Annonces

شعرية عربية

 
Avatar Abdelhamid Djoudi
شعرية عربية
par Abdelhamid Djoudi, mardi 9 juin 2020, 10:46
 

قسم اللغة والأدب العربي   ــــــــ 2019/2020

المقياس : شعرية عربية

 المستوى : السنة الثانية دراسات أدبية

عنوان المحاضرة : وحدة القصيدة ( ترابط بنية الشكل ) من منظور حازم القرطاجني :

تبلور مفهوم بنية القصيدة على يد حازم القرطاجني ، الذي نهج نهجا علميا موضوعيا أكسب نظريته هيكلا نظريا محدد المعالم ، فقد حدد بنية القصيدة ب( المطلع ) وما يتعلق به من مقاطع ، فالفصول ثم الخاتمة .

فقد أولى القرطاجني عناية قصوى بالمطالع أو ما يسميه بالاستهلال، وذلك لأنه كما قال : ( النفس تكون متطلعة لما يستفتح لها الكلام به ، فهي تنبسط لاستقبالها الحسن أولا ، وتنقبض لاستقبالها القبيح أولا أيضا...) .

 والمطلع هو البيت الأول من القصيدة ، والبيت الشعري كما هو معروف يتألف من مصراعين: الأول يسمى الصدر، والثاني يسمى العجز، واستحسن القرطاجني أن يكونا متماثلين في الكلمات ، ويعني بذلك التصريع ، الذي يمثل سمة من سمات الشعر الراقي ، الذي يقوم على هذه الظاهرة الصوتية ، لأن النفس تتأثر إيجابيا بتناسب الأصوات اللغوية ، وانسجامها ، وفي ذلك يقول :( فإن للتصريع في أوائل القصائد طلاوة وموقعا من النفس ...).

إن عناية القرطاجني بمطالع القصائد راجع لإدراكه لأهميتها من جهتين : الأولى موضوعية منطقية ، باعتبارها الأساس الذي تقوم عليه القصيدة ، لأنها بمثابة النسق اللغوي الذي تنسج القصيدة أجزاءها على مقتضاه ، والجهة الثانية أنها - المطالع – تحدد استجابة المتلقي للقصيدة برمتها سلبا أو إيجابيا .

ثم أشار القرطاجني إلى المكون الثاني لبنية القصيدة وهو ( الفصول ) ، وهي عنده مجموعة الأبيات التي توحدها بنية معنوية ، فالأبيات الشعرية لا تُكوِّن القصيدة إلا إذا انتظمت في وحدة بنائية معينة مؤلفة من أجزاء مرتبطة مع بعضها منطقيا .

 والقصيدة لا يحسن نظمها إلا إذا حسن نظم فصولها وائتلاف أجزائها ، من حيث المباني والمعاني ، ولا يتحقق ذلك إلا بوضع ضوابط وشروط يتم بمقتضاها بناء الفصول ونظمها ، وقد سماها القرطاجني بالقوانين ، وقد حددها بأربعة قوانين وهي :

استجادة مواد الفصول وانتقاء جوهرها ( الألفاظ والمعاني ).

في ترتيب الفصول وموالاة بعضها البعض ( ملاءمة الفصل للغرض ).

في ترتيب ما يقع في الفصول .

في ما  يجب أن يقدم في الفصول وما يجب لأن يؤخر فيها وتختم به .

وحينما تستكمل القصيدة بناء فصولها وفق ما تقتضيه وحدة بنيتها وتماسك نسيجها ، فإن اختتام القصيدة لابد من أن تنتظمه خصائص أسلوبية ومعنوية مناسبة لما سبق من الأغراض والأساليب ، ومن هنا يضع القرطاجني حدودا (للخاتمة ) الذي ينبغي كما قال : ( أن تكون بمعان سارة فيما قصد به التهاني والمديح ومعاني مؤسية فيما قصد به التعازي والرثاء ، وكذلك الاختتام في كل غرض يناسبه ، وينبغي أن يكون اللفظ ف فيه مستعذبا جزلا متناسبا ،فإن النفس عند منقطع الكلام تكون متفرغة لتفقد ما وقع فيه غير منشغلة باستئناف شيء آخر...) .


  


د/ عبد الحميد جودي