لقد أصبحت العولمة واقعا موضوعيا تعيشه كل دول العالم، وقد تجلت مظاهرها في جميع الجوانب السياسية، الاجتماعية والاقتصادية، فما من دولة اليوم تستطيع أن تصرف النظر عن ارتباطها بالاقتصاد العالمي، خاصة في ظل التطورات المتلاحقة التي شهدها العالم في الآونة الأخيرة، وبروز قوى هائلة تضم مجموعة من التكتلات الدولية الإقتصادية، وظهور عدة هيئات، ومنظمات دولية كصندوق النقد الدولي، البنك العالمي، المنظمة العالمية للتجارة إلى جانب الشركات المتعددة الجنسيات التي تدعم هذا التوجه، فكل هذه التغيرات شكلت فجوة عميقة بين الدول، ففي الوقت الذي تزداد فيه قوة التكتلات الإقتصادية يزداد ضعف الدول النامية نظرا لهشاشة اقتصادياتها كونها حديثة الإستقلال، لذلك لجأت هذه الأخيرة  إلى تبني برامج اصلاح اقتصادي اعتمادا على قوى السوق، وتراجع الدولة في النشاط الاقتصادي، وذلك عن طريق تحديد التجارة، وتشجيع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إليها، وبالتالي فقد دخلت في تنافس حاد من أجل الإندماج في الاقتصاد العالمي باعتباره آلية من آليات دفع عجلة التنمية، وتصحيح موقعها في خريطة العالم الاقتصادي.

والجزائر باعتبارها من البلدان السائرة في طريق النمو فقد أضحت مجبرة على مسايرة كل هذه المستجدات حتى لا تظل في معزل عن الاقتصاد العالمي، فقد كشفت أزمة انهيار أسعار البترول لسنة 1986 فشل النموذج الاشتراكي المتبع أين كانت الدولة هي المحتكر الوحيد للقطاع الاقتصادي إذ أن هذه الأزمة أثرت كثيرا على الاقتصاد نتيجة انخفاض المداخيل من العملة الصعبة، والشيء الذي جعل الحكومة الجزائرية تفكر في إصلاحات هيكلية محاولة إرساء قواعد اقتصاد السوق، ومن هذا المنطلق وبغية انعاش الاقتصاد لم تجد السلطات العمومية أمامها سوى اعتماد نظام تشجيع الاستثمار الاجنبي الذي يعد قناة رئيسية تتدفق عبرها الخبرة، أو المعرفة العلمية، والفنية وكذلك تدفق رأس المال ، وغالبا ما يؤدي الاستثمار إذا ما أحسن استخدامه، وتنظيمه دورا كبيرا في تنمية اقتصاد الدولة التي تستضيفه من خلال رفع القدرات الانتاجية لاقتصادها، وزيادة معدل التشغيل فيها، بالإضافة إلى ادخال التكنولوجيا المتقدمة، والخبرات الفنية، والإدارية، وغيرها من آثار ايجابية أخرى، ونظرا لهذا الدور المهم والحيوي الذي  يلعبه الاستثمار في تحقيق التنمية الاقتصادية للدولة المضيفة، تضع هذه الدول في مقدمة أولوياتها جذب الاستثمارات الأجنبية إلى اقليمها، وتعمل على توجيهها، وتستند في ذلك إلى نظام المعاملة الأفضل.

أهمية الموضوع:

 يستمد الموضوع أهميته من كون أن الاستثمار من أهم الآليات الأساسية لتحقيق النمو الاقتصادي حيث أولته الدولة الجزائرية اهتماما خاصا، وعملت على تشجيع المستثمرين وتبديد مخاوفهم، وترددهم في استثمار أموالهم من خلال توفير مناخ ملائم لاستثمار، ويقصد بهذا الأخير جملة من الأوضاع والظروف السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والقانونية، وكذا التنظيمات الإدارية التي تكون المحيط الذي تتم فيه العملية الاستثمارية، والتي ترتبط فيما بينها، وتتفاعل لتشكل مجتمعة دافعا للأجيال على الاستثمار أو عاملا للانصراف عنه.

ولسنا هنا بصدد دراسة مختلف العناصر المكونة المناخ الاستثمار لأن ذلك بحاجة إلى دراسة معمقة ، ومفصلة من طرف كل صاحب اختصاص، وانما ينصب اهتمامنا كقانونيين على الاسهام في دراسة مدى تأثير الأوضاع القانونية والتنظيمات الادارية في هذا المناخ، وذلك إدراكا منا بعبئ المسؤولية التي تقع على عاتق رجل القانون، وأهمية الدور الذي يجب أن يقوم به في ظل اقتصاد السوق ، وهو بناء منظومة قانونية وتنظيمية تتناسب والمفهوم الحقيقي لإقتصاد السوق ، وخلق آليات تنفيذية على مستوى عال من الكفاءة والفعالية ، وتتولى مهمة تجسيد الأحكام القانونية والتنظيمية على أرض الواقع .

وباعتبار الأوضاع القانونية، وكذا التنظيمات الإدارية أحد العناصر المكونة لمناخ الاستثمار، فإنها تكون مسؤولة عن بعض أوجه القصور أو الخلل الذي يعيب هذا المناخ، والذي يجد مصدره في جوهر السياسة الاستثمارية أو في أسلوب صياغتها أو يرجع إلى طريقة تطبيق مضمون القانون.

فإن كان وجود سياسة استثمارية واضحة، ومستقرة نسبيا كفيل ببث الثقة في نفوس المستثمرين وكان التعبير الرسمي عن هذه السياسة على قدر كبير من الوضوح، والدقة في الصياغة بحيث يضفي الشفافية على العلاقات الاستثمارية، فإن مسألة تطبيق القانون تشكل محور اهتمام المستثمـر، والفيصل في اتخاذ قراره الاستثماري، لأنها بمثابة المؤشر الذي يدل على نية الدولة، ومصداقيتها في التخلي تدريجيا عن دورها في تسيير الاقتصاد، وفتح المجال أمام المستثمرين الخواص للتكفل بأعباء التنمية الاقتصادية.

و في هذا الاتجاه نجد أن المشرع الجزائري قد أحدث قطيعة مع استراتيجيات التنمية لثلاث عقود خلت (1963-1993) والتي كانت قائمة على إعطاء الأولوية للاستثمارات العمومية ، وتهميش الاستثمارات الخاصة، إذ انه منذ ابتداء صدور قانون الاستثمار سنة 1963 إلى غاية 1993 اعتمدت الجزائر على نظام الرقابة على الاستثمارات الأجنبية ، وقد ترجمت المنهجية الليبرالية اتجاه المستثمر بصدور المرسوم التشريعي رقم 93-12 المؤرخ في 05/10/1993 المتعلق بترقية الاستثمار، وقد أظهر مدى تشجيع الدولة للاستثمارات الأجنبية، ويتبين ذلك من خلال عدة ضمانات  وامتيازات جوهرية خصصت لها، خاصة مع تكريس مبدأ حرية الصناعة والتجارة بموجب المادة 37 من دستور 1996 ، وقد تلى هذا المرسوم عدة قوانين أخرى أهمها الأمر رقم 01/03 المعدل والمتمم بالأمر رقم 06/08 والأمر رقم 09/01 والأمر رقم 10/01 المؤرخ في 29/08/2010  والذي ألغي هو الآخر في إطار الإصلاحات الاقتصادية بموجب القانون رقم 16/09 المؤرخ في 03 أوت 2016، والمتعلق بترقية الاستثمار الذي لم يفعل بعد في انتظار صدور المراسيم التنظيمية الخاصة به، كما عززت كذلك الجزائر هذا الخيار بإبرامها  العديد من الاتفاقيات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف، ودعمها للشراكة الأجنبية التي تعد وسيلة لجلب الأموال، والتكنولوجيا، خاصة وأن الجزائر اليوم تواجه رهانات صعبة تتعلق بمحاولة انضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة، والذي أضحى أمرا حتميا في إطار عولمة الاقتصاد.

المبحث الأول: مدلول الإستثمار

المطلب الأول: المدلـــــــــول الاقتصــــــــــادي للاستثمـــــــــار

المطلب الثاني: المدلــــــــول القانـــــــــوني للاستثمـــــــار

الفرع الأول: تعريـــف الإستثمار في الاتفاقيــــات الدوليـــــة

الفرع الثاني: تعريف الإستثمار في التشريعــــــات الوطنيـــــــة

المبحث الثاني: أشكــــــــــــــال الإستثمار

المطلب الأول: الإستثمار الاجنبي المبــــــــــاشر

الفرع الأول: المشروعـــــات المشتركــــــة (الإستثمارات الثنــــــائية)

الفرع الثاني: الشركـــــــــات متعـــــــددة الجنسيــــــــات

المطلب الثاني: الإستثمار غير المبــــــاشر

الفرع الأول: القــــــــروض

الفرع الثاني: الاكتتاب في الأسهم والسندات التي تصدرها الدولة المستقطبة للاستثمار

المبحث الثالث: دور الإستثمار في تحقيـــــق التنميــــــة الاقتصـــــادية

المطلب الأول: مفهــــوم التنميــــــة الاقتصــــــــادية

الفرع الأول: النظريـــــــــة التقليــــــدية

الفرع الثاني: النظريـــــــــة الحديثــــــــة

المطلب الثاني: مؤهلات ومقومــــــات الإستثمار

الفرع الأول: مؤهـــــــلات الإستثمار

الفرع الثاني: مقومـــــات (مح

الفصل الأول: الأحكام القانونية المتعلقة بضمانات الإستثمار

المبحث الأول: الضمانات الموضوعية المقررة في قانون الإستثمار الوطني

المطلب الأول: الضمانات الممنوحة عند الشروع في الإستثمار

الفرع الأول: ضمان حرية الإستثمار

الفرع الثاني: ضمان مبدا المساواة

المطلب الثاني: الضمانات الممنوحة بعد الشروع في الإستثمار

الفرع الأول: ضمان استقرار التشريع

الفرع الثاني: ضمان حرية تحويل الأموال

الفرع الثالث: ضمان عدم نزع الملكية

المبحث الثاني: الضمانات المقررة عن عقود الإستثمار

المطلب الأول: مفهوم عقود الإستثمار

الفرع الأول: تعريف عقود الإستثمار

الفرع الثاني: نماذج عن عقود الإستثمار

الفرع الثالث: أطراف عقود الإستثمار

الفرع الرابع: الطبيعة الخاصة لعقود الإستثمار ومعيار دوليتها

المطلب الثاني: الحد من سلطات الدولة كشرط ضمان لإبرام عقود الإستثمار

الفرع الأول: المبادئ الأساسية لتحديد سلطات الدولة

الفرع الثاني: حدود سلطات الدولة التش

الفصل الثاني: الأحكام القانونية المتعلقة بحوافز الاستثمار

المبحث الأول: منح الحوافز الجبائية والجمركية

المطلب الأول: مفهوم الحوافز الضريبية والجمركية

الفرع الأول: تعريف سياسة التحفيز الضريبي

الفرع الثاني: شروط فعالية سياسة التحفيز الضريبي

الفرع الثالث: صور سياسة الإعفاءات الضريبية

المطلب الثاني: نظام الحوافز الجبائية والجمركية في قانون الاستثمار الجزائري

الفرع الأول: نطاق تطبيق نظام الامتيازات الضريبية والجمركية

الفرع الثاني: محتوى الحوافز الضريبية والجمركية

المبحث الثاني: منح الامتياز العقاري

المطلب الأول: مفهوم عقد الامتياز وتحديد طبيعته القانونية

الفرع الأول: مفهوم عقد الإمتياز

الفرع الثاني: تحديد طبيعته القانونية

المطلب الثاني: حدود استغلال العقار الصناعي محل عقد الامتياز

الفرع الأول: المناطق الصناعية والمناطق الخاصة

الفرع الثاني: المؤسسة العمومية الاقتصادية

المطلب الثالث: أساليب منح امتياز استغلال العقار الصناعي

الفرع الأول: أسلوب المزاد العلني

الفرع الثاني: أسلوب التراضي

ريعية

الفصل الأول: الأجهزة الوطنية المكلفة بترقية وتوجيه ودعم الإستثمار

المبحث الأول: الأجهزة المباشرة الناظمة لعملية الإستثمار

المطلب الأول: المجلس الوطني للاستثمار      

الفرع الأول: تشكيلة المجلس الوطني للاستثمار

الفرع الثاني: صلاحيات المجلس الوطني للاستثمار

المطلب الثاني: الوكالة الوطنية لتطوير الإستثمار

الفرع الأول: الهيكل التنظيمي للوكالة الوطنية لتطوير الإستثمار

الفرع الثاني: الإطار الوظيفي للوكالة الوطنية لتطوير الإستثمار