عنوان المحاضرة:السوسيولوجيا في الجزائر:

-لقد كانت السوسيولوجيا منذ نشأتها تسعى لدراسة العلاقات المتبادلة بين افراد المجتمع، فهو يصفها و يحللها و يفسرها و هذا من اجل اكتشاف القوانين التي تتحكم فيها و السعي بتنبؤ بها مستقبلا و من اجل ذلك احتلت السوسيولوجيا الريادة لوجها كافة الميادين لحل المشكلات التي كانت تعترض تطور هذه المجتمعات.

لقد دخلت السوسيولوجيا الى الجزائر عن طريق الكلونيالية الفرنسية بغض النظر عما اذا كانت هذه الدراسات موجهة لخدمة الاستعمار الفرنسي او لخدمة الدراسات الاكاديمية البحثة،كما تتلمذ على يد هؤلاء الباحثين الكلونياليين عدد كبير من الطلبة الجزائريين و المغاربة اللذين كانوا يدرسون علم ااجتماع ضمن الفلسفة في المعهد الذي تم احداثه في جامعة الجزائر سنة1952  و هم الذين تابعو المسيرة السوسيولوجية في الجزائر وشمال افريقيا خاصة بعد الاستقلال و هذا يقودنا الى التحدث عن المرحلة الثانية من مراحل الحاسمة في التجربة السوسيولوجية و في الجزائر التي انطلقت غداة الاستقلال.

-يمكن طرح جملة من التساؤلات : هل المقاربات السوسيولوجية المستعملة اكاديميا مواءمة للواقع الجزائري بكل مشاكله و اشكالاته؟ و هل هناك تطابق بين وحدات التحليل في الدراسات السوسيولوجية في الجزائر و المقاربات النظرية المتبناة؟ و هل باستعمالنا للمقاربات السوسيولوجية نطمح الى بناء سوسيولوجيا عن الواقع الجزائري؟ام ننتهي الى ركام معرفي يصعب تحديده وفقا للقوالب العلمية؟و هل بقيت وحدة التحليل نفسها في البحوث السوسيولوجية؟ام انها خاضعة للتغيير؟ و اذا انتقى المجتمع كمفهوم كما كان في الدراسات الكلاسيكية لأنه مفهوم افتراضي،فماذا ندرس في علم الاجتماع اذن؟

السوسيولوجية الكلونيالية:

السوسيولوجية الكلونيالية هي تلك الدراسات و الاعمال التي اجريت خلال المرحلة الاستعمارية في الجزائر و التي عملت على دراسة المجتمع الجزائري و التنقيب في بناياته الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية و ذلك محاولة منها منها لفهم الميكانيزمات التي تتحكم في البنى الاجتماعية و الثقافية سواء لخدمة الايدولوجيا الكلونيالية او لخدمة البحث العلمي، اذ عملت السلطات الفرنسية على دراسة البناء الاجتماعي للشعب الجزائري و التنقيب عن مواطن القوة و مواطن الضعف في هذا البناء عن طريق جيش من العملاء و الباحثين السوسيولوجيين و الانتروبولوجيين و الضباط و الاكادميين و ذلك بغية تفكيكه و محو مقوماته الروحية و الوطنية وزرع الافكار الهدامة بان الجيش الفرنسي لا يقهر وزرع البدع و الخرافات و انتهاج سياسة التجهيل لان الاستعمار الفرنسي كان يدرك ان الشعب الجزائري لا يمكن هزمه إلا من خلال بنائه الاجتماعي و هذا ما حصل حيث قامت السلطات الفرنسية بدراسة كل المقومات الروحية و الدينية و الوطنية و الثقافية غير انه في الحقيقة لم تكون كل الدراسات السوسيولوجية في الحقبة الكولونيالية موجهة لخدمة مصالح الاستعمار فقط بل منها من كانت دراسات سوسيولوجية اكاديمية بحتة قام بها مجموعة من الباحثين الاكاديين الذين قاموا بدراسات جادة في هذا المجال، و من بين الدراسات السوسيولوجية اكاديمية بحتة قام بها مجموعة من الباحثين الاكادميين الذين قاموا بدراسات جادة في هذا المجال و بين الدراسات السوسيولوجية ما قام به عالم الاجتماع جاك بيرك و ترك ما يزيد عن 43 مؤلف و ما يقارب 200 مقال و رغم قيامه بمهام في الادارة الكولونيالية إلا انه استطاع ان يقوم بالقطيعة مع الايديولوجية الكولونيالية.

 و من العلماء الذين اصلوا لعلم الاجتماع في الجزائر نجد ماسكراي  و لقد قام ماسكراي بدراسة مختلف القبائل و العروش الجزائرية من عرب و قبائل و ميزاب و ذلك بالتقرب منها و الاقامة مع سكانها كمنطقة ميزاب التي مكث فيها لأكثر من شهرين باستعمال اسلوب المخادعة بلبس لباسنهم و تكلم لغتهم و هذا ما سمح له بفهم طبيعة هذا المجتمع المتميز بالانغلاق.

 و من بين الباحثين الذي اهتموا بالأولياء و الكرامات و كذلك الدراسات المونوغرافية للمدن الجزائرية نجد العقيد كورنيل تريملي و الذي يعد بمثابة مؤرخ السوسيولوجية الكلونيالية بالجزائر و افريقيا عامة  و قد قامت بدراسة حول مديتي البليدة و بوفاريك من خلال الطابع العمراني للمدينتين و طبيعة سكان المنطقة و القبائل التي ينتمون اليها و هذا خدمة للمصالح الاستيطانية.

 و بهذا دخلت السوسيولوجيا الى الجزائر عن طريق الكلونيالية الفرنسية بغض النظر عما اذا كانت هذه الدراسات موجهة لخدمة الاستعمار الفرنسي او لخدمة الدراسات الاكاديمية البحتة، كما تتلمذ على يد هؤلاء الباحثين الكلونيانيليين عدد كبير من الطلبة الجزائريين و المغاربة الذين كانوا يدرسون علم الاجتماع ضمن الفلسفة في المعهد الذي تم احداثه في جامعة الجزائر سنة 1952 و هم الذين تابعو المسيرة السوسيولوجية في الجزائر و شمال افريقيا خاصة بعد الاستقلال .