سعت الجزائر بعد حصولها على استقلالها السياسي إلى رسم معالم استقلالها الاقتصادي محاولة رسم خطة تنموية واضحة لإعادة بناء الاقتصاد الوطني ، الذي حوله المستدمر من اقتصاد متكامل ومنسجم إبان الحقبات التاريخية المتعاقبة إلى اقتصاد تابع ، يرتكز بصورة شبه كلية على خدمة مصالح الفرنسيين ؛  تم انتهاج في سبيل إصلاح الاقتصاد والمجتمع على اعتبار العلاقة الوظيفية الهامة  بين المفهومين – هذا بعد الاستقلال – عدة خيارات اقتصادية اتسمت كل منها بايجابيات وسلبيات على المجتمع الجزائري .

         أولى هذه المراحل هي مرحلة التسيير الذاتي الصناعي والزراعي ؛ والذي جاء كل منهما وليد الظروف الصعبة التي عرفها الاقتصاد الجزائري بعد الاستقلال مباشرة ، فمكان إلا على السلطات السياسية تزكية هذا النوع من الإدارة ؛ وذلك بإصدار عدة قرارات تحدد الصبغة التنظيمية للمزارع والمؤسسات المسيرة ذاتيا ؛ لكن هذا النمط عرف العديد من المشاكل والصعوبات ؛  مما أدى بالدولة الجزائرية إلى الانتقال إلى نمط آخر وهو النمط الاشتراكي أو النموذج الاشتراكي ،والذي كان له أثر كبير على الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع الجزائري ؛ إلا أنه بالرغم من الجوانب الايجابية التي ارتبطت به ؛ ففي المقابل برزت العديد من السلبيات على مستوى العديد من الأصعدة ، مما استلزم على السلطات السياسية التخلي التدريجي عن الاقتصاد الموجه هذا في بداية الثمانينات وصولا إلى تطبيق اقتصاد السوق وذلك لمعالجة الاختلالات  الداخلية والخارجية خصوصا  بعد الصدمة البترولية سنة 1986 .

        كل التفاصيل المتعلقة بهاته التحولات المتعلقة بالاقتصاد وانعكاساته على المجتمع الجزائري ، سيتم التفصيل فيها من خلال سلسلة المحاضرات والتي نهدف من خلالها تحديد معنى المؤسسات الاقتصادية ، أهميتها ، ثم خصائصها والاقتصاد الجزائري قبيل وأثناء الاستعمار ، وانعكاس كل محطة من هاته المحطات على المجتمع الجزائري، مع تمكين الطالب من الالمام نقاط القوة و الضعف للاقتصاد الجزائري .