المحاضرة الخامسة+السادسة

الفلاح البولندي

وليام توماس وفلوريان زنانيكي

"تعود بداية اهتمامي بالوثائق الشخصية الى رسالة طويلة التقطها في يوم ماطر في ممر خلف منزلنا، هي رسالة كتبتها شابة كانت تتابع دراستها بالمشفى.موجهة الى والدها يخص محتواها العلاقات والمناقشات ضمن العائلة.

ان مصادفة اكتشاف باقة رسائل هي نعمة بالنسبة لتوماس .فهذه الرسائل التي كتبتها شابة مهاجرة الى اهلها تحكي عن ظروف حياتها وعملها والحوادث اليومية ومشاكلها وامالها ... انها في نظر عالم الاجتماع مادة لا غنى عنها.

في عام1908 حصل وليام توماس الاستاذ بجامعة شيكاغو على منحة ضخمة من مؤسسة خاصة لدراسة المشكلات المرتبطة بالهجرة  الاوروبية الى الملايات المتحدة. وبعد ذلك بقليل قرر ان يركز على الفلاحين البولنديين الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان الاجانب في شيكاغو. ويمثلون مشكلة بارزة.وفي احدى رحلاته الى بولندا تعرف توماس علة زنانيكي ونظم اجراءات سفره الى الولايات المتحدة ليعمل معه في هذا المشروع البحثي.وقد نشر تقريرهما المشترك بعد الحرب العالمية الاولى مباشرة.

وتتكون البيانات الخام من مجموعة ضخمة من الوثائق: خطابات شخصية وقصص صحفية واستمارات التقدم لجمعية الهجرة وسجلات القضايا من المحاكم والمؤسسات الاجتماعية ولم تعرف كمية الوثائق التي فرزت ولكن اكثر من الف منها ظهرت في الفلاح البولندي في اوربا وامريكا. بما فيها السيرة الطويلة والمشوقة لمهاجر يدعى فلاديك وقد اعتبر المؤلفان السير الذاتية نمطا مكتملا للمادة الاجتماعية ان منهجهما الرئيسي كا نوعا من تحليل المحتوى وكان على الوثائق المدروسة ان تكشف الاتجاهات والقيم الخاصة بالاشخاص الذين تعود اليهم.

وتشكل الاتجتهات والقيم العبارات –المفاتيح لهذه الدراسة فالنسبة لتوماس وزنانيكي كان للقيم الاجتماعية المعنى ذاته الذي كان للافعال الاجتماعية بالنسبة لدوركايم. فاليمة الاجتماعية هي عنصر من الثقافة ملموس او مجرد  وهو بالنسبة لهم معنى يتقبلونه بدون ان يفكروا فيه.وبالمقابل فان الاتجاه هو سيرورة واعية  وشخصية تحدد النشاطات الاجتماعية للفرد.وهو الراي الشخصي والذاتي المعاكس للقيمةالاجتماعية.

"ان سبب قيمة ما او اتجاه ما ليس ابدا ولا بصورة وحيدة قيمة او اتجاه ،بل هو دائما مزيج من قيمة واتجاه.

يؤكد توماس وزينانيكي عل تفاعل العوامل في هذا التفاعل المتواصل بين الفرد ومحيطه."لا يمكننا القول ان الفرد نتاج بيئته ولا انه يقوم بانتاج بيئته يمكن بالاحى ان نقول الامرين معا.الفرد هم نتاج مصيره وهو منتجه.ان الافراد  الموجودين في نفس الوضع سيرتكسون بشكل متباين تبعا لتمثلاتهم لهذا الوضع. وهذا ما يسميه توماس " تحديد الوضع" وسيصوغه روبرت ميرتون فيما بعد تحت شكل نظرية توماس .ان التمثل الذي يكونه المرء عن وضعه يساهم في تشييد هذا الوضع.

وكما يبدو واضحا من عنوان الكتاب الفلاح البولندي في اوروبا وامركا فانه يحلل وضع الفلاحين البولنديين في هاتين القارتين ومع ان التركيز انصب على اوربا فان التغير الاجتماع كان محور الاهتمام في هاتين القارتين.وتعد الجماعة الاسرية في القرية البولندية التقليدية هي الفاعل الاجتماعي الرئيسي.ويخضع الافراد لها الى ابعد حد وتعد واجبات اعضاء الاسرة تجاه بعضهم البعض مسالة التزام لا مسالة عاطفية.ومن الناحية العملية تعد الاسرة الجماعة الاجتماعية المنظمةالوحيدة التي التي ينتمي اليها الفلاح.وليست علاقات الاسررة بجيرانها من الاسر علاقة وثيقة ،غير ان هناك تضامنا قويا في كل قرية ،لان جميع الفلاحين يعتنقون نفس الاراء حول ادوارهم وعلاقاتهم.

وقد اوضح توماس وزنانيكي كيفية تحطم هذا النمط بفعل التغيرات الاقتصادية والمؤثرات الاخرى الخارجيةالتي اضعفت تضامن الاسر والقرية مما ساعد الافراد على تكوين اتجاهات جديدة تتعارض مع القيم الاسرية،كما ادت الى ظهولا التباين في الاراء والمعتقدات والتوجهات الاقتصادية في القرية.

ففي الاسرة حلت القيم والاتجاهات المرتبطة بالمتعة  محل التضامن الاسري وفي القرية حل السعي نحو النجاح والتفوق الاقتصادي محل الروح الجمعية المحافظة القديمة.وقد ظهرت صورة اكثر تطرفا للتفكك عندما هاجر الفلاحون الى الولايات المتحدة تاركين ةراءهم قراهم البولندية كما استقلوا عن اسرهم ايضا.

ويشيع بين الفلاحين البولنديين ف الولايات المتحدة التفكك الفردي.وتتمثل الصورة المميزة للتفكك الفردي بين الفلاحين البولنديين في الولايات المتحدة في : الاعالة الاقتصادية،وتقوض العلاقات الزوجية، القتل ،انحراف الاحداث.

المراجع

-محمد الجوهري .علم الاجتماع التطبيقي

-فليب كابان وجان فرانسوا دورتيه

تيودور كابلوف. البحث السوسيولوجي