محاضرات في مقياس: تاريخ الجزائر المعاصر

سنة ثانية علوم إجتماعية

محاور المقياس للسداسي الأول:

1-الأيام الأخيرة للوجود العثماني في الجزائر: - إقتصاديا – سياسيا – إجتماعيا وثقافيا

2-أبعاد العلاقات الجزائرية الفرنسية ما قبل الإحتلال وخلفياتها: الدينية –السياسية –الإقتصادية – العسكرية

3-كيف ينظر المؤرخين إلى النزاع الفرنسي الجزائري:

أ-الأسباب الحقيقية

ب-الأسباب المفتعلة

ج-إستعداد فرنسا ونزول قواتها بميناء سيدي فرج

د-إبرام معاهدة الإستسلام "العار"

4-السياسة الإستعمارية التي إتبعتها فرنسا في الجزائر بعد الإحتلال:

أ-السياسة العسكرية وسقوط مدينة الجزائر

ب-جهاد الأمة الجزائرية لمواجهة الإستعمار الفرنسي

ج-المقاومات في الشرق وفي الغرب وكنماذج عنها :

                 – مقاومة الشرق بقيادة الحاج أحمد باي

                 - مقاومة الغرب بقيادة الأمير عبد القادر

                 -المقاومات الأخرى حتى مقاومة 1916 "الطوارق- وعين التوتة"

5-السياسة العسكرية والإدارية في الجزائر المحتلة :

أ‌-        تشييد الدوائر والمقاطعات من طرف ضباط عسكريين

ب‌-    المكاتب العربية

ت‌-    القضاء

ث‌-    العقوبات الجماعية

ج‌-      الضرائب

6- سياسة الإستيطان في الجزائر

7-السياسة الإقتصادية والإجتماعية التي فرضتها السلطة الإستعمارية مع الشعب الجزائري

8-السياسة الثقافية والإستعمارية

9-المقاومة السياسية

 

 

 

المحاضرة 1:

أواخر أيام الوجود العثماني في الجزائر:

أدى التعاون الوثيق بين الدولة العثمانية والدولة الجزائرية في بداية الوجود العثماني بالجزائر إلى حمل لواء الجهاد في سبيل الله مما دفع بالعثمانيين إلى تلبية رغبة الجزائريين في مساعدتهم على طرد الصليبيين الحاقدين من الإسبان الذين إحتلو الشمال الإفريقي وخاصة منطقة الجزائر.

وكانت بداية وجود العثمانيين في الجزائر بداية قوية حيث ساعدوا الجزائريين على طرد الإسبان من بلادهم ورغب الجزائريين في إستقرار العثمانيين معهم فوجودهم أعطى دفعا جديدا للجزائريين لكن سرعان ما تحولت هذه القوة إلى ضعف خاصة في المجال السياسي والعسكري والإجتماعي. فدبت التوترات في الجيش الإنكشاري وانتشرت الأوبئة والأمراض والكوارث واشتدت القساوة في الحياة الريفية، وحاربت القوات التركية القبائل التي رفضت الإستجابة إلى دفع الضرائب المفروضة عليها .

وكذلك سعت السياسة التركية إلى الحيلولة دون السماح للتحالف بين القبائل الرافضة للوجود العثماني لأن هذا التحالف كان يشكل في إعتقاد أكثر الحكام الأتراك خطرا على وجودهم وهذا الوضع   لم يسمح بتحقيق الإنصهار بين المجتمع الجزائري والأتراك الموجودين بالجزائر.

وفي الأخير تحولت عقلية الأتراك من  عقلية الجهاد في سبيل الله إلى السعي من أجل الحصول على الثروات وتوطيد ركائز الحكم وانتشار الأمن في ربوع الجزائر رغم ضعف الجانب الثقافي وركوده ولم تحدث بالبلاد نهضة علمية تواكب ما كان يحدث في أوروبا بل غلب على الوضع وخاصة منذ نهاية القرن 16 و17 والصراعات الدموية من أجل الوصول إلى السلطة والإدارة وهذا مابرز جليا خاصة في عهد الدايات التي صاحبها التنافس اللاشريف من أجل كسب الأموال والثروات بشتى الطرق ، هذا مادفع بالدول الأوروبية إلى التحالف من أجل فرض العزلة على الدولة العثمانية وإضعافها وإضعاف الأقاليم التابعة لها وللإستعداد لإحتلال أقاليمها الواحد تلو الأخر .

الإحتلا الفرنسي للجزائر(1830-1962م):

العلاقات الجزائرية الفرنسية ما قبل الإحتلال :

عند مقارنة العلاقات بين الجزائر والدول الأجنبية خاصة الأوروبية منها، نجد أن علاقات فرنسا بالجزائر كانت على العموم طيبة ، فمنذ القرن 16 كانت فرنسا تتمتع  في الجزائر بامتيازات تجارية خاصة  في كل من سواحل القالة وعنابة والقل، وهي عبارة عن حقول بحرية من أجود مناطق صيد المرجان للسوحل الشرقية الجزائرية ، ومن جهة أخرى سمحت الجزائر لمجموعة من المؤسسات الفرنسية بالرصو في موانئها لتصدير الحبوب إلى أوروبا.

ولقد تطورت هذه العلاقات وكانت أفضل ما تكون في عهد الثورة الفرنسية فقد:

1-إعترفت الجزائر بالجمهورية الفرنسية الجديدة في وقت كانت فيه فرنسا تحت الحصار الأوروبي.

2-أقرضت الجزائر فرنسا مبلغ مليون فرنك ذهب بدون فائدة للتزود بالحبوب خاصة أثناء فرض الحصار عليها من طرف بعض الدول الأوروبية وخاصة إنجلترا.

3-فتحت الموانئ أمام السفن الفرنسية للتزود بالسلع عندما أغلقت الأسواق الأوروبية في وجه التجارة الفرنسية .

إلا أن هذه العلاقات سرعان ما كانت تتخللها بعض التوترات سنذكرها عندما نصل إلى هذه النقطة:

أما العلاقات الفرنسية الجزائرية فقد كانت لها أبعاد منها :

1-الخلفيات ذات البعد الديني

2-الخلفيات ذات الأبعاد السياسية

3- الخلفيات ذات الأبعاد الإقتصادية

4- الخلفيات ذات الأبعاد العسكرية

أما الخلفيات ذات البعد الديني فقد الصراع قائما بين الدول المسيحية ممثلة في الدول الأوروبية والدول الأسلامية ممثلة في الدولة العثمانية.

دفع التعاون الوثيق بين الدولة الإسلامية العثمانية والدولة الجزائرية إلى تكتل الدول المسيحية في أوروبا من أجل حزب المسلمين في الجزائر وفي إسطنبول حيث ترسخت لدى تلك الدول الأوروبية فكرة القضاء على دار الجهاد مدعية أن الجزائر تلجأ إلى محاربة المسيحية، وتجسد هذا الكره في الحقد على الإسلام والمسلمين في مِؤتمر فيينا عام 1815 وإكس لاشابيل عام 1818 كجبهة تحرير المسيحيين الموجودين بالجزائر خاصة من الأسرى الذين كانت تأسرهم وحدات الأسطول الجزائري، وكذلك كان هدفهم تحطيم الأسطول الجزائري من الذين أقلتهم لأنه كان يمثل قوة عظمى وكان يحمل لواء الإسلام في البحر الأبيض المتوسط.

وتجسدت بجلاء هذه الخلفيات الصليبة في الممارسات الإستعمارية بعد إحتلال الجزائر وهذا ما أثبتته تقارير وزراء الحرب الفرنسيين عن أعداء المسيحيين وتنصير الجزائريين.  

*الخلفيات السياسية:

يعتبر دخول الجزائر تحت سيادة الأتراك بمثابة إنقاذ لها من الإحتلال الإسباني وهذا بطلب من الجزائريين أنفسهم، وقد تمتعت الجزائر تحت حكم الأتراك بمكانة مرموقة وهيبة دولية عالية ،ولكن سرعان ما تبدل الحال خاصة في القرن 16 عندما تحولت عقلية الأتراك من عقلية الجهاد في سبيل الله إلى عقلية جمع الأموال والتنافس على السلطة .

وأصبح التنافس على السلطة تنافسا على غير شريف ،هذا ماجعل الدول الأوروبية تتحالف للقضاء على الدولة الجزائرية.

كما إتسمت السياسة التركية بالعزلة وعدم إندماج الأتراك بالأوساط المحلية ،وكذلك ميلهم إلى الترف والملذات على حساب مراعاة شؤون الأمة فسخط السكان عليهم وأدى بسلطانهم إلى الزوال ،في هذه الفترة كانت فرنسا حريصة على إستغلال خيرات الجزائر الإقتصادية ولهذا لجأت إلى عقد إتفاقيات ومعاهدات بدأت بالصداقة والتحالف وأبرمت حوالي 57 معاهدة كانت معظمها تخدم مصالح فرنسا ،وتعاقب حوالي 96 قنصل و70 دبلوماسي بالجزائر،ولكن أطماع فرنسا كانت دوما تحول دون الإستقرار في علاقاتها السياسية مع الجزائر .