المحاضرة الثالثة من المحور الاخير

ثانيا: الإقتباس:

   يقصد بالإقتباس شكل الإستعانة بالمصادر والمراجع التي يستفيد منها الباحث لتحقيق أغراض بحثه، فهو بمثابة استشهاد بأفكار وآراء الآخرين قصد تدعيم مواقف أو لإضهار وجهة نظر مغايرة، وفي كلا الحالتين يتوجب الإشارة إلى المصدر، وينسجم الإقتباس مع الطبيعة التراكمية للمعرفة، وعليه يجب الإهتمام بدقة الإقتباس من حيث ضرورته وأهميته.

   وتُنقل المعلومات من المراجع بطريقتين:

1-    الإقتباس المباشر:

   يكون الإقتباس المباشر في حال تعامل الباحث مع معلومات الكاتب بطريقة النقل الحرفي للفكرة، وذلك إما لأهميتها أو للإستشهاد بها لدعم رأي خاص أو فكرة شخصية، أو تقديم تعريفات أو مقولات باحثين، وعلى ذلك فنقل الباحث يكون تماما بنفس الشكل واللغة التي ورد فيها، ويكتب الكلام المقتبس بين مزدوجتين (شولتان) "..."، وتُحدد بعض المراجع في هذا الشأن عدد معين للأسطر المقتبسة لا يتجاوزها في العادة الإقتباس الحرفي، وعليه يكتب كسائر النصوص في البحث مع تمييزه بوضع أقواس صغيرة في بدايته أو نهايته، أما إذا كان الإقتباس يتجاوز ذلك الرقم فلا بد من تمييزه عن غيره من النصوص عن طريق كتابة النص المقتبس بخط أصغر أو بمسافة أقل بين الأسطر، ويتعلق الإقتباس الحرفي عموما بالمقولات والنظريات والتعريفات والقوانين وغيرها والتي يجب نقلها حرفيا، ويكون ترقيمها بين قوسين في المتن على أن يحمل الهامش نفس الرقم(4).

   وفي حال الحذف من الكلام المقتبس يشار إلى ذلك بوضع نقاط (...) مكان المادة المحذوفة، ومع أن ذلك جائز وجب الحرص على عدم تشويه المعنى.

   وإذا اضطر الباحث إلى زيادة حرف أو كلمة أو عبارة لإقامة معنى أو شرح كلمة أو لإتمام جملة أو إظهار ضمير، يوضع الكلام بين قوسين مركبين ] [  ومن المستحسن أن يشار إليه في الهامش.

2-     الإقتباس غير المباشر:

 ويعرف أيضا بالإقتباس بالمعنى، أي بإعادة صياغة بأسلوب جديد وبلغة جديدة، مع مراعاة عدم تشويه المعنى الذي يقصده صاحب الفكرة، وهذا النوع هو الغالب في البحث العلمي من حيث تظهر الطريقة العلمية للباحث وتتطلب منه كفاءة لغوية ومهارة وإتقان في التخصص، يظهر كل ذلك حين يحافظ الباحث أثناء اقتباسه على أهم أفكار النص وإلّا أصبح طمسا للمعلومات وانحرافا عن الغايات المراد تحقيقها في عملية نقل المعلومات(5).

3-      قواعد الإقتباس:

 تستدعي عملية الإقتباس التقيد بمجموعة قواعد أساسية، أهمها:

-           ضرورة الإشارة إلى مصادر الإقتباس.

-           الدقة وعدم تشويه المعنى من خلال الحذف أو الإضافة.

-           الموضوعية في الإقتباس بعدم اقتصاره على ما يؤيد رأي الباحث.

-           الإعتدال، بمعنى ألا يصبح البحث مجرد اقتباسات من الآخرين ودون مساهمة من الباحث.

-           ضرورة التمييز بين المادة المقتبسة بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال وضع ما يشير إلى ذلك.

-           أن تكون الأفكار المقتبسة ذات صلة بالبحث.

-           تجنب الإقتباس من المصادر غير الموثوقة علميا.

-           المشروعية في الإقتباس من خلال عدم الإفراط في كمية ونوعية المادة المقتبسة.

ثالثا: أساليب التهميش:

   يُعد استخدام الهامش عملية ضرورية لكل بحث علمي ويفيد في توجيه القارئ إلى المراجع المعتمدة في البحث، وقد يقدم معلومات إضافية كما قد يشرح بعض المصطلحات أو للتعريف بمكان ما وغيرها.

   والهامش هو كل ما يخرج عن النص من إحالات وتعليقات وشروح، ويعرف على أنه مدونات خارجة عن المتن ولكنها جزء لا يتجزأ منه، ويتكون من مجمل المراجع التي استخدمها الباحث في بحثه، يقدمها وكأنها أدلته على ما يسوقه من أفكار وما يقدمه من حقائق(6).

1-          أغراض وحالات إستعمال الهامش:

يستعمل الهامش عادة في الحالات التالية:

- ذكر المراجع التي تمت الإشارة إليها في المتن سواء كانت كتاب أو دورية أو غيرها والتي تم الإقتباس منها، ويتم وضع معلومات كافية عنها في هذه الحالة، وتسمى بالهوامش المرجعية.

- توضيح فكرة أو معنى أو مصطلح أو عبارة وردت في النص.

- إحالة القارئ إلى مصادر معينة تعطي معلومات أكثر حول موضوع ما، أو حتى إحالته على جزء آخر من البحث يغطي تلك الجزئية بأكثر تفصيل.

- التعريف بالأعلام والأماكن الواردة في المتن، وهذه تُعرف بالهوامش التعريفية.

- شرح أو تفصيل نقطة معينة أو مسألة فرعية تتصل بالموضوع وليس لها مكان في المتن.

ويُميّز المكان الذي يلزم فيه استخدام الحاشية بإحدى طريقتين:

- إعطاء رقم للحاشية يطابق ذلك الموجود في أعلى الكلمة في المتن، ولا ضرورة هنا لعلامة وقف بين الرقم والمرجع.

- وضع نجمة ( * ) في نهاية الجملة في متن البحث إذا كان النص يتكون من جداول أو مواد رياضية أو حتى أسماء أعلام(7).

- أساليب وطرق التهميش:

   هناك أربعة طرق رئيسية تستخدم في توثيق البحوث والدراسات العلمية، ورغم أنه يصعب تفضيل طريقة معينة على غيرها في التوثيق، إلّا أن لكل وجهة نظامية طريقة معينة دأب عليها وأصبحت فيها بمثابة أحد التقاليد المستقرة في بحوثها الأكاديمية، وهذه الأساليب هي:

     1.2-الطريقة الكلاسيكية:

   تتحدد هذه الطريقة بأن يوضع في آخر الإقتباس بعد نقطة نهاية الفكرة وإلى الأعلى رقما يتسلسل مع باقي الأرقام بنفس الصفحة، ويتكرر الترقيم بدءا من رقم واحد بالصفحة الموالية، وفي آخر الصفحة – بعد خط فاصل يُميّز المتن عن الهامش- يوضع الرقم المشار إليه في المتن، ويوثق المرجع بكل تفاصيله على النحو التالي:

 اسم المؤلف، عنوان المُؤلَّف، تحديد الجزء إن ورد، تحديد الطبعة إن وُجدت، دار النشر: مكان النشر، سنة النشر، رقم الصفحة.

-           في حال استعمال المرجع مرة ثانية، فإن كيفية التوثيق تكون وفقا لطريقتين:

أ‌-         إذا كان المرجع قد استعمل في الإقتباس الذي سبق مباشرة، أي دون ذكر مرجع آخر، يتم الإكتفاء بعبارة:

المرجع السابق، رقم الصفحة.

 أو بعبارة: نفس المرجع، ورقم الصفحة. وإن كانت الأولى أدق من حيث أن " الـ" تفيد التعريف وتؤكد على معرفة الشيء المقصود يقينا، ويقابل هذه العبارة باللغة الأجنبية ما يرمز له بـ Ibid.

ب‌-          في حال ذكر المرجع للمرة الثانية بعد توثيق مرجع أو مراجع أخرى، بمعنى أنه يفصل بين المرجع الحالي واستعماله السابق مرجع آخر، في مثل هذه الحالة يتم ذكر:

 اسم المؤلف، مرجع سبق ذكره، رقم الصفحة.

 أو إسم المؤلف، مرجع سابق، رقم الصفحة. وكل ذلك بدون "الـ" التعريفية.

-           في حال كان لنفس المؤلف أكثر من كتاب تم التعامل معهم في نفس البحث، يكون من الضروري ذكر:

 إسم المؤلف، عنوان المؤلَّف، مرجع سابق (أو سبق ذكره)، رقم الصفحة. ويقابل ذلك باللغة الأجنبيةop . cit

-           قد ترد حالات اقتباس لمعلومة ما من مرجع معين واستحال على الباحث الحصول على المصدر الأصلي، في هذه الحالة يشير إلى المصدرين الأصلي ثم الثانوي وذلك من خلال جمع المصدرين بـ " عن ".

-           قد تتضمن بعض المراجع تفاصيل كثيرة وقد تحمل عناوين طويلة، يمكن للباحث في مثل هذه الحالات أن يُعد بيان بالمختصرات يرد في مقدمة البحث أو عند أول استعمال للمرجع،على أن يقتصر على استعمال تلك المختصرات في حال تكرار نفس المرجع.

-           وفي حال استعمال الهامش وكان طويلا لا تضمه نهاية الصفحة، فيمكن كتابة ما تبقى في الصفحة الموالية من خلال وضع إحالة أو إشارة انتقال الكتابة ومتابعة القراءة في الصفحة الموالية، ورمز ذلك ( = ) وتوضع في أقصى نهاية الصفحة، وفي بداية الهامش بالصفحة الموالية.

2.2-طريقة الجمعية النفسية الأمريكية APA:

   في هذه الطريقة يتم الإشارة إلى المصدر في نهاية الإقتباس بوضع اسم المؤلف والسنة بين قوسين وذلك في حال الإقتباس غير المباشر، فإن كان الإقتباس مباشر وجب كتابة رقم الصفحة.

 مثال: (المنوفي، 1999، 85)، ويكون التهميش بذلك بجانب جملة التوثيق في المتن.

   وفي نهاية البحث يقوم الباحث بترتيب جميع المصادر التي اقتبس منها هجائيا، على أن يقدم معلومات كاملة عن المرجع، وذلك على النحو التالي:

أ‌-         بالنسبة للكتب:

-           كمال، المنوفي (1999)، أصول النظم السياسية المقارنة. مصر. القاهرة: دار النهضة العربية للنشر والتوزيع.

-           في حال عدة مؤلفين:

  محمد طه، بدوي؛ وليلى، مرسي (2004). مقدمة إلى العلاقات السياسية الدولية. القاهرة: أليكس لتكنولوجيا المعلومات.

-           الكتب المترجمة:

 - كارل، دويتش (1983). تحليل العلاقات الدولية. تر: شعبان محمد محمود. مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب.

ب‌-    بالنسبة للمجلات:

-الإسم الأخير للباحث، الإسم الأول (سنة النشر): " عنوان المقال ". إسم المجلة، (رقم العدد)، الصفحة، البلد.

ت- بالنسبة للرسائل العلمية:

-الإسم الأخير للباحث، الإسم الأول ( السنة ). "عنوان البحث ".      ( أطروحة دكتوراه ). الجامعة. البلد، الصفحة.

وكثيرا ما يستخدم هذا النظام خاصة في بعض فروع العلوم الإجتماعية.

3.2- نظام التوثيق وفقا لجمعية اللغات الحديثة MLA:

   يقوم هذا النظام على كتابة التوثيق بجزئين: يحمل الأول رقم الصفحة في نهاية جملة التوثيق توضع بين قوسين، والآخر بذكر اسم المؤلف الأخير بجانب جملة التوثيق. ويستعمل هذا النظام لعدم مقاطعة القارئ أثناء عملية القراءة، يقوم بعدها القارئ بكتابة التوثيق في نهاية البحث بكتابة اسم مؤلف الكتاب الذي استعمله في بحثه:

الإسم الأول. عنوان المؤلف تحته سطر: مكان صدور المرجع، تاريخ النشر.

مثال: كمال، المنوفي. أصول النظم السياسية المقارنة: أصول النظم السياسية المقارنة: القاهرة، 1999.

  ويستخدم نظام التوثيق وفقا لجمعية اللغات الحديثة خاصة في مراجع العلوم الإنسانية.

4.2- أسلوب نظام هارفارد:

  يعتمد هذا الأسلوب كسابقيه على التوثيق في المتن بعد انتهاء النص المقتبس أو بعد الفكرة مباشرة، وذلك بأن يوضع بين قوسين لقب المؤلف فقط، تاريخ النشر. وفي حال كان لنفس المؤلف عنوانين صدرا في نفس السنة فيتم التمييز بينهما بإضافة حروف أبجدية بجانب سنة النشر.

 مثال:

( اسماعيل، 1997، ص25)، على أن يذكر المرجع بكل تفاصيله في قائمة المراجع كالتالي:

- إسم العائلة، الإسم الأول (سنة النشر). عنوان المُؤلَّف، مكان النشر: الناشر.

 - وإذا كان لمؤلفين يُفصل بينهما بفاصلة منقوطة ( ؛ ).

  - وفي حال كان المرجع مجلة أو نشرية أو صحيفة، فيضاف إلى النظام السابق رقم العدد بعد سنة النشر.

- إذا ورد ذكر اسم المؤلف في سياق الحديث لا يعاد كتابته داخل القوسين، ويتم الإكتفاء بكتابة (1997، ص25).

- إذا كان المرجع لأكثر من مؤلف تجمع الأسماء الأولى بـ " و ".

 مثال: (بدوي و مرسي، 2004، ص50)، وإذا كان لأكثر من مؤلفين يكون: (بدوي وآخرون، 2004، ص50).

- إذا كان المرجع صادر عن مواقع إعتبارية فيستعيض الباحث عن المؤلف بذكر الجهة:

مثال: (جامعة محمد خيضر، 2017).

   هي إذن تفصيل لكيفيات التعامل مع المراجع وفقا لطرق متعددة، ورغم وجود بعض الإختلافات الشكلية في ذلك، فإن مثل هذه الإختلافات لا تعتبر أخطاء بقدر ما هي طرق ينبغي الإلتزام بها دون خلط مع غيرها، على أن الملاحظ هو أن لكل علم طريقة تنسجم معه وتلائمه، كما هو الحال في انسجام الطريقة الكلاسيكية مع البحث السياسي مثلا.