود.

2.   العنصرية كظاهرة اجتماعية:

o        العنصرية ليست مجرد ظاهرة فردية، بل هي نظام اجتماعي واقتصادي مدمج في المؤسسات الأمريكية.

o        بيّن كيف أن التمييز في العمل والتعليم والسكن يعيد إنتاج الفقر والتهميش.

3.   التبعية الاقتصادية والاجتماعية:

o        الأمريكيون السود كانوا محصورين في وظائف ذات أجور متدنية وظروف عمل قاسية، مما أدى إلى استمرار الفقر بين الأجيال.

o        الفجوات الاقتصادية تعمقت بسبب العوائق المؤسسية، مثل القوانين العنصرية.

4.   الإعلام والتعليم:

o        ساهم الإعلام والتعليم في تعزيز الصور النمطية السلبية عن السود، مما أدى إلى استمرار العنصرية في الثقافة العامة.

5.   الحراك الاجتماعي:

o        على الرغم من العوائق، كان هناك جهد مستمر من قبل السود لتحسين أوضاعهم من خلال الحركات المدنية، التعليم، والاقتصاد.

6.   التغيير الاجتماعي:

o        لاحظ ميردال أن التغيير ممكن فقط إذا أدرك الأمريكيون البيض التناقض بين قيمهم وسلوكهم العنصري، مما يستدعي مراجعة شاملة للسياسات العامة.

التوصيات:

  • القضاء على القوانين العنصرية وتعزيز سياسات العدالة الاجتماعية.
  • تحسين الفرص التعليمية والاقتصادية للسود.
  • ضرورة نشر الوعي بالقيم الديمقراطية وتطبيقها بشكل متساوٍ على جميع المواطنين.

أهمية الدراسة:

  • ساهمت الدراسة في تسليط الضوء على التمييز العنصري باعتباره مشكلة اجتماعية مؤسسية وليس مجرد تصرفات فردية.
  • أثرت بشكل كبير على حركة الحقوق المدنية في الخمسينيات والستينيات.
  • كانت واحدة من الأسس التي اعتمدت عليها المحكمة العليا الأمريكية في قراراتها اللاحقة مثل قضية براون ضد مجلس التعليم التي أنهت الفصل العنصري في المدارس.

الخلاصة:

"التناقض الأمريكي" كشف عن الفجوة بين المثل العليا الأمريكية والواقع العنصري، وأكد أن حل المشكلة يتطلب إصلاحات هيكلية عميقة في المجتمع والسياسات. تعتبر الدراسة مرجعًا كلاسيكيًا في تحليل قضايا العنصرية وعدم المساواة.