يعد هذا المقياس من مقاييس النقد المهمة التي تهتم بجانب التنظير النقدي والإجراء التحليلي والممارسة التطبيقية على النصوص الأدبية، وذلك من خلال تتبع سياقاتها التاريخية والنفسية والاجتماعية التي تجسدت في مناهج النقد الحديث ونظرياته محاولا بها الإحاطة بالنقد وتسييجه ضمن أطر علمية ممنهجة.
إن بروز مناهج فكرية نقدية حديثة تواكب العصر وتكسر القوالب القديمة لم يكن مجرد خروج عن الأنماط التقليدية فحسب، إنما هو نتاج ثورة علمية عارمة غطت أوروبا أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وقد اندفع مدها الجارف إلى مجال الأدب والفن الأمر الذي ساعد على نشوء مناهج واتجاهات جديدة في النقد.
وبالتالي لم يعد يقتصر النقد على مجرد أحكام أو تعليقات ذوقية انطباعية قد لا تخدم الأدب بالقدر الذي نريده منها بل تحول الأمر إلى أشمل من ذلك، بفضل قيام الثورات العلمية والتيارات الفكرية والفلسفية، التي أثرت على جميع العلوم فأضحت النظريات النقدية تستند في طرحها على أساس فكري وخلفيات فلسفية ومعرفية تحمل الكثير من الجماليات التي تم استقاؤها من مختلف الحقول، كالتاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع ومن الفلسفة والانثروبولوجيا.
والجدير بالذكر أن مقياسنا هذا مناهج النقد السياقي ما هو إلا تلك النظريات النقدية التي استندت في الأصل على تلك المعارف والعلوم فنتج عنها مناهج خارجية تهدف إلى فهم النصوص وتفسيرها بناء على الظروف التي نشأت فيها والتأثيرات التي تعرضت لها.
- Créateur de cours: sarra kherroube