مقياس الدراسات المؤسسة لعلم الاجتماع

اسم الوحدة : الدراسات المؤسسة لعلم الاجتماع

الرصيد:05

المعامل :02

طريقة التقييم:مراقبة مستمرة40%  +امتحان 60%

المحاضرة الأولى: ابن خلدون و علم العمران البشري

  يعتبر ابن خلدون من ابرز العلماء الذين عرفتهم الحضارة العربية والاسلامية على مر التاريخ، اذ يمكن عده احد اعمدة التراث الفكري العربي، فقد كانت منجزاته في علم الاجتماع و علم التاريخ علامة فارقة اضافت كثيرا من الانجازات والأفكار الجديدة الى الفكر العربي الاسلامي والفكر الانساني بشكل عام في مختلف النواحي الاجتماعية والاقتصادية والعلمية.

  ولتوضيح علم العمران (المجتمع)سننطلق من التعريف الذي اعطاه ابن خلدون في المقدمة" ان موضوع التاريخ هو دراسة الاجتماع الانساني الذي هو عمران العالم .فهو يبحث ما يتعلق بطبيعة العمران وما يعرض لذلك العمران من الاحوال مثل :التوحش والتآنس والخصوصيات الناجمة عن العصبية واصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض وما ينشا عن ذلك من الملك والدول ومراتبها الاجتماعية  وما ينتحله البشر باعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش والعلوم الصنائع وسائر ما يحدث من ذلك العمران بطبيعة الحال (المقدمة ج 1 ص 69)

    يمثل علم العمران البشري، علما مستقلا ومستحدثا، يختلف عن سائر العلوم والفنون، التي عرفت في عصر ابن خلدون، والتي قد تبدو متداخلة معه أو مختلطة بميدانه، فهو يختص بموضوع الاجتماع الإنساني، وله لذلك مجالاته، مفاهيمه، مناهجه وأطره التفسيرية. وهو ما بينه ابن خلدون في مقدمته.

 

ضرورة قيام علم العمران عند ابن خلدون:

   قرأ ابن خلدون تاريخ العالم وخاصةً تاريخ العالم الإسلامي، واستعرض كتب التاريخ لمراجعتها ووجدها مليئة بالمغالطات والأكاذيب، لذلك وجد من الضروري إيجاد علم شامل يقوم على الشرح والتحليل وتعليل الحوادث؛ لتصحيح الوقائع التاريخية. وانتهى إلى تأكيد ضرورة قيام علم جديد هو علم العمران البشري، وقد وضع مقدمته الشهيرة المعروفة ب “مقدمة ابن خلدون”، والتي أوضح فيها أسس علم العمران والذي سُمي حديثًا ب “علم الاجتماع”، وبالتالي يُعد ابن خلدون المؤسس الحقيقي لعلم الاجتماع؛ حيث استوفى على يديه كل الشروط الضرورية التي يحب توافرها في كل علم من حيث الموضوع والمنهج والهدف، وهو بذلك يأتي على رأس المفكرين الذين مهدوا لنشأة علم الاجتماع الحديث، وذلك بالرغم من أنه عاش قبل ظهور أوجست كونت رائد علم الاجتماع الحديث بنحو خمسة قرون.

دعائم علم العمران عند ابن خلدون:

·         الموضوع.

·         المنهج.

·         الهدف.

١_ موضوع علم العمران عند ابن خلدون:

أكد ابن خلدون أن الاجتماع الإنساني ضروري، لأن الفرد قاصر عن تحقيق حاجته؛ فالإنسان إذن اجتماعي بطبعه، أي لا بد له من التفاعل الاجتماعي الذي يرتبط بالاستقرار ومن ثم قيام القرية فالمدينة.يري ابن خلدون أن المجتمع شيء طبيعي يخضع لقوانين عامة ثابتة نسبيًا؛ كالظواهر الفردية والحيوية في الكائنات الحية. لذلك يجب دراسة الظواهر الاجتماعية كالظواهر الحيوية، وبالتالي قرار أن الاجتماع البشري وما يصاحبه من ظواهر يحب أن يكون موضوعًا لعلم جديد هو علم العمران (علم الاجتماع).

 

٢_ منهج البحث عند ابن خلدون:

من أبرز عناصر وملامح منهجه تأكيد على ضرورة:

١_ عدم قبول الباحث أي شيء إلا بعد أن يتأكد بوضوح أنه كذلك.

٢_ التزام الباحثين بمنهج المقارنة بين ماضي الظاهرة وحاضرها؛ لأن المجتمع دينامي ومتغير وليس ثابت في الأحوال.

٣_ قيام الباحثين بإجراء الملاحظات الدقيقة للظواهر الاجتماعية.

٤_ توصل علم العمران إلى القوانين التي تحكم العمران البشري وظواهره.

٣_ أهداف علم العمران عند ابن خلدون.

حدد ابن خلدون أهداف من إنشاء علم العمران في نوعين من الأهداف، هما:

١_ أهداف نظرية.

تتحدد في ضرورة الكشف عن طبيعة الظواهر الاجتماعية ووظائفها، والتوصل إلى القوانين التي تخضع لها.

 ٢_ أهداف في الاستفادة بالقوانين التي تم التوصل إليها في تصحيح وقائع التاريخ وتعليل حوادثه.

فعلم العمران البشري عند ابن خلدون هو علم الاجتماع وهذا يؤكد ان المؤسس الحقيقي لهذا العلم هو ابن خلدون .

ويرى ابن خلدون ان الاجتماع الانساني ضروري للانسان لان" الانسان مدني بالطبع يحتاج الى الاخرين من ابناء جنسه لاكتمال وجوده.فالاجتماع الانساني عنده هو العمران البشري .وهذا يتضح ان ابن خلدون يقصد بمصطلح العمران "الحياة الاجتماعية" وما ينتج عنها او يرافقها من مظاهر اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية...الخ.

تعتبر البداوة والحضارة اساس النظرية السوسيولوجية عند ابن خلدون.فالحضارة والبداوة تمثلان المحطات الاساسية التي يدور حولها العمران البشري.

خصائص العمران البشري:

1-المجتمع ككل (وليس الفرد بحد ذاته)وهذا يفسر ضرورة الاجتماع الانساني وحاجة الفرد الى مساعدة الاخرين للدفاع عنه، فالمجتمع هو اكبر جماعة في منطقة جغرافية معينة.

2- يحتاج المجتمع البشري الى حاكم

3-الاعمال والوظائف الضرورية لرفاه المجتمع.

4-المجتمع يعمل ككل من خلال تعاون افراده.

5-لكل مجتمع بقعة معينة من الارض.

6-للمجتمعات ثقافة معينة

7-الانتماء والولاء للمجتمع.فبقاء المجتمع يعتمد على التماسك الاجتماعي(العصبية) او الإحساس بالانتماء والولاء للمجتمع.فالعصبية تقرر استمرار المجتمع الانساني.

انواع العمران البشري عند ابن خلدون:

1-العمران البدوي

حيث يتميز المجتمع البدوي بما يلي:

-الاقتصاد الزراعي او الحيواني

-المستوى المنخفض من الانتاج

-التعلق ببيئة معينة وحالة معينة للاقامة

-خضوع المجتمع البدوي سياسيا واقتصاديا للمدينة

2- العمران الحضري

حيث يتميز المجتمع الحضري بما يلي:

-الاشتغال بالصناعة والتجارة

-المستوى في الاقتصاد والاستهلاك والثقافة

-درجة كبيرة من الامن بالتحصن وراء جدران المدن

-الاستقلال الاقتصادي والسياسي عن المجتمع البدوي.

   وحسب عالم الاجتماع احمد زايد ، فان العمران البشري عند ابن خلدون يضم ثلاثة مستويات: الاول هو المعاش الذي يحدد علاقة الانسان بالبيئة وجهده في استغلالها من اجل استمراره في البقاء (من خشونة البداوة الى رقة الحضارة).والثاني هو الوازع السياسي الذي يحقق من خلال العمران استقراره( من العصبية الى الملك).فالدولة حسب ابن خلدون لها عمر طبيعي كعمر الاشخاص، ولقد حدد ابن خلدون هذا العمر بثلاثة اجيال على اساس ان عمر كل جيل اربعين سنة، ويمثل كل جيل حالة من حالات الدولة، فالجيل الاول هو جيل البداوة وخشونتها والعصبية القوية، والجيل الثاني هو الجيل الملك اي تحول من البداوة الى الحضارة ومن الخشونة الى الترف ويصاحبه انكسار شوكة العصبية ولكنها لا تزول نهائيا حيث تبقى ذكريات الجيل الاول قائمة فيها من اعتزاز بالماضي المجيد.اما الجيل الثالث فتختفي فيه العصبية تماما وتنسى خشونة البداوة ويبلغ الترف غايته فتذهب الدولة الى الانهيار.

فموهوم العصبية كما يذهب الى ذلك عالم الاجتماع عبد الغني مغربي يشكل عصبا من الاعصاب الرئيسية التي تتضمنها المقدمة.والعلة في ذلك ان ابن خلدون جعل منه مفتاح الديناميكية الاجتماعية فضلا على انه اكثر من استخدامه (استعمله اكثر من خمسين مرة) "فقد ظهر ان الملك هو غاية العصبية " المقدمة ص 246.

والثاث هو الصنائع او المنتجات الثقافية للعمران.ويقترب مفهوم الصنائع عند ابن خلدون من مفهوم الثقافة بلغتنا المعاصرة ، والصنائع مثل الوازع السياسي ضرورية للاجتماع البشري فلا تستقيم شؤون العمران بغيرها.يقسم ابن خلدون الصنائع الى قسمين : الصنائع الضرورية للعمران ( الفلاحة والبناء والخياطة والنجارة والحياكة) اما النوع الثاني وهو الصنائع الشريفة بالموضع( التوليد والكتابة والوراقة والغناء والطب ، ويمكن ان ينضاف الى هذين النوعين من الصنائع العلم والتعليم وقد خصص ابن خلدون فصلا للحديث عن كل صنعة من الصنائع الضرورية والثانوية ولكته خصص بابا كاملا للعلوم والتعليم ، فصنف العلوم وحلل طبيعة علاقتها بالعمران بنفس الطريقة التي حلل بها الصنائع الاخرى.

مراجع المحاضرة

1-نجاح حسنٌ  حمد الهبارنة:ملامح العمران البشري عند ابن خلدون.دراسة مقارنة.حوليات اداب عين شمس.المجلد 45( عدد ابريل –يونيو 2017)

http://www.aafu.journals.ekb.eg

2-احمد زايد.اين خلدون ومنهجية دراسة العمران البشريفي السيد الحسيني واخرون.تاريخ الفكر الاجتماعي دار  قطري بن فجاءة.الدوحة. 1986.

3- عبد العني مغربي .الفكر السوسيولوجي عند ابن خلدون.دار القصبة للنشر. 21006.

4-عبد القادر جغلول. الاشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي عند ابن خلدون. دار الحداثة .1981.

5- إيمان ممدوح نجم الدين. ابن خلدون المؤسس الحقيقي لعلم العمران.

https://rs.ksu.edu.sa/issue-1278/2533

6- عواطف عطيل لموالدي. ابن خلدون وعلم العمران البشري. مجلة تاريخ المغرب العربي.العدد 9 ماي 2018.  ص ص 189-22