تعتبر المنهجية العمود الفقري لأي بحث جاد في الحقول العلمية المختلفة، وتتحدد على أساسها حدود البحث ومعالمه.

فالباحث أو الطالب في البحوث الاجتماعية والإنسانية مثلا يسعى إلى معرفة اكتشاف الأسس والمبادئ التي تؤدي إلى حدوث ظواهر اجتماعية وإنسانية محددة، وتتحكم بها، وبما يساعده على تفسيرها، ومن ثم تحديد نتائجها، فضلا عن توصل هذا الباحث إلى كيفية التحكم بمثل هذه الظواهر، وعلى هذا الأساس فإنه لا يمكن للباحث أن يسعى لتحقيق هدفه أو أهدافه البحثية التي حددها من دون أن يضع منهجية واضحة المعالم، وينفذها.

وعليه فالبحث الجيد المطلوب والمحقق للغرض الذي يحددها الباحث سواء أكان مذكرة تخرج أو رسالة ماستر أو أطروحة دكتوراه بمختلف مستوياتها العلمية والأكاديمية ينبغي أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط العلمية والمستلزمات البحثية الأساسية والمتمثلة في التنظيم والتسلسل وكذا التداخل بين المراحل المختلفة، أي أن تكمل خطوات وإجراءات البحث بعضها البعض بهدف الوصول إلى نتائج ذات الصلة بموضوع البحث.

ومن بين أولى هاته الخطوات مرحلة بناء وصياغة إشكالية بحث والتي تعتبر إحدى المحطات الرئيسية الهامة في البحث العلمي والتي تتطلب تحديدا دقيقا وطرحا علميا سليما، هذا ما سيتم التفصيل فيه في هاته المحاضرات بالإضافة إلى تحديد المتغيرات ومفاهيم الدراسة ووصولا إلى تدريب الطالب على كيفية طرح التساؤلات والفرضيات بطريقة علمية وأمثلة واقعية لها علاقة مباشرة بالتخصص.

كما سنحاول أيضا التطرق إلى مفهوم الدراسات السابقة وأهميتها العلمية في البحث العلمي، مع تدريب الطالب عمليا على كيفية تلخيصها وتوظيفها في بحثه العلمي.

سنتعرض لموضوع المعاينة في العلوم الإنسانية والاجتماعية وذلك بتحديد مفهومها أولا وأهم المفاهيم الأساسية المرتبطة بها ثم توضيح أنواعها الرئيسية مع التركيز على الاختبار العلمي الدقيق بالطريقة الإحصائية العلمية.

ثم سنحاول التركيز على أدوات جمع البيانات لأن كل البحوث والدراسات وبدون استثناء تتطلب جمع بيانات ومعلومات لاختبار فروض أو الإجابة عن الأسئلة أو تحقيق أهداف البحث، وصولا إلى نتائج الدراسة وكتابة التقرير النهائي حول البحث، كل هاته النقاط الأساسية الهامة المرتبطة بكيفية إعداد بحث علمي هي بمثابة الهدف الأساسي للمقياس المقرر.